الدكتورة منى حنا عياد تكتب : فتيات بانوراما البرشا
الثلاثاء 04-06-2024 13:09
بقلم / دكتورة منى حنا عياد
البرشا إحدى القرى التابعة لمركز ملوى بمحافظة المنيا نبت حلم فتيات فرقة بانوراما البرشا المكوة من مجموعة من الفتيات المصريات ولد بداخلهم حب الفن والغناء والمسرح وتحدوا كل الظروف الصعبة فنيا واجتماعيا وكسر التابوهات الجديدة للمدينة المهيمنة والمستحوذة على كل شيء وأردن التعبير عن ذواتهن وبأدوات وامكانيات فقيرة للغاية من واقع المجتمع الصغير للقرية الصعيدية. فجاء الفيلم التسجيلي الأمل والصرخة الفنية الجديدة ” رفعت عيني للسينما” ليحصد جائزة العين الذهبية للفيلم التسجيلي في كان ويرفع اسم مصر عاليا من خلال المضمون الاجتماعي الغارق في المحلية – مثل أدب نجيب محفوظ- لقضايا اجتماعية مهمة عبرت فيها الفتيات بصراحة عنها ورفعن لافتاتهن في مواجهه عادات وتقاليد اجتماعية بليدة ” “انا جسمي مش خطيه.. ولا لبسي ده قضية…والمتحرش جبان “. وتجولن بها في تظاهرة للتعبير عن مشاعرهن مطالبين الا يساقوا للزواج صغار ولابد ان البنت تختار شريك حياتها ومكافحة الزواج المبكر ومناهضة الخلافات الأسرية . الفيلم بسيط بأدواته لكنه عميق في مضمونه وقضيته من خلال ما يسمى بـ” مسرح الجرن أو الشارع” لفتيات يرصدن ما يدور داخلهن من أحلام خارج الزمن الاجتماعي لهن في مواجهه كوابيس الواقع. فمجموعة البنات في الفيلم التسجيلي قررن تأسيس فرقة مسرحية لعرض مسرحياتهن المستوحاة من الفلكلور الشعبي الصعيدي، وعرضها في شوارع قريتهن “البرشا” في لتليط الضوء علي قضايا الزواج المبكر والعنف الأسري وتعليم البنات والقضايا المسكوت عنها في الشارع المصري تجاه الفتيات. الفيلم رغم قسوة مضمونه الا أنه ممزوج بحكايات وأغاني التراث واحكام أدبي وبلغة سينمائية محترفة وراقية الفيلم من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، وبطولة فريق مسرح بانوراما برشا، ماجدة مسعود وهايدي سامح ومونيكا يوسف ومارينا سمير ومريم نصار وليديا هارون ويوستينا سمير مؤسسة الفريق وإنتاج شركة فلوكة فيلمز. الفيلم استغرق حوالي 4 سنوات لتوثيق رحلة البنات في القرية واستحق الجائزة الدولية تحية تقدير لفرقة بانوراما البرشا التي ألقت بتلك الحجر الضخم ودقت بجرس تنبيه كبير لايقاظ واستنهاض الهمة الفنية المصرية من جديد واستعادة زمام الابداع مرة آخري من خلال مئات وآلاف المواهب المنتشرة في شوارع مصر وقراها وتحتاج فقط الى إعادة تنظيم من بعض المخلصين والمؤمنين بقدرات مصر الفنية مثل ما أبدع زكريا الحجاوي عاشق تراث مصر في الخمسينات والستينات وحتى بداية السبعينات. شوارع وقرى مصر كانت تمتلك مسرحها وفنها الخاص في الخمسينات والستينات والسبعينات لترسيخ ثقافة التعبير وافراز مئات المواهب والكوادر الفنية …فماذا حدث ..؟ كان لدينا مسرح الشارع والجرن والمسرح المدرسي وفرق قصور الثقافة المسرحية في حوالي 525 قصر ثقافة والمسرح الجامعي ومسرح السكة الحديد والمسرح العسكري ومسرح التليفزيون وغيرها. المسألة بسيطة يا سادة ..نحتاج الى مشروع لإعادة هذه المسارح مرة آخرى وخاصة مسارح الشارع والجرن والمسرح المدرسي والمسرح الجامعي وصدقوني سنفوز بجوائز عالمية كثيرة وبفن مصري صميم وخالص بسواعد أبناءه من البسطاء الموهوبين في ريف مصر وصعيدها في البرشا وفي أكثر من 5 آلاف قرية مصرية آخرى.