قصه قصيرة ” ليــال” يكتبها : أ.د / وجيه جرجس
الخميس 29-06-2023 19:07
بقلم : أ.د /وجيه جرجس أستاذ المسرح بكلية التربيه النوعية .جامعة بنها
ليالي العمر تبقي دائماً حلماً جميلاً وساعات الفرح تظل علي مر الأيام هدفا تتطلع إليه الأنظار وتهفو إليه القلوب ليصبح حقيقة .. ولكن ساعات الحياة الزوجية عند ذلك الجراح المشهور “خالد منصور وزوجته ” ليال ” لها معانٍ ومشاعر متباينة أصبحت حديث النادي حيث تظهر الزوجة الشابة الجميلة اليافعة ” ليال ” وهي تحكي لكل أصدقائها آخر شجار لها مع زوجها والذي يكبرها بعشرين عاماً … ثم تدور بينهما محاولات ومساومات الصلح بصوت عال خطف أبصار وآذان رواد النادي ، وتتعمد ” ليال ” إهانة زوجها ، وتحكي أدق التفاصيل عن شيخوخته المتهالكة وعن مغامراته النسائية مع الساقطات في حياته حتي أصبح كالخيل العجوز لا حول له ولا قوة ويزداد احمرار وجه الزوج ويرتبك وكأن الكلمات قد تعثرت في فمه فيغادر المكان في لمح البصر ، … فلقد اعتاد الشد والجذب وغالبا ما ينتهي بأن يبادرها قائلاً :
كم تأخذين من المال لتعودي إلي البيت ؟ ….
فيلعب المال برأسها … فالمال دائما بالنسبة لها هو هدفها وغايتها فيفقدها رشدها .. فتعود معه إلي المنزل … ، وما زالت أصداء مشاكلهما حديث النادي بأسره … فالنادي يعرفه منذ أن كان طالبا في الجامعة تنجذب إلي رجولته وحيويته معظم بنات النادي … ولكنه كان دائما يخشي الزواج خوفاً من أن يكرر ما حدث لأبيه الذي كان مسلوب الإرادة مجرد تابع ومنفذ لكل طلبات الزوجة وعندما رفضت أن تنجب طفلا للحفاظ علي جمالها وشبابها ازداد إحساسه بالألم حتى عندما أنجب طفلا بعد ذلك لم يتغير الحال كثيرا صحيح أن الأب وضع فيه كل آماله وأحلامه وطموحاته فألحقه بكلية الطب ليصبح جراحا مشهورا مثله ، فعندما سافر “خالد” إلي أمريكا لاستكمال دراسته العليا ازداد إحساسه أنه قد تخلص من القيود المكبلة للحرية نهائيا فانزلق وراء نزواته وشهواته نحو النساء وعندما عاد الي بلدته بور سعيد كان والده قد وافته المنية … وأمه أصبحت أسيرة حجرات المنزل الصماء .. فلقد فترت الأحاسيس والمشاعر في داخله فأصبحت لديه قدرة فائقة علي اجتذاب النساء الثريات الباحثات عن زوج له مركز اجتماعي مرموق .. وما إن تقع الفريسة في شباكه حتي ينقض عليها محاولا جاهدا أن يمتص ثروتها ثم يطلقها ويبحث عن فريسة أخري … حتي تقدم به العمر وشعر أنه غير قادر علي حياة الشباب . وما إن رأي “ليال” حتى وجد نفسه غارقاً في حبها متوهماً صدق مشاعره رغم فارق السن بينهما ولكن كيف يقنع أسرتها فأسرتها ثرية جداً .. ولكنه نجح في جذب “ليال” إلي شباكه ، إن لوجهها ألفة لم يعرفها ولحضورها دفء يشعر به قلبه ، فقد استقرت عيناها في ميناء عينيه كأنهما مجذوبتان في طرف خيط رفيع مشدود ، إرتعش قلبه فنظراتها تتكلم وهو يخشي أن يسمع فقد يكون صوتاً كاذباً … “فليال” خريجة فنون .. درست في أوربا كما أنها علي حد علمه عانت من تجربة زواج لم يكتب لها النجاح .
لم يتخلص من عاداته القديمة فأغرقها بالهدايا والمديح المعسول .. فأنوثتها تخطف القلوب والأبصار تقدم لها العيون قرابين من نظرات تنحني لها هامات الولاء والطاعة تحت أقدامها فنفوس الرجال كرياح الشتاء لا تهدأ إلا بقطرات من مطر يزيح غلظتها ويلين شدتها.. وما ان تم الزفاف حتي وجد نفسه يزداد رغبة ونهماً في إغراقها بالهدايا الثمينة كلما أراد احتضانها . فحينما يشعر أنها تلاوعه وتتلاعب به يحاول أن يسترد هداياه وعندما طالبها مرة بهداياه كتبت له شيكا بقيمة الهدايا والمشتريات ثم تركت له المنزل وعادت إلي بيت أبيها وصارت تخرج إلي النادي لتحكي تفاصيل جديدة في مرارة وألم .
وأصبحت العادة أن يصالحها بشيك أو هدية ثمينة حتى بات رهن إشارتها ولكنه أخيرا استمع إلي أحد أصدقائه المقربين في أن يعرض نفسه علي طبيب نفسي ليجد له حلا لهذا الأسلوب الغريب المتأرجح ” بين الكرم والبخل ” كان في حيرة من أمره كلما نظرت إليه في دلال وأنوثة .. هل سينجح الطبيب في نزع الشعور بالخوف من امرأة تمتلكه !
كان العلاج بالنسبة له مُراً كالعلقم وكانت الزوجة الشابة قد طلبت الطلاق فشعر بالارتياح بعد أن عاني من زواج فاشل وهو الآن يفكر في الزواج من جديد بامرأة في مثل عمره تفهم مشاعره حتي لا ينتهي به المطاف الي ما آلت إليه قصة زواجه الأولي .