الكاتبة الفلسطينة الدكتورة تمارا حداد تكتب : هندسة قطاع غزة.
السبت 18-11-2023 19:07
بقلم الدكتورة : تمارا حداد.
ما زالت العملية العسكرية الإسرائيلية مُستمرة على القطاع حتى يتم تنفيذ أهدافها الأمنية والعسكرية رغم الضغوطات الدولية والاقليمية على اسرائيل لترسيخ هُدن انسانية الا ان تعنتها ما زال قائماً حتى يتم تحقيق نصراً يُعيد كرامتها واعادة ثقة الشارع الاسرائيلي بالجيش وتحقيق سياسة الردع التي تم فقدانها منذ السابع من اكتوبر.
قد يكون الهدف المُعلن هو تحقيق البُعد الاحتلالي الامني للقطاع لكن الاهم من هذه العملية هو تحقيق أهم بُعدين وهما سحب سلاح المقاومة الفلسطينية من القطاع وتحقيق امن الغاز وبناء قناة بن غوريون “البحرين” من البحر الاحمر حتى البحر المتوسط وهذا بحاجة لازاحة السكان الغزيين من شمال القطاع حتى تهجيرهم طوعاً من خلال فتح مكاتب دولية لتعزيز اللجوء الى بلدان اوروبية مختلفة او التهجير القسري من خلال استخدام آلة القصف الجوي وتعميق الازمة الانسانية والتركيز على خطة التجويع وانهاء الحالة المؤسسية والرسمية والادارية كبُنية تحتية لانهاء أي حالة مُستقبلية سلطوية لحكم حركة حماس او جهة فلسطينية اخرى وبالتحديد في المناطق الشمالية التي سيتم تحويلها الى مناطق مُجرَفة امنية عازلة ثم تحقيق الهدف الاكبر والمتمثل ببناء قناة البحرين من البحر الاحمر الى المتوسط رغم ان مخطط القناة كان سيتم تنفيذه من البحر الاحمر الى البحر الميت كمرحلة اولى ثم الانتقال للمرحلة الثانية وهي من البحر الميت الى المتوسط لكن وجدوا ان التنفيذ المباشر من البحر الاحمر للمتوسط اكثر جدوى وستخدمهم دون فائدة أي اطراف اخرى.
حيث ان هدف اسرائيل من هذا المشروع وهو الحصول على مياه لتبريد مفاعلاتها النووية الجديدة التي تنوي اقامتها في النقب، حيث تنوي اسرائيل اقامة مفاعل في هذه المنطقة بعد ان بلغ مفاعل ديمونة سن الشيخوخة، حيث بدأ تشغيله عام 1963 وحدثت به تشققات وتسريبات اشعاعية اثرت على العاملين والسكان القاطنين حول المفاعل باصابتهم بالسرطان، لذا تسعى اسرائيل بناء مفاعل نووية اضافية في منطقة النقب بحيث يتم تبريدها بمياه القناة المقترحة لزيادة حجم الوقود النووي الذي تحصل عليه اسرائيل عدة مرات سواء من اليورانيوم المخصب الذي وصل تسعون بالمئة او بلوتونيوم، لذا اسرائيل معنية بتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي للقطاع لتحقيق تلك الاهداف والمتمثلة ببناء مفاعل جديدة في النقب يكون لديها بناء اسلحة نووية ما يمكنها بناء المئات من القنابل النووية ناهيك عن استخدام النقب لدفن المخلفات بدل رميها في البحر.
لا تهدف اسرائيل فقط انشاء قناة البحرين بل تهدف الى مشاريع استراتيجية تريد تنفيذها مستقبلاً وهو مشروع انشاء خط سكة حديدية تمتد من اسرائيل الى دول الخليج وانشاء منظومة النقل الاقليمي يكون محورها الاساسي اسرائيل، وتحويل ميناء حيفا واجدود ليكونا بوابة للشرق وتوسعتهما من خلال بناء سكة حديد اكثر تطويراً بين حيفا وعفولة وبيسان وتحقيق الممر الهندي لنقل البضائع من مختلف العالم في شمال البحر المتوسط وبناء هذا المشروع له مخاطر حيث سيُلقي الضرر الاكبر على الاقتصاد المصري كون القناة المقترحة والممر المقترح مُنافس لقناة السويس.
مخاطر ذلك ليس فقط على الواقع المصري وانما الاردني والفلسطيني حيث ان فتح القناة من البحر الاحمر الى المتوسط يعني التحكم بمجال المياه وتحليتها هذا يعني التحكم باسعار المياه ووضع يدها على المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة والتحكم بالمصدر الحيوي للحياة.
ان دخول مشروع قناة البحرين وبناء مفاعل نووية جديدة مرهونة بازاحة المدنيين الفلسطينيين من القطاع حيث ان اهداف اسرائيل لا تنتهي من اجل السيطرة وتثبيت اركان سيادتها على الاراضي الفلسطينية وتعزيز الوجود الاستيطاني من خلال جلب عدد كبير من المواطنيين الاسرئيليين الذين يتبنون البُعد الصهيوني الديني فهم يتسابقون في انجاب عدد كبير من الافراد امام ارتفاع عدد مواليد الشعب الفلسطيني والذي بات يؤرق المشروع الصهيوني الاحلالي نظرا ان ما يُزعجهم هو التسارع في الكثافة السكانية الفلسطينية فهي المُقوض لاهداف مشروعهم الحالي لذلك يجلبون مستوطنيين عملهم الوحيد الانجاب والتكاثر امام التسارع في حرب الانجاب الفلسطيني وازدياد التغير الديمغرافي لصالح الفلسطيني اكثر من الاسرائيلي.
من الصعب تصور ان اسرائيل ستتخلى طواعية عن الاستمرار في التوغل البري للقطاع لتحقيق مطلبين وهما اعادة اسراها وجثث جنودها لدى المقاومة الفلسطينية بالكامل باقل الاثمان من دون اتفاق لتبادل الاسرى كما تريدها المقاومة فاسرائيل غير معنية بتحقيق صفقة شاليط اخرى، والمطلب الاخر تشكيل لجنة دولية للاشراف على نزع السلاح لدى التنظيمات الفلسطينية في القطاع ووضعه تحت ادارة دولية، دون تحقيق هذين المطلبين يعني خسارتها في مجمل عمليتها العسكرية، كما أن نجاح مخططات إسرائيل مرهونة بما يحدث في الميدان أمام استمرار المقاومة الفلسطينية في المواجهة والتصدي .