الزمن الجميل … الفنانة داليدا غاسلة ملابس السينما المصرية توفيت منتحرة بجرعة زائدة من أقراص الباربيتورات المهدئة وكتبت وصيتها
الأربعاء 16-10-2024 12:57
هوليود الشرق مصر والسينما المصرية فيها برع عدد من النجوم فى السينما المصرية، في العديد من الأعمال الفنية واستطاعوا حفر اسمائهم في تاريخ السينما، ورغم وفاتهم إلاأن أدوارهم مازالت محفورة في أذهان جمهورهم إلى الآن ومنهم الفنانة يولاندا كريستينا جيجليوتي، (17 يناير 1933 – 3 مايو 1987) المشهورة باسم (داليدا) مغنية وممثلة فرنسية مصرية، ولدت في حي شبرا بالقاهرة، مصر، لأسرة ذات جذور إيطالية تعود أصولها إلى شبه جزيرة كالابريا في جنوب إيطاليا
شاركت في مسابقة ملكة جمال مصر وفازت باللقب سنة 1954. بدأت مسيرتها الفنية كممثلة في السينما المصرية، ولكن جاءت إنطلاقتها الحقيقية كمغنية في فرنسا، وغنّت بتسع لغات: العربية والإيطالية والعبرية والفرنسية واليونانية واليابانية والإنجليزية والإسبانية والألمانية.
في عام 1955 شاركت في فيلم سيجارة وكاس للمخرج نيازي مصطفى، وبعد عام واحد وقعت عقدا مع شركة باركلي للتسجيلات وأصدرت أول أغنية لها بعنوان (بامبينو) والتي حققت نجاحًا كبيرًا، صعدت إلى الصدارة بسرعة عندما حققت أغانيها مبيعات قياسية في فرنسا بين عامي 1957 و 1961. انتشرت أغانيها في عدة دول في أوروبا وأمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وآسيا، كما غنت إلى جانب عدد من المطربين المشهورين آنذاك مثل خوليو إجلسياس، شارل أزنافور، جوني ماتيس ، بيتولا كلارك وغيرهم.
صورت داليدا بعض الأفلام السينيمائية جنبًا إلى جنب مع مسيرتها الفنية كمغنية، إلا أن فيلم “اليوم السادس” الذي أخرجه يوسف شاهين عام 1986 كان بمثابة عودتها الحقيقية للسينما، إذ توافد ثلاثة ملايين شخص إلى حي شبرا لمشاهدة داليدا في حفل الافتتاح، وبالرغم من إشادة النقاد بالفيلم، إلا أنه فشل تجاريًا في فرنسا.
لدى داليدا أكثر من 1000 أغنية بلغات متعددة، وقد نالت العديد من الألقاب والأوسمة، كرمها الجنرال الفرنسي ديغول بمنحها لقب (La Medaille de la Presidence de la Republique) أو ميدالية رئاسة الجمهورية بسبب أدائها الرائع وصوتها المميز، وبعد وفاتها كرمتها الحكومة الفرنسية بوضع صورتها على طابع البريد، وأقيم لها تمثال بحجمها الطبيعي على قبرها في العام 2001. ما زال الكثيرون يرددون أغانيها الجميلة بشغف، تلك الأغاني التي غنتها بتسع لغات. احتلت لوائح أفضل عشر أغنيات حول العالم من كندا إلى اليابان ومن مصر إلى الأرجنتين. وفي عام 1978 كانت داليدا من أوائل الذين صوروا أغانيهم بطريقة الفيديو كليب بفرنسا. وفي مجال التمثيل لديها 12 فيلمًا.
تأثرت داليدا بشدة لوفاة شريكها لويجي تينكو عام 1967 الذي مات منتحرًا، وعلى الرغم من ذلك فقد واصلت مسيرتها المهنية في تسجيل الأغاني وأداء الحفلات الموسيقية والمسابقات، وأسست شركة للتسجيلات الدولية مع شقيقها أورلاندو، لكنها استمرت في المعاناة من نوبات الاكتئاب حتى انتحرت هي الأخرى في 3 مايو 1987.
ولدت داليدا في 17 يناير 1933، في حي شبرا بالقاهرة لوالدين إيطاليي الأصل مولودين بمصر، فقد هاجر أجدادها إلى مصر باحثين عن الرزق كما كان حال الكثير من الأجانب في بداية القرن العشرين الذين هاجروا بدافع الفقر والهرب من الحروب في بلدانهم آنذاك حيث كانت مصر بلدا آمنا ومزدهرا اقتصاديا.
اسمها الحقيقي هو (يولاندا)، تعلمت العزف وأخذت دروسًا في الغناء، لكن حلمها بأن تصبح ممثلة مشهورة لم يفارقها، لاسيما بعد أن سمعت بأنه كانت لديها قريبة هي الممثلة الإيطالية Eleanor Duse، التي كانت وفاتها في العام 1924 (كانت الوحي لستانيسلافسكي لتأسيس مبادئ مدرسته الشهيرة في التمثيل إذ كان يمضي ساعات يشاهد أداءها ومنه يستقي المبادئ)، ومن هنا ولد لديها شعور بأنها تمتلك موهبة ربما تكون قد ورثتها من عمتها.
عاشت داليدا طفولة طبيعية بين أسرتها، تذهب إلى المدرسة والكنيسة، كأية طفلة، وما إن أصبحت بالغة حتى أخذ والدها الحاد الطباع يمنعها من الخروج مع أصدقائها وصديقاتها، لاسيما بعد أن قضى عدة أشهر في السجن لأنه كان إيطاليًا ومصر كانت إبان الحرب العالمية الثانية تحت حماية المملكة المتحدة.. وبعد مرور الوقت وجدت داليدا طريقة للهروب من مراقبة والديها، فكانت تذهب إلى الكنيسة الصغيرة وهما مطمئنان عليها، لكنها لم تكن تذهب للصلاة، بل كانت تنتظر فتىً من أصل إيطالي اسمه (أرماندو)، كانت تأتي إلى الكنيسة وتقف في مكانها المفضل البعيد عن الناس، حيث اعتادت ان تقف فيه في طفولتها لأنها كانت تشعر بالحرج من عينها المحولة التي أجرت لها ثلاث عمليات جراحية فيما بعد.. كانت تسمع وأرماندو القداس وقد تشابكت يداهما سرًا وهما يختلسان النظرات بحياء.. كان الفتى حب داليدا الأول، وقد اقتنعت بالحياة الاعتيادية كأية امرأة في البداية بسبب ضغط والدها في أن تصبح زوجة وأما كما هو الأمر الطبيعي.. ولكن الوالد توفى إثر جلطة في الدماغ، فبدأت تتطلع لحياة أخرى بعيدة عن القناعة بالبيت البسيط وكل ما يتعلق به من أمور..
وبسبب ظروف المعيشة وضغط والدتها أخذت دروسًا في الطباعة على الآلة الكاتبة وعملت سكرتيرة في شركة أدوية، لكن حلم النجومية لم يفارقها أبدًا ولاسيما وأنها سبق وأن فازت بمسابقة ملكة جمال (Miss ondina) عندما كانت صبيّة صغيرة وجميلة عام 1951، فتيقنت أن لديها الفرصة في الدخول بمسابقة ملكة جمال مصر، التي كانت تقام كل سنة، كانت رغبة الشهرة لديها قوية حتى لو كانت بأي ثمن، وهذه المرة فكرت بوالدتها التي ستمنعها من المشاركة في هكذا مسابقة تظهر فيها شبه عارية بملابس السباحة.. فرأت أنه لابد لها من إخفاء الأمر عنها، فادعت أنها ذاهبة إلى إحدى صديقاتها، فاستقلت الحافلة واتجهت صوب حمام السباحة، حيث تجري المسابقة هناك، وفعلًا شاركت، بعدها حصلت المفاجأة الكبرى.. لقد فازت داليدا بلقب ملكة جمال مصر 1954.. فصعقت لسماع رأي اللجنة، وانفتح لها أول أبواب الشهرة.
كانت جائزة الفوز عبارة عن زوج من الأحذية الذهبية، أسرعت إلى البيت من فرحتها وأخبرت والدتها بما جرى، فغضبت الأم لرؤية صورة ابنتها بثوب السباحة على الصفحة الأولى للصحف، إذ كان الأمر فضيحة لعائلة محافظة بالعقليتين الإيطالية والمصرية على السواء، لكنها بمرور الوقت نست الأمر.
ورغم الفوز بالمسابقة، بقيت تعمل داليدا سكرتيرة في شركة الأدوية.. لكنها أخذت تدخل الاستوديوهات السينمائية بسبب اللقب الذي نالته، وقدمت بعض الأدوار لكنها لم تكن أدوارًا بارزة..و نظرا للشبه الكبير بينها وبين هيدي لامار HEIDI LAMAR بطلة “SAMSON &
LILA” اختارت يولندا اسم داليللا DALILA كاسم فني.
في إحدى المساءات وحيث المكان الذي تغني فيه التقت بـ”الفريد “، صديق المخرج السنيمائي الذي اكتشفها في مصر. قال لها الفريد بأن اسمها”داليلة “ غريب وعدواني بعض الشيء وعليها ان تغيره.. لم تستوعب داليدا الفكرة فهي منذ قدومها إلى باريس والجميع يعرفها باسمها المستعار”داليلة “ وبعد تفكير طويل فكرت بأن تخلط اسمها الحقيقي”يولاندا“ مع الاسم الذي تحبه ”داليلة “ وكانت النتيجة ”داليدا“..
ذات مساء اعتلت المسرح فشاهدت شخصًا مهمًا كان يجلس مع اصدقائه وتعرفت عليه بسرعة مما سبب لها مزيجًا من الفرحة والخوف.. كان هذا الرجل يدعى”برونو “ مدير أولمبيا أشهر قاعة موسيقى في باريس. كان برونو يبحث عن مواهب جديدة وشابة فرأت فيه فرصة عمرها، فأدركت ان عليها ان تكون في أفضل حالاتها على المسرح حتى يلاحظها فغنت بشكل رائع لدرجة ان برونو قطع محادثته مع الاصدقاء وبقى يسمع بأذنيه ذاك الصوت المميز فأخرج ورقة وكتب عليه اسمها وهي تشاهده من بعيد ولما تركت المسرح.. أحست بأثارة وانتظرت اتصالًا منه فقد كانت متأكدة انه أعجب بغنائها.
حياتها العاطفية
تزوجت من أول رجل حبته بصدق “Lucien Morisse” انفصلا عن بعضهما بعد زواج دام عدة أشهر فقط رغم أن حبهما كان حديث المجتمع في ذاك الوقت، فقد كان كل واحد منهما يصرح للآخرين بأنه متيم بالآخر ولا يمكنه أن يعيش بدونه لأنه حب حياته وما إلى ذلك، وكان سبب الانفصال هو بعد أن عثرت داليدا على حبها الحقيقي بعد أن اعتقدت أن حبها هو في من تزوجته وكان الرجل الذي تركت داليدا زوجها من أجله هو الرسام ” Jean Sobieski ” (فيما بعد تزوج امراة أخرى. بعد سنوات قليلة زوج داليدا الأول لوسيان توفي بعد أن أطلق النار على نفسه بعد فشله بزواجه الثاني ومحاولاته أيضًا لرجوع لحبه الأولى.
سنة 1967 دخل العشق إلى قلب داليدا عندما التقت بالشاب الإيطالي “Luigi Tenco” وكان مغني لا يزال في بداية طريقه وقد دعمته دليدا ليصبح نجمًا لكن الفشل طرق بابه بعد مشاركته بمهرجان سان ريمو سنة 1967 فأنتحر بمسدسه في أحد الفنادق والمؤسف في الأمر ان داليدا كانت أول من رأى جثته ممددة ومغطاة بالدماء، عندما ذهبت لتواسيه بعدم نيله التقدير في المهرجان والذي شاركا فيه! وعندما تمكنت من نسيان الماضي أحبت رجل بفترة السبعينات ولكنه هو الآخر توفي منتحرا.
مصر مرة أخرى
في سنة 1986 قدمت الفيلم المصري «اليوم السادس» وجسدت فيه، باللغة العربية، دور “صِدِّيقَة” غاسلة الملابس. دور مثل قطيعة غير منتظرة مع شخصية المغنية الفاتنة. من إخراج يوسف شاهين وهذا الفيلم نجح كثيرا وخاصة على داليدا وبفضلها.
وفاتها
توفيت يوم الأحد الموافق 3 مايو 1987 منتحرة بجرعة زائدة من أقراص الباربيتورات المهدئة، عن عمر يناهز 54 عامًا بعد أن تركت رسالة تحمل ” سامحوني الحياة لم تعد تحتمل “. ودُفنت في مقبرة مونمارتر (باريس) “Cimetière de Montmartre” بباريس. ” وقد تم صنع تمثال لها على القبر بنفس الحجم الطبيعي لها وهو يعتبر أحد أكثر الأعمال المنحوتة تميزًا في المقابر الخاصة بالمشاهير.