رئيس التحرير

الزمن الجميل .. الفنان يوسف وهبى بيك السينما المصرية مغامرات مع الجنس اللطيف تفوق حد الخيال لعب القمار والرهان على سباقات الخيل

الثلاثاء 25-04-2023 15:00

هوليود الشرق مصر والسينما المصرية فيها برع عدد من النجوم فى السينما المصرية، في العديد من الأعمال الفنية واستطاعوا حفر اسمائهم في تاريخ السينما، ورغم وفاتهم إلاأن أدوارهم مازالت محفورة في أذهان جمهورهم إلى الآن ومنهم الفنان يوسُفُ عبد الله هديب وهبي قطب الشهير باسم يوسف وهبي (17 يوليو 1898 – 17 أكتوبر 1982)، ممثل ومؤلف ومنتج ومخرج مسرحي وسينمائي مصري، يعتبر أحد الرُوَّاد الأوائل في مجالي السينما والمسرح في مصر والوطن العربي.

حياته
ولد في مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف وسُمي تيمناً باسمه، وكان والده (عبد الله باشا وهبي) يعمل مفتشًا للري بالفيوم، وكان يقطن منزلاً يقع على شاطئ بحر يوسف (بجوار شارع بحر ترسا الآن).
بدأ تعليمه في كُتَّاب العسيلي بمدينة الفيوم، وكان أعلى مسجد العسيلي قبل تجديده بشارع الحرية أمام «كوبري الشيخ سالم» بمدينة الفيوم، وتلقى يوسف وهبي تعليمه بالمدرسة السعيدية بالجيزة ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر، ولا يزال تراث والده موجودًا في الفيوم إذ أنه هو الذي قام بحفر (ترعة عبد الله وهبى) بالفيوم، والتي حوّلت آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية إلى أراضي زراعية، كما أنشأ المسجد المعروف باسم (مسجد عبد الله بك) المطل على كوبري مرزبان بمدينة الفيوم، والذي كان يعتبر أكبر مسجد بالفيوم حتى وقت قريب. عمل يوسف مصارعًا في (سيرك الحاج سليمان) حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصري.

مسيرته الفنية
بدايته
شغف يوسف وهبي بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني سليم القرداحى في سوهاج، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة.
سافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى بإغراء من صديقه القديم محمد كريم، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه ذهبي بالتساوي مع إخوانه الأربعة، ثم انضم للعمل في فرقتي حسن فايق وعزيز عيد كبداية لحياته الفنية على سبيل الهواية وليس الاحتراف ولكن واجهت هذه الفِرَق المسرحية العديد من المشاكل المالية لذلك ذهب عزيز عيد مع مختار عثمان إلى يوسف وهبي في إيطاليا كمحاولة لإقناعه بالعودة إلى مصر ومتابعة المشروع الفني الذي يسعون من أجله وكان يوسف وهبي الممول الأول لهذا المشروع حيث أنه بواسطة المال الذي ورثه كان وهبي يهدف إلى ما اعتقده تخليص المسرح من الهاوية التي رآها قد نتجت من الشعرِ الراقص لنجيب الريحاني وعلي الكسار فأنشأ شركة مسرح باسم فرقة رمسيس في نهاية عشرينيات القرن الماضي.
تأسيس فرقة رمسيس ونجاحها
أسس يوسف وهبي فرقة رمسيس المسرحية مع عدد من الممثلين الكبار مثل عزيز عيد ومختار عثمان وحسين رياض، وأحمد علام، وفتوح نشاطي، وزينب صدقي، وأمينة رزق، فاطمة رشدي، وعلوية جميل، واُفتُتِح مسرح رمسيس في 10 مارس 1923.

وبدأت الفرقة بمسرحية المجنون كباكورة لأعمالها المسرحية حيث عُرضت على مسرح راديو عام 1923 وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن، ويعتقد البعض أن يوسف وهبي هو الذي أدخل فكرة الموسيقى التصويرية قبل رفع الستار التي لم تكن معروفة إلا في أكبر المسارح في العالم، وقدمت الفرقة بعد ذلك عددًا كبيرًا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغة العربية أو بلغات أخرى منها الفرنسية، ونقلت العديد من مسرحيات الفرقة إلى السينما مثل: كرسي الاعتراف، راسبوتين، المائدة الخضراء، بنات الشوارع، أولاد الفقراء، وبيومي أفندي، واتسمت معظم مسرحيات الفرقة بالميلودراما مما جعلها مختلفة عن المسرحيات في ذلك الوقت التي قدمها الفنانون أمثال نجيب الريحاني وعلي الكسار وغيرهم والتي كانت تحمل الطابع الكوميدي الراقص أو الساخر أو المسرحيات الغنائية، كما كانت المسرحيات التي تُقدم على مسرح رمسيس من روائع الأدب الفرنسي والإيطالي والإنجليزي مخالفةً بذلك ما كان يقدم من مسرحيات ومن هذه المسرحيات: خليفة الصياد، وهارون الرشيد، ووصلاح الدين الأيوبي، وصدق الإخاء، وأصدقاء السوء.
اهتم يوسف وهبي بتوعية جمهور المسرح، وتغيير الاهتمام بالمسرح الهازل إلى الاهتمام بالفن والمسرح الجاد، وقد منع التدخين في قاعات العرض، وعمل على احترام مواعيد رفع الستار، ووضع إتيكيتًا للممثل، متمثلًا في الحفاظ على المواعيد، والالتزام بالنص، وتنفيذ تعليمات المخرج، وهو ما دفع الحكومة لتكليفه عام 1933م بتشكيل فرقتها المسرحية التي كانت نواة المسرح القومي فيما بعد، كما عمد يوسف وهبي بجانب تمثيله الأدوار الرئيسة في مسرحياته إلى التأليف والإخراج، فإجمالًا قام يوسف وهبي بتمثيل 302 من المسرحيات العالمية، وأخرج منها 185 مسرحية، وقام بتأليف 60 مسرحية، وكان يهدف من وراء أعماله إلى نشر الوعي الاجتماعي ونقد عيوب المجتمع؛ حيث عرض مشكلات مثل: الزواج من أجنبيات، وأطفال الشوارع، وأبناء الخطيئة، والصراع بين الضمير والعاطفة، كذلك عمد إلى محاربة الاستعمار والفساد.
أزمة فيلم النبي محمد 1928م

في ذروة تألقه، تعرض لأزمة كادت أن تعصف بنجاحه الفني، حيث نشرت إحدى المجلات الإيرانية سنة 1928 أن شركة سينماتوغراف الفرنسية جاءت إلى مصر، واتفقت مع عميد المسرح العربي على تمثيل فيلم النبي محمد، واشترطت أن ينتقل مع بعض أفراد فرقته إلى باريس، وأن الفيلم من إنتاج تركي، وحضر المنتج إلى القاهرة وبصحبته المخرج توجو مزراحي، وبعد المقابلة أخذ وهبي يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صُوَرًا فوتوغرافية للشكل الذي سيظهر عليه في الفيلم، وهي صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين، لتفتح عليه أبواب جهنم من كل حدب وصوب، وشُنَّت حملة شرسة ضده، وأرسل شيخ الأزهر خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالي مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر ومنع هذا المشخصاتي من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر بالقوة وإيداعه السجن، كما طالب أن تخاطب حكومة باريس بواسطة السفارة المصرية هناك لمصادرة هذه الرواية، واستدعت الداخلية يوسف وهبي وحققت معه وأرسلت ردًّا للأزهر تقول فيه إن يوسف وهبي سيعتذر في الصحف عن قبوله هذا الدور تحت ضغط شعبي وتحت تهديد الملك فؤاد بسحب جنسيته المصرية منه.بسبب هذه الأزمة تأخر دخول يوسف وهبي عالم السينما.

بداية دخوله عالم السينما (1930-1939)م
يوسف وهبي مع أمينة رزق في مشهد من فيلم أولاد الذوات أول فيلم مصري عربي ناطق.
في عام 1930 وبالتعاون مع محمد كريم أنشأ وهبي شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم التي بدأت أعمالها بفيلم زينب سنة 1930، والذي كان من إنتاجه وإخراج محمد كريم، وفي عام 1932 أنتج أولاد الذوات الذي كان أول فيلم عربي ناطق وكان الفيلم مقتبسًا عن إحدى مسرحياته الناجحة، حيث قام بكتابة النص وقام ببطولة الفيلم، كما قام محمد كريم أيضا بإخراجه، ثم كتب فيلمه الدفاع سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج نيازي مصطفى حتى بلغ به التكامل الفني إلى تلحين أغاني هذا الفيلم. ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث المجد الخالد وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج، ثم قدم فيلم ساعة التنفيذ 1938 من بطولته وتأليفه وإخراجه وبذلك قدم يوسف وهبي مجموعة من أوائل أفلام السينما المصرية فكان عدد الممثلين السينمائيين قليل وكانت الأفلام غالبًا ما تكون من بطولة يوسف وهبي أو نجيب الريحاني أو علي الكسار في فترة الثلاثينيات.
بعد ذلك بدأ يوسف وهبي في تقديم ثنائي ناجح مع المطربة والممثلة الشابَّة في ذلك الوقت ليلي مراد حيث شارك معها في ثلاث أفلام متتالية هي ليلة ممطرة 1939، ليلى بنت الريف 1941، وليلى بنت المدارس 1941، وكانت هذه الأفلام من إخراج توجو مزراحي.
كما لم يشغل يوسف وهبي دخوله عالم السينما عن استكمال مشواره المسرحي حيث قدم في عام 1939م ست مسرحيات وهي: ناكر ونكير، الشبح، العدو الحبيب، ابن الفلاح، يد الله، ألف ضحكة وضحكة.
مرحلة السطوع السينمائي (1943-1947)م
كانت مرحلة السطوع السينمائي ليوسف وهبي عندما بدأ في الالتفات إلى السينما ومواصلة رسالته الهادفة المتمثلة في نقاش القضايا الاجتماعية ونقد عيوب المجتمع والسعي نحو حلها حيث قدم وهبي في هذه الفترة مجموعة من أهم وأعظم أفلامه الخالدة.
بدأت هذه المرحلة بفيلم الطريق المستقيم من تأليف يوسف وهبي وتوجو مزراحي ومن إخراج توجو مزراحي، وشارك في بطولة هذا الفيلم أمينة رزق التي كونت مع يوسف وهبي أشهر ثنائي درامي على الإطلاق حيث قدمت معه حوالي 11 فيلمًا، كما شاركت في فيلم الطريق المستقيم الفنانة فاطمة رشدي، وبشارة واكيم، ومحمود المليجي، حتى أنَّ إسماعيل ياسين أسطورة الكوميديا ظهر في مشهد قصير في الفيلم كرجل مخمور وكان هذا من أوائل مشاركاته في السينما، ودارت أحداث الفيلم حول رجل طيب يحب أسرته ويتفانى في رعايتهم، ويمضي حياته في طريق مستقيم، تعترضه امرأة توقعه في حبائلها فتغير من أحواله وينشغل بها عن أسرته، ويهمل في عمله فتنقلب حياته، ينتهى به الأمر إلى قتل هذة المرأة التي قضت عليه وخانته، ثم يهاجر إلى سيناء حيث يعيش هناك بضع سنوات، وعندما يعود إلى أسرته يجد الأبناء قد صاروا كبارًا ومتزوجين، ورغم أن زوجته تتعرف عليه، إلا أنه يموت برصاص الشرطة دون أن يعرف الأبناء حقيقته؛ لأنه أراد أن يترك لديهم انطباعًا جيدًا عن أبيهم ولم يُرِد أن يعلموا أنه صار مجرمًا، وبذلك ناقش الفيلم قضية اجتماعية هامَّة وهي الانشغال بالنساء واللهو والملذَّات عن الحياة الأسرية والانحراف عن الطريق المستقيم.

حياته الشخصية
زوجاته
تزوج يوسف وهبي في حياته ثلاث مرَّات ولم يُرزق بأي ابن أو ابنة.
إلينا لوندا
في عام 1922م أثناء فترة دراسة يوسف وهبي في إيطاليا حيث التحق بمسرح (إيدن) في ميلانو، ثم معهد التمثيل في روما التقي بالممثلة الايطالية إلينا لوندا وعاش معها قصة حب طويلة تكللت بالزواج، وكان عمره حينها 24 عاما، فاستطاعت أن تصقل مواهبه السينمائية وانتقل من أدوار الكومبارس إلي الأدوار الثانوية، حتي عاد إلي القاهرة واستمر زواجهما لمدة أربع سنوات الي أن انفصلا عام 1925م بسبب غيرتها الشديدة لارتباطه بعزيزة أمير التي تقاسمت معه أدوار البطولة وظهرت معه في الموسم الرابع في فرقة رمسيس عامي 1925م-1926م، وكانت لوندا قد دخلت علي يوسف وعزيزة أمير المسرح شاهرة مسدسها مهددة بالقتل إن لم تغادر عزيزة المسرح وهكذا هربت عزيزة من المسرح بلا رجعة، لذلك سافرت زوجة يوسف وهبي إلي جنو، ومن هناك أرسلت اليه محاميًا يطالبه بنفقة فلم يتردد في أن يرسل إليها وثيقة الطلاق.
ويوسف وهبي نفسه يعترف في مذكراته (عشت ألف عام – مذكرات عميد المسرح المصري يوسف وهبي) التي صدرت عن دار المعارف في مصر عام 1973م مشيرًا الي النساء اللاتي حُمن حوله، أو أحطن به، أو اقتربن منه قائلًا: «مغامرات مع الجنس اللطيف تفوق حد الخيال، راغبات في خلق علاقات مع ذوي الشهرة، وفضوليات متعطشات للتذوق والتجربة، فراشات تغريها الأضواء يتساقطن في أتون النار، لكنني كثيرًا كنت ضحية للمغريات. أنا لا أدعي أنني كنت قديسًا أو راهبًا في محراب، أو متصوِّفًا، أو معصومًا من الخطأ والشهوات، لكنني – كغيري أيام الشباب والفتوة – كنت أستجيب أحيانا للإغراء والجمال في شيء من النهم. لكنني لم أشرب الخمر ولم أتعاطَ المخدِّرات، ولم أرتكب موبقات سوي حبي السابق للقمار الذي سلبني عشرات الألوف».
عائشة فهمي
كان يوسف وهبي يدعو عائشة فهمي إلى السهرات التي كان يقيمها في منزله ويدعو إليها المقربين منه مثل محمد عبد الوهاب وفكري أباظة وزكي طليمات، وكان يرفض أن يعلن عن وجود أي علاقة خاصة بينهما بل كان يقدمها كصديقة للعائلة، مستغلًّا الصداقة المعروفة بين والده عبد الله باشا وهبي ووالدها علي باشا فهمي، فكانت علاقة حبهم سرًّا لا يعلمه إلا المقربون منهم مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي شجع يوسف وهبي علي الزواج منها، ولكن كانت هذه الفكرة في البداية بعيدة عن ذهن يوسف وهبي الذي كان لا يعاني من فشل زواجه الأول، فاقترح عليه محمد عبد الوهاب السفر خارج مصر للتفكير في إعادة ترتيب حياته بهدوء، فرحب يوسف بالفكرة وبدلًا من السفر بمفرده قرر أن يسافر مع عائشة إلى لندن ليصبح قريبًا منها أثناء النظر في قضية مقتل شقيقها علي فهمي الذي قتلته زوجته الفرنسية من أجل الحصول على أمواله والهروب بها مع عشيقها، وكانت كل الأدلة والمستندات تثبت إدانتها، ومع ذلك أصدر قاضي محكمة أولد بايلي حكمه بالبراءة على مارجريت ميلر، وكان هذا الحكم بمثابة صدمة للمجتمع المصري الذي ثار ضده فتصدرت الصحفَ عناوينُ تنتقد زواج المصريين من الأجنبيات، مما مهد ليوسف وهبي تأليف روايته أولاد الذوات والتي صنع منها بعد ذلك أول فيلم عربي ناطق حمل نفس اسم الرواية، ثم بدأت قصة زواجه من عائشة فهمي الثرية عندما أوشك على الإفلاس فتدخلت هي لإنقاذ مسرح رمسيس وساعدته على النهوض من جديد والقيام بجولات عرض فيها مسرحياته في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وليبيا وتونس والسودان والبرازيل والأرجنتين ثم في باريس وكانت عائشة فهمي تصحبه في كل هذه الرحلات وكانت متزوجة من طبيب اضطرت إلى منحه عشرين ألف جنيه وكان هذا مبلغًا مهولًا في هذا الوقت وتنازلت له عن مساحة أرض كبيرة مقابل أن يطلقها لتتزوج يوسف وهبى، وفي باريس تزوج يوسف وهبي من عائشة فهمي وكانت أغني سيدة في مصر وتكبره بستة عشر عاما، حيث أعدت هي كل شيء لعقد القران حيث اتفقا على أن يكون الزواج في باريس بعيدًا عن أعين المتطفلين وكاميرات الصحف، وحضر الزفاف عدد قليل من المدعوِّين وهم المقربون جدًّا من الزوجين مثل شقيق يوسف وهبي إسماعيل وزوجته، وصديقه المخرج محمد كريم، كما دعت عائشة صديقة واحدة فقط هي سعيدة منصور ابنة منصور باشا يوسف وزوجة عبد الشافي بك المغازي، وكان عمرها 20 سنة وكانت عائشة هانم تعتبرها ابنتها، وبعد ذلك أعدت عائشة لزوجها مفاجأة سعيدة وهي وجود صديقه المطرب والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب الذي جاء ليهنئه بزواجه وغني له مع فرقته الموسيقية أجمل أغانيه العاطفية حينها مثل (جفنه علَّم الغزل) و (جارة الوادي)، وتم الزواج ثم مضت الأيام ويقول يوسف وهبي: «استمر النجاح حليفنا ثم بدأت عوامل الغيرة تتكشف في خلق السيدة عائشة زوجتي لحد مراقبة حركاتي وسكناتي وبعد أن كانت تبدي مظاهر التشجيع لفني ومسرحي انقلب الحال فأصبحت تضيق ذرعًا لانعكافي علي التأليف والتمثيل والإخراج وحولت حياتي إلي جحيم لا يُطاق».هجر يوسف وهبي قصر عائشة فهمي الموجود على النيل في الزمالك دون أن يحمل معه شيئا من ملابسه، ولم يكن في جيبه غير خمسين جنيهًا، فأرسلت إليه عائشة هانم تعرض أن يعود إليها علي أن تقتطع من أرضها الخصبة في صعيد مصر خمسمائة فدان تكتبها باسمه، ورفض يوسف وهبي وقام برحلة خارج البلاد عاد بعدها ليجد أن السيدة عائشة قد رفعت عليه دعوي نفقة وأوقع محاميها الحجز علي مدينة رمسيس وظلت تلاحقه حتي استطاعت أن تشهر افلاسه.
وأمام الأزمة الحادَّة التي واجهته ذهبت أمينة رزق زميلته في مسرح رمسيس إلى عائشة فهمي وطلبت منها باسم الحب الذي جمع بينها وبين يوسف أن تترفق به وتوقف الدعوات القضائية المرفوعة ضده، لكن الأمر كان قد خرج من يدها حيث تولى أهلها مهمة الانتقام من يوسف وهبي، لكنها وعدتها بعدم تقديم الكمبيالات التي وقعها يوسف لها بشكل شخصي إلى المحكمة، وأحضرت تلك الكمبيالات ومزقتها وهي تبكي أمام أمينة رزق التي انهارت هي الأخرى بالبكاء.
سعيدة منصور
كانت بداية معرفة يوسف وهبي بسعيدة منصور هي حضورها في حفل زفافه على عائشة فهمي، وكانت-بشهادة يوسف وهبي- تحاول الإصلاح بينه وبين زوجته دون جدوى، وبعد طلاقه من عائشة نشأت قصة حب بينه وبين سعيدة على الرغم من أنها كانت متزوجة من عبد الشافي بيه المغازي وكانت من عائلة ثرية، ومع ذلك أحبت رجلًا في ظروف مالية صعبة وأشهر إفلاسه، وسافرت معه إلى الإسكندرية وتلقى يوسف تهديدات من زوجها وإخوتها، ولكن لم يتخلَ عنها، فكان لهما ما أرادا وتم طلاقها من زوجها، وتزوجها يوسف وهبي، وعرف معها الاستقرار فاستمر معها حتى وفاته عام 1982م، واستطاع أن يبدأ نشاطه الفني من جديد ويستعيد مجده ويسدد ديونه، ويحول دار سينما بيجال في وسط القاهرة إلى مسرح يسع ألف متفرج وعادت فرقة رمسيس من جديد.وعلى الرغم من نزوات يوسف وهبي وخيانته لها في بعض الأحيان إلا أنها كانت تتجاهل وتغفر وتتناسى؛ لأنه -على حد قولها- كان دائمًا يعود إليها نادمًا مستغفرًا.

قصره
عاش يوسف وهبي مع زوجته عائشة فهمي في قصرها الكبير في الزمالك الذي كان قد بناه أخوها علي، وبعد وفاته اشترته هي كاملًا من ورثته، وبعد طلاقه منها قرر أن يبني قصرًا لنفسه يعيش فيه مع زوجته الجديدة سعيدة منصور فبنى قصرًا عظيمًا في منطقة الهرم عاشا فيه بقية عمرهما، حيث تقول د.لوتس عبد الكريم الصديقة المقربة من العائلة في كتابها السيرة الأخرى لأسطورة المسرح يوسف وهبي: «أما في القاهرة فقد زرت سكنهما الفاخر في أوج جماله الذي بدأ ينحدر رويدًا رويدًا حتي زرتهما عندما أوشك أن يتلاشي. كان هذا البيت بدفئه الاسطوري وثرائه التاريخي وعراقة اللمسات في كل ركن فيه يذكرني بأيام مصر الحلوة فأتنفس فيه الراحة من الضوضاء والزحام والتلوث خارج النفوس وداخلها. كنت أزورهما لأنعم بالجمال في الذوق و الحديث والتصرفات كقصور الملوك كان سكنهما بإحدي ضواحي الهرم فوق أرض واسعة محاطة بالأشجار والبوابات الضخمة بني عميد المسرح أربع فيلات. إحداهما حديثة (مودرن) علي الطراز الأمريكي المريح، وكانت تسكنها أخيرًا عايدة ابنة زوجته الكبري، والثانية أنيقة (روستيك) علي الطراز الفرنسي، كل ما بها أثري (أنتيك) وكانت تخص يوسف وهبي وحده بها لوحات مسرحياته وأركان تذكارية لفنه بديعة ثمينة كان يقضي بها سهراته وأمسياته الفنية الحافلة إبَّان شهرته، والثالثة كانت علي النظام الانجليزي القديم، وهي تخص الأسرة وكل من زارهم، أما الرابعة الكبري فكانت لإقامة أصحاب المنزل مؤثثة في ذوق رفيع المستوي لا تقل عراقة عن قصور الملوك ترفًا. يمتد بين الفيلات الأربع حمام سباحة عريض في ظل الورود والأشجار. وقد شاهدت السكن في أوج روائه وأناقته، ولا أنسي أبدًا البوابة الحديدية الضخمة المزركشة حين تفتح لي علي مصراعيها والحراس النوبيون و(نجفة )الخادمة السودانية تستقبلني في مدخل الفيلا. ولا أنسي الحفلات الخطيرة والعميد في أواخر أيام مجده بالسبعينيات.. الموائد الممتدة بين الأشجار والمأكولات الفاخرة والشراب والخدم يروحون ويغدون في المكان الأسطوري الرائع. كل هذا ذهب واندثر.. وانتقلت الأسرة في السنوات العشر الأخيرة من عمر العميد إلي الفيلا الوسطي البسيطة وبقيت بها الزوجة حتي وفاتها. ذهب المجد وأقفر المكان من رواده وتغير كل شيء فأما البوابة الحديدية الضخمة استبدلت بحجرين كبيرين يرفعهما أحد العمال الواقفين إذا دخلت لزيارتهما أو دخلت إحدي السيارات».

هواياته ومعتقداته
لعب القمار والرهان على سباقات الخيل
علاقات وهبي النسائية لم تكن الشيء الوحيد الذي أتعب زوجته، بل كان يوجد شيء أكثر إيذاءً لروحها، وهو إدمانه لعب القمار أو «البوكر» ورهانه على سباقات الخيل وخسائره الفادحة التي بدد فيها أمواله في سنواته الأخيرة.
وبحسب ما نقلت الكاتبة لوتس عبد الكريم في كتابها عن وهبي، أنها سافرت معه وزوجته سعيدة إلى أماكن كثيرة في سويسرا وفرنسا ولبنان وإنغلترا، وذهبت معها لترى يوسف وهبي في حلبات السباق من باب الفضول، فكان لا يملُّ من لعب القمار والرهان في سباقات الخيل والكلاب، وكانت تراقبه وهو يخسر الجولة بعد الجولة، ثم يكسب ثم يخسر إلى أن يخسر كل ما معه ويلعب بأموال زوجته.وفي سنوات عمر وهبي الأخيرة، كان لا يملك شيئًا من الثروة الكبيرة التي حققها، فكانت ثروة زوجته هي التي حفظت له مظهره حتى آخر يوم.
الإيمان بالخوارق
كان يوسف وهبي من أكثر الفنانين الذين يؤمنون بعالم تحضير الأرواح، بل إنه كان يعالج نفسه بها، وكان مؤمنًا بالأرواح ورسائل العالم الأخر.وقد قالت الكاتبة لوتس عبد الكريم في كتابها عن وهبي أنها كانت تذهب معه لجلسات تحضير الأرواح، وتسمع وتحاول أن تفهم كل ما تهمس به، وفي لندن عام 1961 وقع ليوسف وهبي ما هو أغرب، حيث أجري له الدكتور (تانر9 أشهر جراح في مستشفي «لندن كلينيك»، جراحة لإزالة المرارة، وما إن مضي يومان حتي أخبره الجراح أن الجرح قد أصيب بصديد ولابد من المسارعة في علاجه خشية التسمم، وبدءوا يغلسون الجرح بالمطهرات ودخل هو في شبه غيبوبة.وتضيف لوتس على لسان يوسف وهبي أنه زاره سير إنجليزي نائبًا عن «هاري إدوارد»، الطبيب الروحي الشهير وتلمَّسَ الجُرح من الخارج بيد مرتجفة، وشعر وهبي بعدها بأنه كمن مسَّه تيار كهربائي، وفي تلك الليلة أخبرته الممرضة المعالجة أنه لم يعد هناك أثر للصديد.
وقد قال يوسف وهبي : «أعلم أن هناك من لا يؤمن بوقوع هذه الخوارق.. فقلت إن الخوارق لا يصدقها إلا من رآها رؤي العين»

نظرة على حياته
كان أبوه يريده أن يصبح فلاحا مثله، ولكن عشقه للتمثيل دفعه بعيدا تماما عن هذا الطريق، ووسط دهشة عائلته كلها التحق بالسيرك للعمل كممثل، وهكذا انتقل من أعلى طبقة في المجتمع إلى أدنى طبقة وهي طبقة «المشخصاتية» التي لم يكن معترف بشهادتها أمام محاكم الدولة في ذلك الوقت.
وكرد فعل طبيعي «للعار» الذي لحق بسمعة عائلته من جراء فعلته قام والدة بطرده من بيت العائلة، وألحقه بالمدرسة الزراعية في محاولة منه «لإصلاحه وتهذيبه».
لم يستجب يوسف وهبي وهرب إلى إيطاليا لتعلم المسرح ولكي يهرب من ملاحقة عائلته قام بتغيير اسمه إلى «رمسيس»، ولم يعد إلى مصر إلا بعد أن وصله خبر وفاة والده الباشا الذي توفي وترك له ولأخوته ثروة كبيرة.
بعد أن تسلم هذه النقود قام يوسف وهبي بإنشاء فرقة مسرحية خاصة وأطلق عليها فرقة رمسيس، وقرر أن يقدم بها شيئا مختلفا عن مايقدمه مشاهير المسرح في ذلك الوقت (علي الكسار ونجيب الريحاني) بعد أن قام بدراسة أعمالهم دراسة متأنية، وأطلق علية في تلك الفترة من بداياته لقب «رسول العناية الإلهية» الذي سوف ينهض بفن التمثيل في مصر.
وبعد بداية قوية في المسرح دخل يوسف وهبي إلى السينما متأخرا قليلا وذلك بسبب إعطاءه المسرح الجزء الأكبر من اهتمامه، وبسبب آخر أهم وهو العداء الذي نشأ بينه وبين الصحافة والرأي العام عندما قرر تجسيد شخصية النبي «محمد» على شاشة السينما، وهو ما أثار حفيظة الجمهور والنقاد بل والعاملين بالمجال السينمائي نفسه.
بعد أن هدأت هذه الأزمة بدأ يوسف وهبي في الإعداد مع المخرج محمد كريم لفيلم روائي طويل وهو فيلم «زينب»، على أن يقوم هو بإنتاجه ويقوم محمد كريم بالإخراج. ثم أتفق مع محمد كريم بعد ذلك على صناعة أول فيلم مصري ناطق وهو فيلم «أولاد الذوات» الذي حقق نجاحا ساحقا، فقام يوسف وهبي بكتابة ثاني أفلامه وهو «الدفاع» 1935 واشترك في إخراجه مع نيازي مصطفى، ثم كان الفيلم الثالث «المجد الخالد» 1937 الذي قام فيه بالكتابة والتمثيل والإنتاج والإخراج.
عمل بعد ذلك يوسف وهبي كمؤلف لثلاثة أفلام متتالية «ليلة ممطرة» «ليلى بنت الريف» و«ليلى بنت مدارس» كلها من إخراج توجو مزراحي، وبعد نجاحهم جميعا قام يوسف وهبي بإخراج فيلم «غرام وأنتقام» الذي قام فيه بدور العاشق صغير السن، رغم كونه قد بلغ من العمر حينئذٍ السادسة والأربعين تقريباً.
وقد حصل بسبب إحدى أغاني هذا الفيلم على لقب «بك» لأنها كانت تمجد في ذات العائلة المالكة. حصل يوسف وهبي أيضا على وسام تقدير من مجلس قيادة الثورة ودرجة الدكتوراة الفخرية عن مجمل عطاءه للفن المصري.
في عام 1979 قام يوسف وهبي بتمثيل دور اليهودي العجوز الذي يعشق مصر بعد أن عاش كل حياته بها وذلك في فيلم إسكندرية… ليه؟، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها ممثل بأداء شخصية اليهودي بعد ثورة 1952، وقد أظهر في هذه الشخصية إحساس مرهف مدعم بخبرة سنين طويلة من الإبداع والفن.

وفاته
توفي في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب اثر اصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام، توفي أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، وكان إلى جواره عند وفاته زوجته، وقد ودعه محبو فنه بعد حياة حافلة بالإبداع، وتخليداً لذكراه تكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية تحمل اسمه هي «جمعية أصدقاء يوسف وهبى»، وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية بحي الجامعة بالفيوم على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.

التعليقات مغلقة.