رئيس التحرير

هيثم زينهم رئيس التحرير يكتب : ( الهداف )  بعد رحيلك يا أبى انكسر ظهرى و أبتِ الشمس الشهود

الثلاثاء 26-07-2022 01:10

بقلم : هيثم زينهم …  رئيس التحرير

فى التاسعة مساء الجمعة الحادى عشر من فبراير توقّف الزمن تلك اللحظة, الشّمس أبتِ الشّهود, فتوارت خلف سحاب يتيم, صور استعدّت للفجيعة, لبست أثواب الثّكل, صرخت بكلّ الوجع الكامن فيها منذ قرون وانا على فراش المرض متأثرا بالقاتل اللعين كورنا غزت جسدى وجسد والدى وفى عزلى ووحدتى تلقيت نبأانكسارى وانهزامى نبأ لم اتلقيه من قبل نبأ مسموم اشد وطأة من كورنا القاتلة الغازية , نبأ وفاة والدى الأصل والسند معلم الاجيال الذى نشر علمه فى ارجاء المعمورة تلقيت نبأ وفاته كالصاعقة التى احلت على رأسى فقد فقدت الصديق والاخ والسند والاصل فقدت الطيبة وحسن الخلق فقدت ابى مصباح حياتى

فقد افترقنا عشرة ايام كورونا القاتلة غزت جسدينا فقد ذهب للمستشفى وذهبت انا فى عزلتى بالقاهرة اقاوم مرض الاصل والسند والدى وادعوا له بالشفاء واقاوم كورونا ذلك العدو الذى ابى ان يتركنا الاثنين فارتبطت ووالدى بذلك اللعين وكانت مشيئة الله ان يأخذ تلك الروح الطيبة الطاهرة الأمينة الى السماء وابقى انا منكسرا حزينا دون سندى فى الحياة

لم اتمالك نفسى وكأننى طفلا صغيرا اجهشت بالبكاء وانهارت قواى ولما لا فقد رحل استاذى ومعلمى وقدوتى واخى وصديقى ووالدى ابى الغالى مربى الاجيال الاستاذ زينهم عيسى رحمة الله فكان لابد من اللقاء الاخير كان لابد ن اراه قبل ذهابه الى السماء واقبله القبلة الاخيرة التى تمنحنى الحياة من بعده وقدحدث وسعدت برؤيته ووجهه كل نورا وقبلته القبلة الاخيرة وودعته الوداع الاخير وافترقت اجسادنا دون ان تفترق اراواحنا .

تركتنى يا ابى وذهبت روحك الطاهرة الى السماء تركتنى وانا فخورا بك فلست ربيب بيوت البكاوات، ولم تلدك رحم الاقطاع وما كان أبوك نحاساً على أعتاب الزعماء، ولا كانت أمك ماشطة في قصور الأثرياء، انت منذ كنت صديق البلابل، أليف العلم  ووالانسانية ، خليل الفلاحين المغروسين في حقوقهم كالنخيل .. معلما للاجيال عرفك الجميع بثياب التعب عرفوك وأحبوك ، كادحاً مع الكادحين مخلصا لدينك ووطنك ومجتمعك وعملك ولعائلتك وأسرتك .

تعلمت منك استاذى ومعلمى وقدوتى ووالدى الغالى ان مقياس التقوى والإيمان الحقيقي العميق يتجسد ويتجلى بالسلوك والمعاملة، بالصدق والوفاء، بالأمانة والإخلاص، بالتضحية والإيثار، بالمواساة والإحسان، بالانتظام وحسن الإدارة، بالترتيب والنظافة، باللياقة واللباقة والاحترام .

اليوم بعد وفاتك يا ابى  لن أستعير التشابيه, ولن أستجدي الكلمات, وقد أرحت النقد من سُقيا القلم اليوم سأكتب عنك, بخفق القلب سأكتب, بانحناء العقل إعجاباً وإكبارا, باعتصار الرّوح حزنا, بحروف مسكوبة من كأس الحزن  ..  سنوات وقد حرمك القدر نعمة الصحة, فبت  رهينة الأوجاع, أسير الآلام, امتدّت يدّ المرض إلى أحشائك لتغتال إرادة البقاء, لتطفئ النور, وبات الموت شبحاً يتراءى لك في عقارب الساعة, في تبدّلات الفصول, في الحقائب والوجوه, كما عشت حياتك بطلا وقائدا ومعلما تدافع عن وطنك جنديا شريفا فى حرب 67 وحرب 73 حاربت المرض سنوات عديدة بعد خروجك على المعاش الاان الغازى الجديد كورونا انهكك فى ايام رغم سنوات حروبك الطويلة فى الحياة وفى سنوات مرضك  رغم أعاصير الوجع وحتميّة الضعف, رفضت أن تتجر بألامك  أن تستدرّ الشفقة على شاشات الفرجة, أن تطلق نداءً يوقظ النفوس للعطاء, أو صرخة تعرّي المرائين من أقنعة مزيّفة . بل كنت من تمنحنا العطاء ونستمد منك قوتنا فقد رحلت عنا وتركت لنا تاريخا عامرابمكارم اخلاقك وحسن سيرتك وفضائل علمك رحلت عنا بغته وتركت لنا الحب الذي غرسته بذرة فينا يوم كان يضنىينا التصحّر !

حريّ بقلبي أن يتفطّر حزناً حين أرى  أريكتك دونك حين ارى بيتنا دونك وحين  ارى كتبك ومكتبتك دونك ومصحفك كتاب الله الذى لم يفارقك ابدا فى حياتك وان كان يسعدنى الان ان كتاب الله اصبح الان حجة لك عند الله وليست عليك

والدى كما كنت تعيش فى غرفتك وتقضى يومك على الاستماع للقرأن الكريم فقد تركنا من بعدك صوت المذياع على اذاعة القران الكريم فى غرفتك لم نغير المؤشر على اذاعة القران لكريم ليلا ونهارا مستمرة فى غرفتك كما كنت تفعل فارقد بسلام فقد فعلت لاخرتك ولم تترك لنا الا الدعاء لك  فقد تركت انت علما ينتفع به وصدقة جارية انت من فعلتها ويبقى لنا الدعاء لك فعملك لم ولن ينقطع فى الدنيا ولن نخذلك يوما ما يامن انحنيت لنعلو نحن يامن كنت معطف الدفئ فى ليالى العمر الباردة فقد رحلت ورحل معك الامان

ابى اعاهدك

اعاهدك يا ابى مازرعته فى سيبقى حتى نلتقى فى الدار الاخرة اعاهدك كما زرعت واكدت مرارا يتسع صدرى الى  الكون حلما وحنانا ان اعفو عمن أضرم لى نار حقده , واننا جميعا شركاء فى الانسانية نتفاضل  بصفاء الروح وتقوى الإله.

ابى الغالى اصلى وسندى بفراقك  يتوشّح الحزن سواداً, وتغيب جمالية اللون ليصبح وعاءً لمختزن الكآبة والوهن. وتكتمل اللوحة حين تغيب ألوان الحياة, لينسج اليأس خيوطه في ثغرات القلب التوّاق للفرح عذرا أيها الحزن .. هكذا عرفتك بعد رحيل ابى  .. هكذا قرأتك في كل العيون الشاحبة والوجوه المتعبة .. التقيتك عند يوم فراق ابى , ورأيتك ساكناً في تفاصيلى.. حتى غدوت لأياميّ عنواناً, ولسفينة أحلامي ربّانا .. لكن والدى علمنى أن أوصل الذات بامتزاجات طيفك وبقايا الأمل … ايها الحزن الصديق .

أبى أيها الغائب الحاضر عليك الرحمة التي تنام معك طويلا عليك الأمان يا أبي إلى يوم يبعثون طبت برياض الجنة و طآب بك المُقام.

التعليقات مغلقة.