رئيس التحرير

خالد غنام يكتب : إذلال أهالي مدينة غزة

الخميس 07-03-2024 16:47

بقلم خالد غنام- استراليا
في رسالة خاصة من صديق لي كتب: في السجن المؤقت الواقع بحرم الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، تم تحقيق مع أخي دكتور طوارئ لأنه كان يكتب أن سبب الوفاة سقوط ردم البيوت نتيجة قصف طيران جيش الاحتلال الإسرائيلي. تهمة أخي حسب ضباط جيش الاحتلال أنه كطبيب يجب أن يكون محايدا ويكتب أن سبب الوفاة هو تواجد الناس في أماكن خطرة سبق أن حذر جيش الاحتلال بضرورة إخلائها. أما عقوبة أخي فكانت كسر أصابع اليد اليمنى ورضوض في رأسه وظهره.
قد لا تكون تلك الرسالة الوحيدة لدي، فهناك الكثير من جرائم جيش الاحتلال في داخل مدينة غزة. وما أكتبه ليس للتوثيق، بقدر ما بكاء على سطور من دم على أصدقاء لا أملك أن افعل لهم شيئا. أصدقاء يكتبوا لي ليقولوا لك الحق ان تنشر اذا وصلك خبر استشهادنا.

أكثر الرسائل المؤلمة تلك التي تتعلق في إذلال النساء بما في ذلك اغتصابهن. أروي لكم أحد هذه القصص من شخص يعرف إحداهن: تقول أنها فقدت ثلاث أطفال لها في مدينة غزة، وذهبت لتسأل عنهم أحد نقاط التفتيش التي وضعتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، فقالوا لها: إذا أردتي معلومات عن أطفالك أرشدينا على مكان اختباء أخيك؟ فكررت لهم اكثر من مرة أنها لا تعرف أي شيء عنه، لكنهم أهملوا إجابتها، فقررت الابتعاد عنهم، لكنهم رفضوا ذلك وسألولها اين هي ذاهبة؟ فقالت: أريد أن أبحث لكم عن أخي! وهنا انهالوا عليها بالضرب المبرح ومزقوا ثيابها، واغتصبوها وهم يشتمونها أبشع الشتائم ثم ألقوها على ظهر عربة تجرها حمار وأمروا صاحب العربة بإعادتها إلى المدرسة التي كانت تأوي إليها. وهي الآن بحالة نفسية مزرية ترفض الخروج من الغرفة وترفض تحدث مع أي أحد ولا تنام بشكل منتظم وترفض أن تأكل إلا أن بعض النساء يجبرنها على تناول الماء والدواء. ومثل هذه القصة هناك أكثر من ألف قصة.

في الحديث عن المفقودين يصاب البعض بالهوس بين حقيقة أنهم شهداء أو أنهم محتجزين عن قوات الاحتلال أو أنهم في مكان آخر في قطاع غزة. أروي لكم قصة صديق يبحث عن عائلة أخيه وهي مكونة من سبعة أشخاص، بحث بإصرار عن طريق الصليب الأحمر لتأكد أنهم ليسوا ضمن المسجلين موتى تحت ردم البيوت، وسأل أصدقاء يعملون بالأونروا ليتأكدوا أنهم ليسوا ضمن سجلات النازحين للمناطق الجنوبية من قطاع غزة، ودفع رشاوي لبعض جنود الاحتلال ليبحثوا له عن أسماءهم في سجلات المحتجزين في مراكز التوقيف التابعة لجيش الاحتلال داخل مدينة غزة، وبعد مل ذلك لم نعثر على أي يخيط يوصلنا إلى معلومات عنهم، ومثل هذه القصة هناك أكثر من ٣٠ ألف قصة.

أما قصص المجاعة المتعمدة فهي أكثر بكثير وهي كلها ترفع شعار أن قوات الاحتلال لا تريد الخروج من قطاع غزة ولا تريد إدخال المساعدات الإنسانية لأنها تستفيد من ذلك بطرق مختلفة، أولها بيع الماء والدواء والغذاء للمدنيين بمبالغ طائلة، وهي عادة ما تكون بعروض من جنود النقاط الثابتة لقوات الاحتلال. أما الطلبات الخاصة مثل أدوية معينة فيتم بيعها بمبالغ باهظة وأحياناً كثيرة يأخذ الجندي الأموال ثم يقول الضابط رفض وأخذ المبلغ المالي مني. لكن ليس لنا خيار آخر سوى شراء حليب الأطفال والماء من جنود الاحتلال في مدينة غزة.

ولابد أن نذكر أن هناك تجار حرب فلسطينيين وعرب يستغلون هذه الظروف يطالبون الأهالي بدفع مبالغ طائلة مقابل الحصول على مساعداتهم.
هذا الإذلال لأهالي مدينة غزة الذين رفضوا النزوح للمناطق الجنوبية في قطاع غزة هدفه الحقيقي معاقبتهم لأنهم قرروا الصمود في مدينتهم. وهم لحد الآن يصرون على أن يبقوا فيها، قائلين: سنبقى حتى لا تموت غزة فنحن غزة.

التعليقات مغلقة.