الكاتب والباحث الفلسطينى ناهـض زقـوت يكتب : اتفاقية السمك .. ومستقبل شباب غزة …؟؟!!
الثلاثاء 13-06-2023 21:42
بقلم : الكاتب والباحث/ ناهـض زقـوت
بعد الهدنة الطويلة .. واتفاقية السمك .. والنوم في العسل .. وجني أرباح السمك .. لا تنسوا إن كان لديكم النية يا قادة فلسطين، ولا أستثني أحداً، حال الشباب الفلسطيني، فاتفاقية السمك لم تأت على ذكرهم، ولا على ذكر مستقبلهم، كأنهم كم زائد يجب التخلص منه إلا من رضيت عنه السماء.
في زوايا الذاكرة، وبين أزقة وحارات الوطن، يقبع شاب ضاعت طفولته بين حرب مشتعلة .. وحرب قائمة، وصراع على كعكة يحتفل بها كل العالم إلا الفلسطيني محمد!!، لأنه فلسطيني لا يملك الكعكة بل كل ما فعله أن عاش قسمتها وسط تصفيق العالم احتفالاً بميلاد الفلسطيني الجديد الذي يمتلك كمية من الحقد على ذاته تعادل حقد العالم كله.
محمد شاب من مواليد 1997 في عمر عشر سنوات شهد معارك الانقسام الفلسطيني سنة 2007، واستيلاء حركة حماس على قطاع غزة.
وبعد سنة في 2008 عاد إلى البيت مفزوعاً مرتعباً من العدوان الاسرائيلي على غزة، وتولت جدته قطع الخوفة له، وبعد انتهاء العدوان خضع لدورات تفريغ نفسي في المدرسة.
وبعد أربع سنوات في سنة 2012، كان عمر محمد ست عشرة سنة، ترك كرة القدم في النادي وعاد مسرعاً إلى البيت، فالطائرات الحربية الاسرائيلية تقصف غزة.
في المرحلة الثانوية شهد محمد العدوان الاسرائيلي سنة 2014 والذي استمر خمسين يوماً لم تتوقف فيه الطائرات الحربية عن قصف البيوت على روؤس ساكنيها، هاجر محمد مع عائلته بيتهم نحو المدارس.
دخل محمد الجامعة في سنة 2015، وبعد أربع سنوات أنهى جامعته في سنة 2019، وأخذ يبحث عن عمل دون جدوى، فالوظيفة في غزة ترف لا يقدر عليه إلا الأغنياء وأصحاب السلطة.
أثناء جلوسه على المقهى اندلع عدوان سنة 2021، فما كان منه إلا المغادرة يسربله الخوف عائداً إلى بيته. وبعد انتهاء الحرب أعلن عن وظيفة عبر الاعلام، فتقدم مع ما يزيد عن 20 ألف خريج، والمطلوب منهم مائة خريج للوظيفة، شارك في الامتحان التحريري والشفوي، ولكن لم يحالفه الحظ.
وبعد سنة في 2022 كان لزاماً على محمد أن يشهد العدوان الجديد على غزة، وقد بلغ من العمر خمس وعشرون سنة، وما زال عاطلاً عن العمل، يقضي يومه متنقلاً بين البحر والمقهى والبيت.
وكأنه أصبح على محمد أن يداوم على مشاهد الدم، فشهد بعد سنة عدوان جديد في سنة 2023، وقد أصبح عمره ست وعشرون سنة، وما زال يبحث عن عمل. وتصادف أن أعلن عن وظيفة في الاعلام فتقدم لها مع ما يزيد عن 40 ألف خريج، وشارك في الامتحان التحريري والشفوي، ولكن لم يحالفه الحظ.
تعب محمد من التسكع في الشوارع، ولم تبق كافتيريا على شاطئ البحر لم يزورها، وكل مقاهي غزة تعرفه، ووالده يدفعه للبحث عن عمل، ليخفف عن كاهله، ضغوطات الحياة جعلته حائراً دون أمل، ولم يعد لديه خيارات بعد انغلاق أفق المستقبل، وحالة الرعب والخوف المسيطرة على غزة.
بدأ محمد يفكر في الهجرة كخيار أفضل من الموت حرقاً، سافر محمد بعد أن استدان ثمن الرحلة على أمل سدادها، ركب البحر بعد مشقة ومعاناة لا يعرف ملابساتها إلا من خاض تجربة الهجرة، وفي عرض البحر لاطمت الأمواج مركبته فلم تحتمل، فانقلبت وغاب راكبيها في أعماق البحر.
وما زال البحث مستمراً عن محمد؟؟!!.