رئيس التحرير

من باطن الأرض إلى المفاعل النووي.. رحلة اليورانيوم من المنجم إلى التخصيب

الخميس 26-06-2025 16:02

في أعماق القشرة الأرضية، حيث الصخور الصلبة والمعادن النفيسة، تبدأ رحلة أحد أخطر وأهم العناصر في العصر الحديث… اليورانيوم.

قد يبدو للوهلة الأولى مجرد معدن عادي، لكنه في الحقيقة هو مفتاح الطاقة النووية… وورقة ضغط سياسية في يد الدول الكبرى… وسلاح ردع رهيب في ميادين الصراع الدولي.

بداية الرحلة.. حيث المناجم تتحدث

تبدأ القصة في مناجم شاسعة تمتد تحت الأرض أو على سطحها… من كازاخستان إلى كندا، ومن أستراليا إلى النيجر… هنا يتم استخراج خامات اليورانيوم التي تحتوي على نسب ضئيلة من هذا العنصر الثمين.

بأحدث تقنيات التعدين، تُستخرج الصخور، ثم تُسحق وتُعالج كيميائيًا للحصول على مادة تعرف باسم “الكعكة الصفراء” (Yellowcake)… مسحوق أصفر اللون، غني بأكسيد اليورانيوم.

من “الكعكة الصفراء” إلى مراكز التخصيب

لكن هذه الكعكة الصفراء لا تزال بعيدة عن الاستخدام في المفاعلات النووية أو الأسلحة. هنا تبدأ المرحلة الثانية من الرحلة… مرحلة التخصيب.

يتم تحويل اليورانيوم إلى غاز يعرف باسم “سادس فلوريد اليورانيوم” (UF6)، ثم يدخل في أجهزة طرد مركزي متطورة… تدور بسرعات خيالية لفصل نظائر اليورانيوم ورفع نسبة النظير القابل للانشطار U-235.

وهنا يتحول اليورانيوم من مجرد خام أرضي إلى مادة نووية حساسة… تحت رقابة دولية مشددة.

المحطة الأخيرة.. الاستخدام بين السلم والحرب

في النهاية… يعتمد مصير هذا اليورانيوم المخصب على نية مستخدمه:

في المفاعلات النووية:
ينتج كهرباء تكفي مدنًا بأكملها… ويضيء ملايين المنازل.

في المعامل البحثية:
يساهم في تطوير علاجات طبية دقيقة.

وفي ترسانات الأسلحة النووية:
يتحول إلى رؤوس نووية قادرة على تغيير مسار الحروب.

كلمة أخيرة..

رحلة اليورانيوم من باطن الأرض إلى قلب المفاعل أو السلاح النووي… ليست مجرد سلسلة من العمليات الجيولوجية والصناعية… بل هي قصة عن الطاقة… والسلطة… والسيطرة.

إنه المعدن الذي يختصر في ذراته… حلم التقدم… وكابوس الدمار.

اضف تعليق