ننشر رسالة الرئيس علي ناصر محمد رئيس مجموعة السلام العربي إلى المؤتمر القومي العربي
الإثنين 03-06-2024 13:32
نص رسالة الرئيس اليمنى السابق على ناصر محمد
السيدات والسادة المحترمون
تحية العروبة والسلام
نشكر لكم دعوتكم الكريمة ونحيي مؤتمركم المنعقد في دورته الثالثة والثلاثين في بيروت 31 مايو الجاري، والذي مثل فاعلية نضالية معمرة ومستمرة، وهو أحوج ما نكون إليه في هذه الظروف التي تمر بها الأمة العربية، حيث تستمر دولة الاحتلال الصهيوني في حرب الإبادة ضد سكان غزة وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 وإلى اليوم.
ولعلّ من أولى مستلزمات مقاومة الاحتلال، هو تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية المدماك الأساسي، الذي يمكن أن تتوحد حولها وحدة الصف العربي، حتى وإن كانت بحدها الأدنى على المستوى الرسمي، فضلًا عن وحدة القوى العربية التحررية المناهضة للاحتلال، والعاملة على دعم نضال الشعب العربي الفلسطيني بجميع الوسائل الممكنة، ليتمكن من تقرير مصيره بنفسه وعلى أرض وطنه وبناء دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إننا في مجموعة السلام العربي، التي تأسست قبل ما يزيد عن خمس سنوات، والتي اختتمت مؤتمرها الثاني في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في نهاية شهر أبريل المنصرم 2024، عملنا وسنبقى نعمل من أجل لحمة جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، ووضع الهدف الأسمى، وهو حق تقرير المصير وحق العودة وإقامة الدولة القابلة للحياة فوق جميع الخلافات الثانوية. وإذا كان ما يجري في غزة من عملية تدمير شاملة، وتجريف الأحياء والمرافق والمستشفيات، وقطع الماء والدواء والغذاء والكهرباء وأبسط مستلزمات الحياة عن الفلسطينيين، لا يوحّدنا كفلسطينيين وكعرب، فماذا سيوحدنا بعد ذلك؟ نقول ذلك بألم ونحن نتوجه الى جميع الوطنيين العرب، بغض النظر عن توجهاتهم السياسية.
أيتها الأخوات.. أيها الأخوة
لقد رصدنا في مجموعة السلام العربي بعض التطورات المهمة على الصعيد الدولي ازاء قضيتنا المركزية فلسطين نشير إلى عدد منها على سبيل المثال لا الحصر، مثل إقامة حكومة جنوب إفريقيا دعوى ضد إسرائيل لقيامها بحرب إبادة، وقرار محكمة العدل الدولية القاضي بوقف حرب الإبادة، وقد انضم إلى الدعوى عدد غير قليل من البلدان في العالم، وهذا مؤشر إيجابي على انحياز الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي لصالح القضية الفلسطينية.
وقد انعكس ذلك على موقف الغالبية الساحقة من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح قبول فلسطين عضوًا كامل العضوية في الأمم المتحدة، حيث صوت لصالحها 143 دولة في 10 مايو 2024، وقد أقدمت إسبانيا والنرويج وإيرلندا مؤخرًا على الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، وكانت سلوفينيا ومالطا قد أبدتا استعدادهما الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين.
كما أن قرار المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، يعتبر خطوة مهمة على طريق ملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة، كي لا يفلتوا من العقاب.
وبالطبع فإن الحراك الشعبي الطلابي في الولايات المتحدة وفي بريطانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا والعديد من البلدان الأوروبية، إضافة إلى بعض دول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، يعد تطورًا مهما في الرأي العام الغربي بشكل خاص والدولي بشكل عام، الذي أخذ يتنامى فيه التيار المعادي لانتهاكات حقوق الإنسان السافرة في فلسطين، والمطالبة بوقف حرب الإبادة.
ولا شك أن انحياز عدد من يهود الغرب ضد إسرائيل، وتنامي معارضة داخلية ضد التيار العنصري المتطرف، الذي يقوده نتنياهو، وانضمامهم إلى الحملة العالمية للمطالبة بوقف الحرب، وتلبية حقوق الشعب العربي الفلسطيني، سيكون له تأثير مستقبلي ينبغي تعزيزه وتطويره لتشكيل رأي عام ضاغط على إسرائيل من خارجها ومن داخلها، في إطار ما يعرف بالضدّ النوعي.
يضاف إلى ذلك أن العديد من البلدان بدأت تتلمس مخاطر عدم حل القضية الفلسطينية، حلًا عادلًا وإنسانيًا، على السلم والأمن الدوليين، وهو ما ينبغي استثماره شعبيًا ورسميًا بما يعزز القناعة بحقوق الفلسطينيين العادلة والمشروعة.
أيتها السيدات.. أيها السادة أعضاء المؤتمر القومي العربي
سبق لشعوبنا العربية ان جربت عددًا من الوسائل للضغط على الكيان الصهيوني ومن ورائه من الدول الغربية، وقد كانت لتلك الوسائل مردودات ايجابية، سواء بعد العدوان الثلاثي الأنجلو – فرنسي الإسرائيلي على مصر في العام 1956 أو بعد العدوان الإسرائيلي على سوريا ومصر في العام 1967 أو بعد حرب أكتوبر التحررية في العام 1973، وعلينا اليوم الاستفادة من التجارب التاريخية والبناء عليها، وابتداع وسائل جديدة بما يتناسب مع المرحلة التي نعيشها، خصوصًا في ظل ثورة الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا الإعلام و المعلومات واقتصاد المعرفة والذكاء الاصطناعي من إجراءات المقاطعة الاقتصادية والتجارية وجميع وسائل القوة الناعمة، تلك التي تستثمر ضدنا، وينبغي تحويلها إلى الطرف الآخر ولدينا العديد من الأسلحة، التي يمكن استثمارها على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والجيوبولوتيكية، فيما لو تحقق الحد الأدنى من الموقف العربي الموحد الداعم للموقف الوطني الفلسطيني الموحد.
وبالطبع فان إيجاد حلول عادلة وسريعة للاحترابات العربية أمر في غاية الأهمية، ويصب في الجهد الفلسطيني والعربي، خصوصًا ونحن نعلم ما تتعرض له سوريا واليمن والسودان وليبيا من محاولات هدفها تمزيق وحدة هذه البلدان العربية، تمهيدًا لإمرار المخطط الاستعماري الذي بشر به برنارد لويس منذ العام 1979، والذي تبناه الكونغرس الأمريكي في العام 1983، أي تحويل العالم العربي إلى أقليات منقسمة على نفسها ومتحاربة مع بعضها، لتكون إسرائيل الأقلية الأقوى تكنولوجيًا وعلميًا، ولا سيما بالدعم الغربي.
أيها الأصدقاء الأعزاء
إننا ننظر إلى القوى والأنشطة السياسية والمدنية من زاوية أن بعضها يكمل البعض، وفي الوقت الذي بدأ المؤتمر القومي العربي كمرجعية فكرية مهمة جمعت شخصيات مؤثرة من التيارات الثلاثة: القومية والإسلامية واليسارية، فإنه اقتصر في السنوات الأخيرة على إصدار البيانات التقليدية، الأمر الذي يحتاج إلى تعزيز دوره الفكري وتنشيط الحوار داخله، بحيث يستوعب التيارات الثلاث، باعتباره مظلة فكرية لشخصيات ذات وزن وثقل نضالي عربي من الممارسين والمفكرين والمثقفين العرب، يجمعهم همّ مشترك، ويسعون إلى تحقيق المشروع النهضوي العربي، الأمر الذي يتطلب خطابًا جديدًا وروحًا جديدةً وأساليب عمل جديدة، ونحن وإياكم والعديد من المنظمات المدنية والسياسية والثقافية الفاعلة على طريق الاستقلال السياسي والتحرر الاقتصادي والديمقراطية والوحدة والعدالة الاجتماعية والتجدد الحضاري، وذلك هو السبيل لدعم الشعب العربي الفلسطيني.
الرئيس علي ناصر محمد
رئيس مجموعه السلام العربي
في 27 أيار / مايو 2024