الدكتورة منى حنا عياد تكتب : هزيمة الفريق القومى
الخميس 01-02-2024 16:34
بقلم دكتورة : منى حنا عياد
رغم الدعم والاهتمام الكبير من الدولة المصرية، وتذليل كل العقبات أمام المنظومة الرياضية بشكل عام، ورياضة كرة القدم بشكل خاص، إلا أن اتحاد الكرة الحالى أظهر من التخبط، والمراهقة الإدارية، وغياب الاحترافية، ما يصيب المشجع العادى بالدهشة الممزوجة بالصدمة العنيفة، وهو ما تسبب فى هذا الفشل لمنتخبات كرة القدم فى الأعمار السنية المختلفة.
أعضاء اتحاد الكرة لا يمتلكون فكرا ولا خططا ويُعلون من شأن العشوائية فى الإدارة، والأخطر أنهم لا يجيدون التواصل مع المؤسسات القارية والدولية المسؤولة عن إدارة كرة القدم، مثل الكاف والاتحاد الدولى، ومستغرقين فى المحلية بإفراط مقيت، ولذلك فإنهم أهدروا الكثير من هيبة الكرة المصرية، وأحطوا من مكانتها، إلى حد يستوجب معه محاسبتهم، على هذا التقصير!
البداية، عندما أُبتليت كرة القدم بهذا الاتحاد، فوجئنا بأنه يدشن عهده بإصدار قرار التخلى عن المدير الفنى ذى الاسم الأشهر فى كرة القدم العالمية، وصاحب الخبرات مع المنتخبات الكبيرة، وصاحب السيرة الذاتية المضيئة، كارلوس كيروش، رغم أنه وصل لنهائى بطولة الأمم 2022 بلاعبين جدد، من اكتشافه.
كيروش كان يعتمد فى اختياراته على اللاعبين أصحاب الأداء والمجهود الوفير، ولا يرضخ للتوازنات بين الأندية، مغلبا مصلحة المنتخب الذى يلعب باسم مصر، فوق كل المصالح، لذلك اكتشف عمر مرموش وإمام عاشور ومحمد عبدالمنعم وعمر كمال ومهند لاشين وأبوجبل ومحمد صبحى، وهم لاعبون كانوا بعيدين عن زخم النجومية وعناوين الصحف والمواقع، والبرامج التليفزيونية، وصار هؤلاء نجوما بعد بطولة الأمم 2022 .
واستقدموا البرتغالى روى فيتوريا، عقب طرده من نادى النصر السعودى، للنتائج السيئة، والذى يفتقد لخبرات تدريب المنتخبات، فمنتخب مصر أول تجربة له، أى جاء يتعلم ويكتسب خبرات من المنتخب الوطنى، فكانت النتيجة سيئة. روى فيتوريا، مدرب ضعيف وقماشته الفنية ضيقة، ويفتقد القدرة على التقييم الصحيح، واختياراته خزعبيلة، تعتمد على الأسماء والتوازنات، بعيدا عن الأداء الفنى وبذل المجهود، وأيضا لا وجود فى قاموسه الكروى لأى خطة لعب ولا جمل تكتكية تربك المنافس، ولا قراءة جيدة لسير المباراة، ويعمل بطريقة عشوائية تتشابه إلى حد التطابق مع عشوائية اتحاد الكرة الذى اختاره، وكأنه يقول لهم، لا تقلقوا فأنا أرتدى عباءتكم الإدارية!
ضعف فيتوريا الفنى تجلى عندما دفع بتشكيل أمام موزمبيق فى أولى مباريات المنتخب الوطنى بالبطولة، يتصادم مع أبسط قواعد منطق كرة القدم، مستبعدا أفضل لاعبى مصر، مروان عطية وإمام عاشور وياسر إبراهيم، فنجا المنتخب من كارثة تلقى الهزيمة فى الدقائق الأخيرة من المباراة، ثم ختمها فى مباراة أمس بالدفع بمحمود حمادة، أمام الكونغو، وهو اللاعب الفاقد لذاكرة كرة القدم، بديلا للاعب الأفضل، مروان عطية، فلعب المنتخب ناقص لاعب، هذا التغيير جريمة كروية مكتملة الأركان تستوجب محاكمة فيتوريا كرويا!
المؤلم أن روى فيتوريا يتقاضى راتبا هو الأعلى من بين أقرانه فى البطولة، ولا نفهم ما هى الحيثيات التى دفعت اتحاد الكرة للتعاقد مع مدرب لم يسبق له تدريب أى منتخب، وبراتب شهرى كبير لا يتقاضاه مدربو الفرق الكبرى فى القارة الأفريقية، من عينة مدربى منتخبات السنغال ونيجيريا والمغرب والكاميرون والجزائر.
خروج المنتخب بهذا الشكل، بعدما خاض 4 مباريات فى بطولة الأمم الأفريقية، بساحل العاج، دون أن يحقق فوزا واحدا، وهو المنتخب الذى يُعد كبير القارة، والفائز بالبطولة 7 مرات، يحتاج وقفة حاسمة، وإرادة قوية للتغيير، بداية من استبعاد كل الوجوه الحالية والقديمة، على ألا نستعين من الماضى بأى شخص كان فى موقع المسؤولية بالجبلاية، فكما يقول الأديب الكولومبى، جابرييل جارسيا ماركيز: «استحضار الماضى، لا يمكنه إنقاذ المستقبل!» لذلك يجب التغيير وفق القدرات والجدارة المهنية القادرة على الاستعانة بالعلم ودراسة تجارب الدول المتقدمة فى اللعبة، لوضع خطط العلاج والنهوض بالكرة نهضة حقيقية، وعدم اللجوء للمسكنات التى أضرارها أضعاف مضاعفة من فائدتها دون ذلك، ستُعاد الكَرة، ويستمر الفشل والخذلان.
نريد عقولا مفكرة، فاعلة، قادرة على الإمساك بتلابيب العلم، ووضع الخطط للنهوض بلعبة كرة القدم. لا نريد “كرفتات فوق الكراسى” لالتقاط الصور، وملء الفراغات!.