مسرحية ” جليد ” للكاتب ” سعد هدابي ” إدراك خبايا ومكنونات النفس البشرية في عالمنا المتآكل .
الخميس 15-09-2022 18:02
العراق : قاسم ماضي
يقول سعد هدابي في بداية مسرحيته المعنونة ” جليد ” والتي أراد منها ان يتم تمثيلها في الشارع وكما أُطلق عليه ” مسرح الشارع ” المسرحية هي ” حكاية من ألف حكاية وحكاية ” كما جاء في مقدمة النص الذي إستهواني كثيرا وهو يُدخلك في هذا العالم الذي تعبنا منه نتيجة صراع المتناقضات الذي يمثل صراع القيم في نهاية المطاف ، ولو أتيحت فرصة تقديم هذا النص هنا لشرعنا بتقديمه على الفور . لإعجابي لهذا النص المسرحي الجميل والرائع لما فيه من نسيج درامي متماسك ولغة معبرة تعكس عمق الصراع ضمن لعبة مسرحية محبوكة الخيوط ، وشخصيات هذا العمل هو من ستة ممثلين، كتبها المؤلف ” هدابي ” بروحه وعقله الذي ينزف ألما ً. بسبب ماحل بالواقع البشري من دمار.
ممثل 1 ” عصر جليدي على الأبواب ، على الخطى ، على الدورب ” .هكذا يفتتح مسرحيته بهذه العبارات الجميلة والعميقة ، وكأنها تلامس شغاف قلوبنا نحن المنفيين خارج الحدود فما بال الآخرين الذين يواجهون المآسي في أوطانهم ؟ لماذا أختار المؤلف ” هدابي ” مسرح الشارع مع العلم وفي رأي البسيط أن هذه المسرحية هي مسرحية ” افكار ” وتندرج ضمن باقة مسرح الأفكار وذلك لعمق حوارتها وبإمكان تقديمها على أي قاعة مسرح ، وتجدر الإشارة ان ثمة نقاشات حادة ومؤثرة كانت قد دارت بين أكثر من 50 مفكرا من أجل فهم القرن الحادي والعشرين ، وهم فلاسفة من أمثال “ريجيس دوبريه ” و ” ميشيل أو نغراي ” و ” جاك ديريدا ” و ” ادغار موران ” و ” فرانسوا جوليان ” وهي محاولة من هؤلاء تقريب العالم من خلال التعرض إلى موضوعات مختلفة تطال ما يمس حياة البشر وطريقة تفكيرهم مباشرة ، ويمكن تعريف مسرح ” الأفكار ” على أنه ” مجال نقدي يتماشى مع الموضوعات المطروحة من أجل المساهمة في التأمل بقضايا العالم بنظرة نقدية .
ممثل 2 ” جليد على الأفكار ، والخيال ، والرؤى ”
وهنا أوكد كلامي ومن خلال تفحصي لكل مفردة يكتبها الفنان والكاتب ” هدابي ” وهو يغوص في أرواحنا ليكشف كل أغطية الزيف المعبأة في أرواح الذين يقودون هذا العالم المترامي الأطراف ، وهو يناقش ” القوة العنفية للافكار ” من أجل وضعنا بالصورة دون رتوش ، وهو يشبه الكثير من الفلاسفة الذين سبقوه أو من أتى بعده .
ممثل 4 ” جليد على الذاكرة والإنتماء ”
فجاء نصه هذا هو إدراك لمستوى المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فأخذ يفتش كل من يتعامل معه في بيئته الخاصة التي يعيش فيها ، وانطلق من خياله الخصب حتى يبرز لنا خبايا ومكنونات النفس الإنسانية في هذا العصر.
ممثل 4 ” حدق في المرايا فلقد جفت الدموع في العيون ”
وهكذا نصوص مسرحية تطرح عدة أفكار وثيمات تناسب المرحلة ، ومن خلال هذا النص المسرحي ” جليد ” يمكن القول بشأن مصدر الأفكار التي ينهل منها الكاتب رؤآه لكي تُجسد على خشبة المسرح فهو دائم البحث عن موضوعاته الانسانية من خلال المعاصرة والتاريخ والواقع والخيالي محاولاً بناء رؤيا تعبر عن هموم الواقع المعاصر ، فالكاتب والفنان ” سعد هدابي ” أمنذ فترة السعبينيات في معهد الفنون الجميلة فهو ممثل بارع ومخرج له تجربة طويلة في الفضاء المسرحي ، فلهذا نؤكد على دور التجربة الحياتية التي عاشها هذا الكاتب ” هدابي ” حيث أنه مفعم بقوة الفكر والإبداع الخيالي ، فهو جمع بين هاتين الخصلتين هي التجربة والوعي .
ممثل 2 ” جرافات تصلي الفجر ، وتشمل كل مساء من دم ”
يقول ” جون جولسورذي ” لا يكون فناُ إلا إذا كان مصنوعا بما أحسَه الفنان ورؤآه .لا مما قيل إنه يجب أن يحس به ويراه ، لأن الكاتب المبدع يشكل من مادة حياته نفسها شيئاً لطيفا وذلك في الصورة التي تروق له مُتبعّا ًفي هذا التشكيل مزاجه وفطرته هو بالذات ” 1
فجاء هذا النص الذي كتبه ” هدابي ” بصورة متسلسلة بالرغم من قصره ، وربما كان هذا الاختزال والتكثيف مقصودا ويتسق مع إيقاع العصر الذي نعيش ، وقد يرى البعض أنه يمكن إضافة مشاهد أخرى لهذه المسرحية فهي مؤثرة وفاعلة ولها وقع داخلي على روح القارئ ، لأنك كنتَ ملماً جيداً بالدوافع لهذا النص الغزير وكذلك بالشخصيات الإنسانية التي طرحتَها في نصك الأدبي .
ممثل 1 ” انه قطيع ياسادة ، لايسمع ، لا يرى ، لا يتكلم ”
وبهذا اجدك حين تكتب عن شخوصك أو الآخرين الذين يحيطونك تكون أنت واحدا منهم في معظم نصوصك المسرحية التي كتبتَها ، حتى أن الكثير من العرب قدموا الكثير من هذه النصوص التي تلامس شغاف القلوب ، وهنا نؤكد قولنا اذا على الكاتب أن يبدأ بالكتابة عما يعرف بحيث يكون بالإمكان تصديقه ، ويكون شاهدا موضوعيا في عصره . يقول الفليسوف والكاتب ” فان دورتن ” بمجرد أن كتبت عن الأشياء التي أعرفها وألم أصبح حواري أحسن مما كان وإزدادت أذني خبرة ومرانة ” وهكذا نص مسرحي قصير يحمل لنا هذه الهموم البشرية التي أصبحت ثقيلة على هذه الكائنات ، وأنك أبقيت لنا نصا مسرحيا مفتوحا حتى تترك لنا ماذا نقول .
” ممثل 5 ” بسبب البطالة والتهجير وكل أنواع الإضظهاد القسري ”
تمر علينا أوقات صعبة وحرجة ونحن نشعر بالجفاف والفراغ لما نعيشه من تنكيل قسري ولغة هذا النص تأخذك إلى مديات بعيدة وفيها من البلاغة والدلالات الكثيرة المفعمة بالعذابات والألم والحسرة ، وانت ومن خلال هذه الحورات الجميلة والمقتضبة تعطينا هذه الصرخة التي تخنقنا في مهاجرنا .
ممثل 1 ” أنه الغد ، الغد الذي أبحر بالعابرين إلى ملكوت الحياة ، وأنتم تغرقون بالأمس ”
وأنت تؤكد عبر هذا النص المسرحي على أهمية مفهوم الحرية والتي تدعو من خلالها إلى الحياة ومعنى الحياة ، لأنك تعي دور الفن في هذه الحياة .
تعليقات (2)