تونس بقلم : محمد  فتوح

استيقظتْ أمّ الخير كعادتها على صياح الديكة….صلّت الفجر ثمّ الصبح وأسهبت الدعاء بالرحمة والمغفرة لزوجها الطاهر ضحيّة أحد  ألغام الإرهاب المزروعة بالجبل…… وعدها المسؤولون بالرعاية والعناية…. انتظرت لكنّ انتظارها كان كالحرث في البحر …. حلبت الماعز وأحمت خبز ” الطابونة” ثمّ رتّبت ما وجب ترتيبه بالبيت…لن توقظ هذا الصباح صغيرتها زَهرة، ستتركها تنعم بالراحة أوّل أيّام العطلة المدرسيّة……كفاها ما تقطعه يوميّا من مسافات مشيا على الأقدام للالتحاق بالمدرسة وما تتحمّله من مشاقّ الطريق ومخاطرها من ” حلّوف ” وأمطار وسيول وأوحال….. كيلومترات لا تعرف لها عدّا…..  ستعدّ لها فطور الصباح: قليلا من زيت الزيتون ،كسرة ” طابونة “، حفنة من التمر، وكأسا من الحليب المغلّى قبل أن تخرج بحثا عن بعض رزق بين ثنايا الجبل….

أخرجت خروفيها وماعزيها من الزريبة واتجهت نحو الجبل…ستسوق ماشيتها إلى المرعى وتجمع شيئا من الاكليل والزعتر تبيعه يوم السوق الأسبوعيّة….هي لا تجني من هذه التجارة ما يُذكَر فما يُرسله لها أخوها من مال من إيطاليا، بعد موت زوجها، يقيها شرّ الحاجة والخصاصة ولكنّ ثمرة عرق جبينها لها نكهة خاصة تملؤها رضى عن النفس…

لم ير أحد أمّ الخير منذ ذلك اليوم ….استمّر البحث أكثر من أسبوعين ….لا أثر لأمّ الخير… لا أثر للماشية…قالت ألسنة السوء إنّها انضمّت إلى الإرهابيين بغاية جهاد النكاح….