رئيس التحرير

شريف السقا يكتب.. وداعا ايتها السماء الزرقاء

الأحد 15-01-2023 21:05

استيقظت مبكرا …نومي قلقا كالمعتاد …الأرق يلازمني ….الجو بارد للغاية ….كل شيء قد اتشح بالبياض ……ينساب صوت الشيخ عبدالباسط مختلطا برائحة العود وقهوه الصباح …نحن ننضج ونكبر لنشبه أمهاتنا …نكرر طقوسهم الصباحية لنشعر بالدفء …

 

أمس امضيت وقتاً اتحدث مع صديق …يحب الحيوانات مثلي …مقتنع كلانا أنهم أنقي الكائنات ..يمضي وقته مع قططه وكلابه ….يشاركني نفس الحلم …مزرعة صغيرة بعيدة ….تحدثنا كثيرا …إسمه يطابق إسم صديق لي من نفس البلاد ربما من نفس المدينة …هاجر إلي جنوب أفريقيا منذ سنوات وفقدنا بعضنا في زحام الحياة ….ويعوضني القدر أمس عن مافقدت يوما !

 

عندما يعتريني القلق وتساورني الشكوك …أبوح بأشياء كثيرة لعمرو …مستمع جيد …عليك إن تسامح أعدائك ….استمع في صمت …سامحت إثنين بالفعل منذ سنوات …بعد إن غيبهم الموت في ظروف قاسية ….لكن من اسامح الأن؟ من أعرفهم أو من أجهلهم ؟ قذف بي في دوامة الحيرة ….ماذا عن الطعنات في الظهر …عض إليد …كل هذا ؟ لا أعلم ….ماذا عن من أجهلهم ؟ المختفين في الظلال ؟ عندما حامت أجنحة الموت حول كورتيس ..سأله الراهب …هل سامحت أعدائك ؟ أجابه ..لم يتبق أحد منهم ..لقد قتلتهم جميعا …..أنا قتلتهم جميعا في عقلي أيضا …لكنني لا أملك التسامح المطلق حتي إليوم ……

 

اذهب إلي غابة الصنوبر دائما ….تتوسطها بحيرة …متجمدة الأن ….يلتصق البط ببعض بحثا عن الدفء ….صوت الجليد والعشب المتجمد المتكسر تحت أقدامي يشبه الزجاج المتكسر …..الهواء بارد حاد …لا يشبه صوت أقدامي في أزقة القاهرة القديمة ….إليوم حار …الهواء ساخن …أجلس علي مقهي صغيرا ..لألتقط أنفاسي ….اشرب قهوتي ببطء ….علي الجانب الأخر زاوية قديمة يجلس أمامها شيخاً …عمامة بيضاء …وشاح أخضر …يمسك مسبحته في هدوء وسط الضجيج المتصاعد ….تلاقت الأعين …ارتسمت علي وجهه إبتسامة نقية ….غادرت مسرعا لألحق بموعد صديقي …..لوح لي مودعا …..في إليوم التالي صحبت صديقي إلي هناك …أسأل الرجل الذي يكنس الأرض أمام الزاوية عن الشيخ …ينظر إلينا بدهشة …يا بني لا أحد يجلس هنا ..شيخ الزاوية قد مات منذ قرن من الزمان والمقام مغلق للإصلاحات ….يهتف أحد المجاذيب …مدد …مدد يالله …نغادر ….

 

أعود ..استمع لصوت الجليد المتكسر يعزف تحت أقدامي …..حل الليل الأن ….ينساب صوت روجر وترز …وداعا أيتها السماء الزرقاء ..مختلطاً برائحة القهوة ….لماذا اضطررنا للهروب إلي المخبأ …عندما وعدنا بعالم جديد شجاع منبسط تحت سماء زرقاء صافية ….وداعا أيتها السماء الزرقاء وينتهي إليوم !

 

ليلة في بلاد الفايكينج

 

التعليقات مغلقة.