رئيس التحرير

الزمن الجميل … الفنانة نادية لطفى ( بولا محمد ) لويزا  السينما المصرية عملت فى الفن بالصدفة وقصة رعايتها لجرحى حرب اكتوبر

الخميس 27-04-2023 15:00

هوليود الشرق مصر والسينما المصرية فيها برع عدد من النجوم فى  السينما المصرية،  في العديد من الأعمال الفنية واستطاعوا  حفر اسمائهم في تاريخ السينما، ورغم وفاتهم إلاأن أدوارهم مازالت محفورة في أذهان جمهورهم إلى الآن ومنهم الفنانة نادية لطفي (3 يناير 1937 – 4 فبراير 2020)، ممثلة مصرية.

حياتها

بولا محمد مصطفى شفيق وهو اسمها الحقيقي، ولدت في حي عابدين في القاهرة، لأبوين مصريين، ووالدتها فاطمة من محافظة الشرقية وذلك حسبما أوضحت في لقائها مع الإعلامي أسامة كمال، وليست بولندية كما أُشيع سابقًا، حصلت على دبلوم المدرسة الألمانية بمصر عام 1955، واكتشفها المخرج رمسيس نجيب وهو من قدمها للسينما وهو من اختار لها الاسم الفني (نادية لطفي) اقتباسا من شخصية فاتن حمامة نادية في فيلم لا أنام للكاتب إحسان عبد القدوس.

ذكر الصحافي فوميل لبيب في مجلة «السينما والمسرح»، عدد أبريل عام 1976، عن لطفي أنها «فنانة بصمات رحمتها واضحة مع أسر الشهداء عام 1967 (النكسة)، ومع الجنود في الخنادق في حرب الاستنزاف، ومع أبطال المعارك في حرب أكتوبر… ثم مع البائسين من أهل الفن، وهي تجمع لصندوق الفنانين ما تستطيع». كما عملت ضمن فريق المتطوعات في أعمال التمريض بمستشفى المعادي العسكري بعد حرب أكتوبر، إذ أقامت في قصر العيني وأسعفت الجرحى.

وُلدت بولا محمد لطفي شفيق في 3 يناير 1937 في حي عابدين بمحافظة القاهرة، وحمل وجهها ملمح أوروبي ما دفع البعض للاعتقاد بأنها من أصول غير مصرية، وعن هذا قالت: «أنا مصرية مائة بالمائة، فالأهم من الشكل والمظهر هو أن أكون مصرية بأحاسيسي، وعائلتي فيها الكثير من الذين هم من أصل تركي، أما أنا بالذات فإنني مصرية بالأصل والنسب والإحساس».

ببلوغها سن العاشرة وقفت على مسرح المدرسة أمام الجمهور لأول مرة، لكن التجربة لم تكن طيبة بعد نسيانها نص الحوار المطلوب منها إلقائه، ومن ثم اعتقدت أن التمثيل ليس بهوايتها المناسبة.

مارست بعدها عدد من الهوايات، فتروي: «في طفولتي كنت أحب الرسم وأهتم بالتطريز، لكن هوايتي الكبرى كانت الرياضة التي داومت على ممارستها في المدرسة، وكنت متفوقةً دائمًا فيها على زميلاتي».

ولم يرق لـ«بولا» الغناء في هذه الفترة، فتعمدت معلمة التربية الموسيقية أن توقفها بعيدة عنها، واعتقدت الصغيرة أن ما يحدث معها هو اضطهاد، لكن تصورها تغير حينما كبرت: «فهمت أن المدّرسة لم تكن تضطهدني بل على العكس، كانت هي التي تتضرر عندما توقفني على مقربة منها لإزعاجي لها بصوتي النشاز».

انشغلت فيما بعد بالتصوير الفوتوغرافي والكتابة، فهذه الأنشطة لم يتخللها الفن نهائيًا، وهو التوجه الذي تمثل فقط في مشاهدة الأفلام السينمائية العربية كغيرها من الفتيات والسيدات.

انت الصغيرة معجبةً بشدة بالسيدتين فاتن حمامة، التي جمعت صورها في ألبوم خاص، وتحية كاريوكا، بجانب كمال الشناوي ومحمود شكوكو، والذي تقول عنه: «منذ صغري وأنا أحب لونه الفني، ربما كان ذلك لأنه يعبر عن الملامح المصرية الأصلية بالإحساس والكلمة، وحتى بالابتسامة الطيبة».

ي نهاية خمسينيات القرن الماضي كانت أسرة «بولا» على علاقة بالسيد جان خوري، وهو مالك أحد أكبر شركتين للإنتاج السينمائي وقتها، ومن باب الود الدائر كان الأخير يدعوها في أحيان كثيرة لمشاهدة أحد الأفلام التي ينتجها، وبعد نهاية العرض يمازحها: «أنتي أجمل وأحسن من بطلة الفيلم».

ورغم عدم أخذها للجملة على محمل الجد إلا أن القدر غير مسار حياتها، ففي منزل جان خوري التقت بالمنتج رمسيس نجيب، والذي عرض عليها أن تكون ممثلة سينمائية في أفلامه، وهنا قالت لنفسها: «ولِمَ لا».

بموجب المقابلة الأخيرة أصبحت «بولا» بطلة لفيلم «سلطان» مع «ملك الترسو» فريد شوقي في عام 1958، وهو من إنتاج رمسيس نجيب الذي غير اسمها إلى نادية لطفي، اقتباسًا من شخصية الراحلة فاتن حمامة باسم «نادية» في فيلم «لا أنام».

وعن تجربتها الأولى تروي: «كنت خائفة جدًا ومرعوبة، وأعتقد أن فترة الإعداد والتدريب التي خضعت لها قبل تقديم أول دور لي هي السبب في نجاحي، فكان التركيز على أن أظهر في ثوب خاص بي بشكل فني جديد يختلف عن كل النجمات، فوجدت المخرج نيازي مصطفي مركزًا على إظهار ملامحي المختلفة عن النجمات الأخريات، أما خشونة الصوت حلّها أستاذ الإلقاء عبدالوارث عسر، كما أن الشاعر الصديق كامل الشناوي ساعدني في السيطرة على نطق الحروف، بعدما كنت أنطق القاف كاف».

اعتبرت «نادية» مشاركتها للعندليب عبدالحليم حافظ في فيلمي «الخطايا» و«أبي فوق الشجرة» بمثابة حظ سعيد لها، خاصةً أن العملين ساهما في انتشارها بشكل أكبر: «هو محبوب من الجماهير وجعلني أكثر شهرةً وقربًا من الناس».

إعجابها المفرط بكمال الشناوي في صغرها لم يربكها أمامه حينما شاركته في بطولة 6 أفلام: «عندما وقفت أمامه كممثلة لم تكن عندي مشاعري التي كنت أحسّ بها، كنت أمامه كنادية لطفي ولست البنت بولا التي تكتب له الرسائل، ولكن مع الوقت، ومع زوال الحواجز بيني وبينه اعترفت له أنني كنت أقطع صوره من الصحف وأضعها تحت الزجاج في مكتبتي في غرفة نومي».

. هي أول سيدة تدخل قشلاقات الجيش المصري بمنطقة العباسية، فخلال تحضيرها لتجسيد شخصية «لويزا» بفيلم «الناصر صلاح الدين» تعلمت فنون الفروسية.

اعترفت «نادية» بعدم رضاها عن بعض الأعمال في مسيرتها، فرغم عدم ندمها إلا أن الضيق انتابها، ولم تملك سوى تلافي الأخطاء التي اقترفتها حتى تتجنبها حسب روايتها.

هي من عشاق «كوكب الشرق» أم كلثوم، وتندمج مع أغنياتها بشكل سريع وفق اعترافها: «هي تقول إنت عمري ألاقي نفسي منسجمة جدًا، تغير تقول هجرت ألاقي الحكاية اتقلبت معايا».

ترى أن السينما لا تمثل المرأة المصرية، فما يُعرض على الشاشة هي نماذج من شريحة واحدة موجودة، لكنها ليست معبرة عنها: «مصورة على إنها وصولية ومنحرفة تتعاطى المخدرات وتخون وتقتل، هي ليست كذلك، ولا هي الأم التي أراها أو الابنة أو الجارة».

تعشق «نادية» الحيوانات وتحبها بجميع أنواعها، ففي منزلها كانت تربي كلبًا كبيرًا لا يفارقها، وعنه روت: «اكتشفت مع الأيام أن هناك أشخاصًا إذا عاشوا معي في البيت يخيفونني أكثر بكثير من الكلاب»، كما أنها تربي البط والإوز، وامتد الأمر إلى الجماد حسب قولها: «ترابيزة أو كرسي وبيني وبينها ألفة، بترتبط معايا بذكرى وشخص وحدث».

مع ذيوع صيتها حاولت «نادية» اقتحام مجال الإنتاج السينمائي، ظنًا منها أنها اكتسبت خبرة أهلتها للنجاح في هذا الأمر، إلا أنها اكتشفت عدم فهمها في هذا التوجه التجاري، بعد أن اشترت قصة في عام 1961 ووقعت عقودًا مع الممثلين والفنيين، وغرقت في الأعمال الحسابية، حتى أدركت أنها «ليست منتجة بطبيعتها لعدم وضعها لهدف من وراء الإنتاج».

هي كأي شخص ربما يتشاءم من أمر ما، وهو ما واجهته «نادية» حينما أدرجتها مجلة «الكواكب» في مسابقة أجمل وجه وشكل خارجي لممثلة في عام 1961، وكتب عنها خبراء التجميل: «وجهها الذي تظهر به على الشاشة هو وجهها الطبيعي، لذلك فالماكيير لا يتعب نفسه كثيرًا معها، فإن دقة تقاطيعها ونصاعة بشرتها تجعل منها وجهًا ممتازًا من ناحية التصوير، ومن ناحية الألوان لا تحتاج منها إلا القليل».

 

كما كانت «نادية» إحدى المتنافسات بـ«ما لون عينيها؟» بنفس المجلة، إلا أنه في عام 1964 سافرت لحضور حفل أضواء المدينة في السودان، وأثناء عودتها أصيبت في عينها وفشل الأطباء في القاهرة من علاجها، حتى نصحونها بالسفر إلى لندن وقد كان

رغم دعمها لثورة يوليو وللرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي كرمها عن دورها في فيلم «الناصر صلاح الدين»، إلا أنها شاركت في فيلم «وراء الشمس»، الذي حملت أحداثه إدانة لمرحلة الستينات، وعن هذه المفارقة قالت: «أنا لست مع حقبة معينة ولست ضد حقبة بعينها، لكني مع الإنسان في كل زمان ومكان، وأنا ضد أية انتهاكات لحقوق الإنسان في الماضي أو الحاضر أو المستقبل، لذلك عندما جاءني هذا الفيلم قبلت العمل فيه رغم وقوعه في مأزق إلقاء الأحداث على فترة بعينها».

عرف عنها مواقفها السياسية الواضحة والصريحة، فمن إقامتها بمستشقى قصر العيني لرعاية الجرحى خلال حرب أكتوبر 1973، إلى الانشغال بالقضية الفلسطينية، فكانت الفنانة الوحيدة التي زارت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أثناء حصار بيروت في 1982، كما سجلت بكاميرتها مذبحة صبرا وشاتيلا.

بموجب ما سبق، حرص الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن على زيارة «نادية» قبل عام داخل مستشفى القوات المسلحة بالمعادي، مهديًا إياها درع «النجمة الكبرى لوسام القدس» تقديرًا لدورها ومواقفها الوطنية التي عُرفت بها.

قبل أكثر من ربع قرن أعلنت «نادية» اعتزالها الفن، ورغم مرور السنوات ترددت أنباء تفيد بعودتها، وهو ما نفته قبل 6 أعوام: «أنا أخذت قرار الاعتزال لأنني قدمت من خلال مشواري الفني كل ما أحلم بتقديمه، وليس لدي أحلام لم أحققها في عملي أو أعمال كنت أتمنى تقديمها، وفضلت أن أترك المجال لزهور جديدة تتفتح».

تألقت في العديد من الأفلام بعضها مع الفنانة سعاد حسني مثل (السبع بنات) ومع الفنان صلاح ذو الفقار مثل (رجال بلا ملامح).

قدمت عملا تلفازيا واحداً وهو «ناس ولاد ناس» وعملا مسرحيا واحداً وهو «بمبة كشر»، وكان لها نشاط ملحوظ في الدفاع عن حقوق الحيوان مع بداية ثمانينات القرن العشرين.

وفاتها

توفيت الفنانة المصرية نادية لطفي الثلاثاء 4 فبرير عن عمر يناهز 83 عاما، في أحد مستشفيات القاهرة بعد صراع من المرض.

التعليقات مغلقة.