الشاعرة الفلسطينية د. أحلام أبو السعود تشدو … غَزَّةُ النبضُ الجريحُ
الثلاثاء 17-06-2025 17:52

بقلم سفيرة السلام والمحبة د. أحلام أبو السعود
༺༺༺༻༻
غَزَّةُ النبضُ الجريحُ وحلمُنا المُترنِّحُ
فيها الدموعُ تُسافرُ، والصدى مُتوشِّحُ
صوتُ الصباحِ مُعلّقٌ برمادِ بيتٍ مُنهدمْ
والأمُّ تنظرُ للسماءِ، تُرتّلُ الدعواتِ دمْ
لا ضوءَ في الطرقاتِ، لا نَفَسٌ يُصافحُنا أملْ
حتى الشموسُ على الرُّبا تبدو كأنّ بها خَجَلْ
المدرسةُ العذراءُ صارتْ مرقدًا للحالمينْ
والدفترُ المنثورُ تحتهُ قلبُ صِغارِ الطيّبينْ
والطفلُ يرسمُ بيتَهُ فوقَ الرمادِ، ولا يُكمِّلْ
فالقصفُ أسبقُ من يديهِ، وصوتُهُ أبدًا مُعطَّلْ
أمُّ الشهيدِ تلوذُ بالصبرِ الجميلِ، ولا تئنْ
تُخاطبُ الصورةَ في السكونِ: “رُدتكَ يا قمرَ الوطنْ”
أما الذي نجا فطفلٌ باتَ يسألُ عن أبيهِ
عن أمِّهِ… عن عيدِهِ… عن صوتِ جدٍّ في الدُّجى
لكنْ وجَدَ الرّدْمَ الرهيبَ، ودمعَ أيتامِ الحِكايةْ
فبكى، وضمَّ الأرضَ، قالَ: “أنا البقيّةُ والبدايةْ”
يا غزةَ الأملِ العصيّ، ويا نشيدَ الصامدينْ
يا نخلَةً لا تنحني، فيكَ المدى لا يستكينْ
والوشقُ من حُزنِ الطفولةِ في الرمالِ قد اشتعلْ
ثارَ الدمُ الحرُّ الكريمُ، ولم يَزَلْ فيه الأملْ
زأرَتْ خطاهُ على الطريقِ، كأنّهُ نارُ الثأرْ
يُبكي الصدى في مَقلتيهِ، ويُوقظُ النائمَ الجدارْ
قالوا: مخيمُ للإيواءِ؟
بل مقبرةُ الحياةْ
خيمةٌ تخشى الشتاءَ
وتكتوي بالصيفِ ذاتْ
ماءٌ ملوّثُ في الدُروبِ، وكهرباءُ بلا وجودْ
والطفلُ يسألُ: ما الخُطى؟ والليلُ ينهشُ ما يسودْ
لا خبزَ في الأيدي، ولا ظلٌّ يُغطّي اليائسينْ
والجوعُ آيةُ صبرِهم، والفقدُ قرآنُ الحنينْ
والشهداءُ…
آهٍ من الشهيدِ إذا ارتقى
يعلو كأنّ المجدَ ناداهُ وضمَّهُ ارتقى
تبكيهِ أمٌّ كلّما مرّ المساءُ على الديارْ
لكنّها تمضي وتُقسمُ: “لن تُهانَ لنا الديار!”
غزةْ، ويا جرحَ العروبةِ في الجبينِ، أما سمعْ؟
ذاك السكوتُ على الكرامةِ فيه آلافُ القُطعْ
ترنيمةُ الكُرَةِ ارتفعتْ، وضجّتِ المنصاتُ صخبْ
وطفلُنا ماتَ احتراقًا… لا دواءَ ولا طَبَبْ
لكنْ، نُصلّي في الجراحِ، ونبتسمْ
ونزرعُ الحلمَ الذي فوقَ الركامِ قد ارتسمْ
ونقولُ للدنيا: هنا، رغم المآسي نرتقي
رغم الحصارِ، سنكتبُ التاريخَ للأجيالِ، في
وجعِ الترابِ، وصمتِ نارِ، ودمعةِ الأرواحِ، حيّ
هذا الجمالُ الذي سَكَنَ المدى… اسمهُ: غَزَّةْ!
خاتمة نبوءة النصر:
وسينجلي ليلُ الطغاةِ، وتُزهِرُ الأيامُ فينا
ويعودُ طفلُ المخيماتِ يرقصُ الفرحةَ حِينَا
ونرى الشهيدَ كأنَّهُ عادَ، يُشعلُ في السّماءْ
نجمًا يُبشّرُ بالمحرَّرِ، بالكرامةِ والضياءْ
يا غزةُ الثأرِ العتيقِ، ويا نشيدَ الأنبياءِ
سيعودُ حقُّكِ مثلما وعدَ الإلهُ الأوفياءِ
وسيرتدي هذا الجدارُ عباءةَ النصرِ العظيمْ
ويكونُ اسمُكِ في المدى، تاجَ العروبةِ والكرمْ!