هيثم زينهم رئيس التحرير يكتب : ( الهداف ) …من التيشيرت الوطني إلى تيشيرت الكافيه محمد صبحي وسقوط الكرة في فنجان النسيان
الأربعاء 16-07-2025 16:58

بقلم : هيثــم زينــهـم رئيــس التــحــريــر
تبدل صوت المدرج برنين “كوبايّتين شاي عالوش!”
في بلدٍ لا تحفظ الوجوه إلا إذا كانت تملأ الشاشات، وفي وطنٍ ينشغل بالجول أكثر من الذي صنعه، عاش محمد صبحي… ثم اختفى.كان لاعبًا في نادي إنبي، وجزءًا من منتخب الشباب، ثم المنتخب الأولمبي، ومرّ اسمه ذات يوم مرور العظماء من غير ضجيج…من كان ذات يوم يركض إلى جوار أسماء أصبحت الآن رموزًا كصلاح وحجازي،أصبح الآن، بلا مبالغة، يعدّل الطاولات في مقهى متواضع، ويحمل على كتفيه وجع الخذلان.
واليوم؟ هو لا يركض على الخط الجانبي، بل يمسح الطاولات في كافيه، ويتقاضى 150 جنيهًا في اليوم… إن وجد الزبائن.
حين كانت الكرة هي الحلم
صبحي لم يكن حارسًا، بل كان يحرّك وسط الملعب أو يخترق الجناح… لا يحرس المرمى، بل يفتح الثغرات.
ركض كثيرًا… مرر أكثر… أخلص كثيرًا… ولم يطلب إلا فرصة.كان صوته خافتًا وسط الزحام،
وكانت قدماه تقول ما لم تنطق به الشاشات.لكنه لم يكن صاحب صورة مشهورة، ولا قصّة حب مع جماهير فوق العادة، ولا وكيل أعمال بصوت عالٍ في مكاتب الإعلام.
السقوط من دون شبكة أمان
كيف يسقط لاعب مثله من ذاكرة الرياضة؟
السبب بسيط:لأن الكرة في مصر تشبه السيرك…إن لم تكن “بهلوانًا”، تُطرد بعد انتهاء العرض.سقط محمد صبحي من قائمة الأندية ثم من جداول المعسكرات ثم من قوائم الانتخابات الكروية ثم من ذاكرتنا.حتى وقع في يد الواقع… يعمل في كافيه شعبي، يقدّم المشاريب لمن لم يعرفوا أنه كان بالأمس يرتدي تيشيرت الوطن.
الهشاشة التي اسمها “الحلم الرياضي”
كرة القدم حلم هش جدًا في هذا البلد.من الخارج تبدو مجدًا وملايين،ومن الداخل؟كابوس مؤجل.لا تأمين بعد الاعتزال ولا فرصة عمل في الأندية ولا برامج دعم للاعبين المنسيين ولا حتى اتصال هاتفي يقول: “عامل إيه يا نجم؟”
هل نحن السبب؟
ربما نعم.نحن، جمهور الشاشات، الذين لا نتذكر اللاعب إلا إذا ظهر في مباراة قمة أو كتب تغريدة ساخرة
أو دخل استوديو تحليل بـ”بدلة”.نحن من أحببنا اللاعب، ونسيناه بعد أول إصابة.ومن صنعنا “نجوم اليوم” ودفنا “نجوم الأمس” تحت تراب النسيان.
من التيشيرت الرسمي إلى تيشيرت القهوة .
هل فكّر أحد أن محمد صبحي لو كان في دولة تحترم الرياضة،لأصبح مدربًا للأكاديميات، أو إداريًا، أو حتى نموذجًا للجيل الأصغر؟لكنه في مصر…تبدل تيشيرت المنتخب بتيشيرت كافيه.وتبدل صوت المدرج برنين “كوبايّتين شاي عالوش!”
لم يعتزل محمد صبحي الكرة،بل هي التي خلعت حذاءها وركلته إلى الخارج.لم يخسر محمد صبحي موهبته،
بل خسر جمهورًا لم يسأل عنه،ونظامًا رياضيًا يرى اللاعب سلعة تنتهي بانتهاء تاريخ إنتاجه. محمد صبحي لا يطلب شفقة،ولا ينتظر صدقة،هو فقط يسأل:
“هل تذكرني؟ كنت ألعب للمنتخب.”
jour_haz@yahoo.com
اترك تعليقاً