عبدالباسط خليل يكتب : الصحة بين الواقع والطموح مسؤولية دولة ووعي مجتمع
الإثنين 19-05-2025 17:35

بقلم/ عبدالباسط خليل
الصحة ليست مجرد غياب المرض، بل هي حالة من الإكتمال الجسدي والعقلي والاجتماعي، كما تعرفها منظمة الصحة العالمية. ومع تسارع التغيرات العالمية في العقود الأخيرة، بات قطاع الصحة يواجه تحديات متزايدة تتطلب استجابات سريعة، استراتيجية، ومستدامة ، حيث بينت الأمراض المزمنة، والأوبئة،
والتفاوتات في الخدمات الصحية، برزت الحاجة الماسة لإعادة تقييم منظومة الصحة على المستويين المحلي والدولي.
حيث تتنوع الأوضاع الصحية في الدول العربية، إلا أن القاسم المشترك بينها يتمثل في وجود فجوة بين الإمكانيات الصحية والطموحات المنشودة. فبينما تتمتع بعض الدول ببنية تحتية صحية متقدمة، وتعاني أخرى من نقص في المستشفيات، والمراكز الصحية، والكوادر الطبية. وقد كشفت جائحة كوفيد-19 هذه الفجوات بوضوح، حيث ثبت ان الكثير من الدول نفسها غير مهيئه للتعامل مع أزمات صحية مفاجئة.
وتواجه أيضًا تحديات صحية مزمنة، أبرزها انتشار الأمراض غير السارية مثل السكري، وأمراض القلب، والضغط، بسبب أنماط الحياة غير الصحية، كتراجع النشاط البدني، وانتشار الوجبات السريعة، والتدخين ،وغير ذالك.
فالتحديات الكبرى التي تواجه الصحة العامة
كمثل التمويل المحدود حيث يعاني القطاع الصحي في كثير من الدول من ضعف الميزانية المخصصة له، ما ينعكس على جودة الخدمات والتجهيزات الطبية.
و نقص الكوادر المؤهلة،و هجرة الأطباء والكفاءات الصحية إلى الخارج، وصعوبة استقطاب الكفاءات، تمثل عائقًا حقيقيًا أمام تطوير النظام الصحي.
وأيضاً تفاوت جغرافي في الخدمات فالكثير من المناطق الريفية أو النائية تعاني من غياب مراكز صحية أساسية، مما يفرض معاناة على السكان في الحصول على العلاج.
حث ان الأمراض النفسية والإدمان، لا تزال قضية مهمشة في العديد من المجتمعات، رغم تزايد أعداد المصابين بالاكتئاب، والقلق، واضطرابات الإدمان.
والفت النظر الي ان بعض الحلول والاستراتيجيات المقترحة لتعزيز الوقاية بدلًا من العلاج والاستثمار في برامج التوعية والتثقيف الصحي، وإدماج الصحة في المناهج الدراسية، يمثل خط الدفاع الأول.
ورقمنة القطاع الصحي كالاعتماد على الذكاء الاصطناعي، والطب عن بعد، والسجلات الصحية الإلكترونية، يسهل الخدمات، ويوفر الوقت والمال.
فالشراكة بين القطاعين العام والخاص: تمكين القطاع الخاص من المساهمة في تقديم الخدمات الصحية، ويخفف العبئ عن الدولة، ويرفع من جودة الخدمة.
وكذالك التركيز على الصحة النفسية وتخصيص موازنات، ومراكز متخصصة، وحملات توعوية يساهم في كسر حاجز الخوف والوصمة المرتبطة بالأمراض النفسية.
حيث ؤأكد ان للمواطن دور مهماً في بناء مجتمع صحي
لا يمكن أن ينجح أي نظام صحي دون مشاركة فعالة من منه. فالتقيد بالتعليمات الصحية، والحرص على نمط حياة متوازن، والمتابعة الدورية للكشف المبكر، كلها عوامل تسهم في تقليل الضغط على المستشفيات، وتحسين مؤشرات الصحة العامة. كما يجب أن يكون للمجتمع المدني دور رقابي وتوعوي، يسهم في دعم وجهود الدولة في هذا المجال.
والجدير بالذكر ان لبناء منظومة صحية متكاملة يتطلب رؤية واضحة، واستثمارًا مستدامًا، وتعاونًا حقيقيًا بين جميع الجهات. فالصحة ليست ترفًا، بل حق أساسي من حقوق الإنسان، وأساس لنهضة أي أمة. ومتى ما أدركنا أن “الوقاية خير من العلاج”، وأعطينا الصحة ما تستحق من اهتمام، ضمناَ مستقبلًا أكثر أمنًا وازدهاراً لنا وللأجيال القادمة.