محافظ المنوفية الأسبق د. أحمد شيرين فوزي يكتب : ماذا بعد أوليمبياد باريس ٢٠٢٤ .. دراسة تحليلية
الإثنين 09-06-2025 11:39

بقلم : الدكتور أحمد شيرين فوزي
ما تكبدته الرياضة المصرية من خسائر في أوليمبياد باريس ٢٠٢٤، لم يخص لعبة بعينها، ولكنه يشمل كافة الألعاب الفردية والجماعية. كان من المتوقع أن تعود البعثة الأوليمبية بما يتراوح بين ٦ و ١٠ ميداليات على الأقل حسب توقعات مسؤولي الرياضة في مصر، وعلى هذا الأساس شاركت مصر بأكبر بعثة أوليمبية في تاريخها، ما يقارب ١٦٤ لاعباً في ٢٢ لعبة، وبلغت تكاليف هذه البعثة ١.٢٥ مليار جنيه مصري، أكبر انفاق في تاريخ البعثات الأوليمبية.
ومن خلال تحليل بيانات لآخر دورات أوليمبية سابقة، من حيث الميزانيات المرصودة، وعدد المشاركين وعدد الميداليات، نجد لأول مرة في تاريخ البعثات الأوليمبية في مصر تتجاوز الميزانية المرصودة للأوليمبياد المليار والربع مليار جنيه، وهو ما تجاوز نفقات إعداد البعثة في الدورة الأوليمبية السابقة طوكيو ٢٠٢٠، بنسبة ٢٤٠ %، أى نحو ضعفين ونصف، إذ بلغت بعثة مصر في أوليمبياد طوكيو حوالي ٣٢٠ مليون جنيه فقط. في أوليمبياد طوكيو تضاعفت أيضاً ميزانية الأوليمبياد مقارنة بميزانية أوليمبياد ريو دى جانيرو ٢٠١٦، وتضاعفت معها عدد الميداليات، إذ حصدت مصر في أوليمبياد طوكيو ٦ ميداليات مقابل ٣ ميداليات في أوليمبياد ري دي جانيرو ٢٠١٦، وهو ما حدث عكس تماماً في الدورة الأوليمبية الأخيرة، ففي مقابل تضاعف الميزانية ٢٤٠ %، انخفض عدد الميداليات التي تم حصدها مقابل الدورة السابقة بثلاث ميداليات، أي بنسبة ٥٠ %.
بينما شملت البعثة الأوليمبية المصرية في أوليمبياد باريس هذا العام ١٦٤ لاعب ولاعبة، استطاع ٣ منهم فقط حصد الميداليات، أي بنسبة أقل من ٢ % من المشاركين، وهي النسبة الأقل مقارنة بال ٤ دورات الأوليمبية الأخيرة، إذ حققت مصر ٤ ميداليات في أوليمبياد لندن ٢٠١٢، بنسبة ٤ % من اللاعبين، في بعثة قوامها ١١٣ لاعباً، وحققت مصر ٣ ميداليات في أوليمبياد ريو دي جانيرو ٢٠١٦، بنسبة ٣ % من اللاعبين في بعثة قوامها ١٢٠ لاعباً، وحققت مصر ٦ ميداليات في أوليمبياد طوكيو ٢٠٢٠، بنسبة ٤ % من اللاعبين، من بعثة قوامها ١٤٦ لاعباً.
ويجب أن نتذكر الثلاث دورات الأوليمبية المتتالية التي حصلت فيها مصر على ميداليتين ذهبيتين، وكان لمصر فيهم اكبر إنجاز في تاريخ مشاركتها في الدورات الأوليمبية وهم:
دورة أمستردام عام ١٩٢٨، ٣٢ لاعباً في ٥ لعبات فقط، حققت مصر ٤ ميداليات ( ٢ ذهب، ١ فضة، ١ برونزية)، بنسبة ١٢.٥ % من اللاعبين. دورة برلين عام ١٩٣٦، ٥٣ لاعباً في ١٠ لعبات فقط، حققت مصر ٥ ميداليات ( ٢ ذهب، ١ فضة، ٢ برونزية)، بنسبة حوالي ١٠ % من اللاعبين. دورة لندن عام ١٩٤٨، ٨٥ لاعب في ١٢ لعبة فقط، حققت مصر ٥ ميداليات ( ٢ ذهب، ٢ فضة، ١ برونزية)، بنسبة حوالى ٦ % من اللاعبين.
وهنا يجب أن نسأل :
١- ما الاعداد الذي تم، لتأهيل الفرق وأصحاب الألعاب الفردية لدورة باريس.
٢- ما الضوابط والمعايير، التي تضعها الاتحادات المختلفة لاختيار المشاركين في أي دورة أوليمبية.
٣- أين الرقابة من وزارة الرياضة واللجنة الأوليمبية، على جدية تنفيذ الالتزام بهذه المعايير.
٤- ما أوجه الانفاق للموازنة، التي تم رصدها لتأهيل الفرق والأفراد المشاركين في هذه الدورة.
٥- هل تم إجراء تحقيق يبدأ من قيادات وزارة الشباب والرياضة، ويشمل جميع المسؤولين باللجنة الأوليمبية المصرية، وجميع الاتحادات الرياضية المشاركة في هذه الدورة، لمعرفة أسباب تدهور المستوى التدريبي والفني والبدني والنفسي والسلوكي للمشاركين في جميع الرياضيات الفردية والجماعية، ومحاسبة كل ما تسبب في هذا الاخفاق. وهل الثلاث ميداليات التي حصلت عليها مصر في هذه الدورة الأوليمبية تقابل كل هذه التكلفة الباهظة، لقد كانت تكلفة الميدالية الواحدة حوالي ٣٦٥ مليون جنيه، في أعلى معدل خلال الدورات الأربع الاخيرة، والميدالية الواحدة في أوليمبياد طوكيو عام ٢٠٢٠ حوالي ٥٢ مليون جنيه، وفي أوليمبياد ريو دي جانيرو عام ٢٠١٦ حوالي ٤١ مليون جنيه، وفي أوليمبياد لندن عام ٢٠١٢ حوالى ١٠ مليون جنيه. وهل كان من المفروض أن نشترك في ٢٢ لعبة، بدون دراسة أو تخطيط أو انتقاء أو إدارة أو اعداد.
وأخيرا، الرياضة في العالم أصبحت الأن من أهم جوانب التميز، كما أنها تمثل مورداً إقتصاديا خطيراً، والدول تنفق عليها أموالا طائلة، وليس مطلوبا أن نخسر بسببها، ثم لا نحقق فيها ما ينبغي، ولذلك يجب ألا تمر أحداث باريس ببساطة، هناك أخطاء في الاختيارات ومستوى التدريب والسلوك، وكان ينبغى أن تكون هناك مراجعة دقيقة قبل سفر البعثة، لأننا أمام سمعة دولة ويجب أن يحاسب كل مسئول قصر في أداء المسئولية. فضلا أن الرياضة في مصر تحتاج إلى تغيير جوهري في قوانينها ولوائحها، فكيف نحاسب اللجنة الأوليمبية وهى الجهة التي تحكم، والأعضاء هم قيادات الاتحادات، فيجب أن يكون مجلس إدارة اللجنة الأوليمبية بكامله من خارج الاتحادات.
وأخيراً، يجب أن نتذكر منذ مائة عام في أوليمبياد باريس عام ١٩٢٤، فاز المنتخب المصري لكرة القدم على منتخب المجر (٣/صفر)، وكانت المجر من أقوى دول العالم والمرشحة للحصول على الميدالية الذهبية في لعبة كرة القدم.
اترك تعليقاً