ويلزمه قضاء اليوم الذي أفطره فقط، إن كان فطره بغير الجماع، وهو قول عامة أهل العلم، وحكى بعضهم الإجماع عليه.
ينظر لمزيد من التفصيل جواب السؤال رقم: (234125).
ثانيا: أما القول بأنه: (يقضي عنه 60 يومًا متصلاً) فلعل مراد القائل: وجوب الكفارة عليه، وهي صيام شهرين متتابعين!
فإن كان كذلك؛ فقد اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بغير الجماع على أقوال:فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه: لا تجب على من أفطر في رمضان بغير الجماع كفارة ولا فدية، وإنما عليه قضاء اليوم الذي أفطر فيه؛ لقول النبي ﷺ: وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ [1].ولأن الأصل عدم الكفارة أو الفدية إلا فيما ورد به الشرع.
ولأنه أفطر بغير جماع فلم تجب الكفارة، ولا يصح قياسه على الجماع؛ لأن الحاجة إلى الزجر عنه أمس، والحكم في التعدي به آكد.
وإلى هذا ذهب سعيد بن جبير وابن سيرين والنخعي وحماد بن أبي سليمان وداود.
وذهب الحنفية إلى أنه: تجب عليه الكفارة إذا أفطر بإيصال ما يقصد به التغذي أو التداوي إلى جوفه عن طريق الفم؛ لأن به يحصل قضاء شهوة البطن، كما يحصل بالجماع قضاء شهوة الفرج.
قال ابن قدامة: “حكي عن عطاء، والحسن والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق: أن الفطر بالأكل والشرب، يوجب ما يوجبه الجماع”.
أما ما لا يقصد به التغذي أو التداوي، كبلع الحصاة أو التراب أو النواة ونحوها: فلا تجب فيه الكفارة عند الحنفية. وكذا إن باشر دون الفرج، فأنزل، أو استمنى.
وذهب المالكية إلى وجوب الكفارة عليه بشروط منها: أن يفطر متعمدا، وأن يكون مختارًا، وأن يأكل أو يشرب عن طريق الفم، وأن يكون الإفطار في رمضان الحاضر، وأن يكون عالمًا بحرمة الموجب الذي فعله، وإن جهل وجوب الكفارة به.
والكفارة الواجبة في هذا عند المالكية: مثل الكفارة الواجبة بالجماع؛ لأنه إفطار في رمضان فأشبه الجماع، حيث إن كلا منهما هتك حرمة الصيام في نهار رمضان بمعصية[2].
والقول الراجح: هو عدم وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بغير الجماع؛ لأن الأصل عدم الكفارة أو الفدية إلا فيما ورد به الشرع؛ ولم يرد في الشرع وجوب الكفارة إلا بالجماع، ولا يصح قياس الأكل والشرب على الجماع.
كما أن النبي ﷺ ذكر في شأن من استقاء عمدًا أن عليه القضاء فقط، ولم يذكر كفارة، فقال: مَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ[3].
والقول بعدم وجوب الكفارة على من أفطر في رمضان بغير الجماع، هو اختيار اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين – رحمهما الله -.
ففي “فتاوى اللجنة الدائمة”: إن كان الإفطار في رمضان بغير الجماع: فليس فيه كفارة على الصحيح، وإنما الواجب التوبة وقضاء ذلك اليوم الذي حصل فيه الإفطار…”انتهى[4].
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله-: “إذا كان الإفطار بغير الجماع، بل بالماء أو بالأكل ونحو ذلك، فليس عليه كفارة، بل عليه القضاء”انتهى[5].
وسئل الشيخ ابن عثيمين: إذا استمنى الصائم فهل تجب عليه الكفارة ؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا استمنى الصائم، فأنزل: أفطر، ووجب عليه قضاء اليوم الذي استمنى فيه، وليس عليه كفارة، لأن الكفارة لا تجب إلا بالجماع “انتهى[6].
والحاصل: أن من أفطر يومًا من رمضان من غير عذر؛ فقد وقع في كبيرة من كبائر الذنوب، ويلزمه التوبة النصوح.
فإن كان فطره بغير الجماع؛ فليس عليه إلا قضاء اليوم الذي أفطره فقط، وليس عليه كفارة ولا فدية.
والله أعلم.