رئيس التحرير

الشاعرة الفلسطينية د. أحلام محمد أبو السعود : الاعتراف الدولي المتصاعد بفلسطين : تحول استراتيجي أم ضغوط ظرفية؟

الخميس 31-07-2025 16:52

بقلم: د. أحلام محمد أبو السعود – سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
~~~~~~~~~~
🌍 مشهد دولي متغير: نحو اعتراف شامل بفلسطين

في تطور مفصلي يعيد تشكيل المشهد السياسي تجاه القضية الفلسطينية، أعلنت فرنسا، إلى جانب أكثر من 15 دولة حول العالم، نيتها الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025.
هذا التوجه يعكس تحولًا واضحًا في المزاج الدولي، خصوصًا من دول كانت حتى وقت قريب تتحفظ على الاعتراف الرسمي.

ويأتي ذلك في ظل تداعيات حرب غزة التي اندلعت في أكتوبر 2023، ما عزز المطالبات بإعادة التوازن السياسي والأخلاقي في الموقف الدولي من الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي.

🇬🇧 بريطانيا: من وعد بلفور إلى الاعتراف بفلسطين

في خطوة وصفت بـ”التاريخية”، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر نية بلاده الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، في تحول رمزي عميق لدولة كانت قد أطلقت “وعد بلفور” عام 1917.
وقد قوبلت هذه الخطوة بترحيب واسع من دول عربية كبرى، على رأسها السعودية، الأردن، ومصر، حيث وصف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القرار بأنه “في الاتجاه الصحيح لإعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”.

🇪🇺 أوروبا تتحرك: موجة اعترافات متتالية

منذ اندلاع حرب غزة، اتخذت العديد من الدول الأوروبية مواقف واضحة نحو الاعتراف بفلسطين. ومن أبرزها:
إسبانيا، أيرلندا، النرويج، سلوفينيا، بلجيكا (عبر البرلمان)، البرتغال، لوكسمبورغ، آيسلندا (التي جددت موقفها بعد اعترافها في 2011)، فرنسا (أكدت اعترافها في سبتمبر 2025)، ومالطا.

🌍 صوت إفريقيا يتجدد دعمًا لفلسطين

الدول الإفريقية لم تغب عن المشهد. إذ عبرت عدة دول عن مواقف داعمة أو جددت اعترافها رسميًا بدولة فلسطين، أبرزها:
جنوب إفريقيا (التي وصفت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري وسحبت دبلوماسييها)، الجزائر، ناميبيا، زيمبابوي، تشاد، مالي، وبوركينا فاسو، ضمن موجة تأييد قوية من “الجنوب العالمي” ضد سياسات الهيمنة.

🧠 لماذا الآن؟ خلفيات التحول الدولي

هذا التوجه الدولي ليس عشوائيًا، بل نتج عن عوامل متراكمة:

1. الكلفة الإنسانية والسياسية لحرب غزة: الأعداد الضخمة من الضحايا أثارت ضغطًا شعبيًا وأخلاقيًا على الحكومات.

2. تضامن شعبي عالمي متصاعد: من الجامعات إلى الميادين، شكلت الاحتجاجات ضغطًا ملموسًا في الغرب.

3. فشل حل الدولتين التقليدي: أدى انسداد أفق التفاوض إلى إعادة النظر في أدوات الحل.

4. تحولات قيادية عالمية: صعود قادة أكثر استقلالًا عن السياسات الأمريكية وأكثر التزامًا بالعدالة الدولية.

🇬🇧 الاعتراف البريطاني: رمزية تاريخية تتجاوز السياسة

باعتبارها الدولة التي أصدرت “وعد بلفور”، يحمل الاعتراف البريطاني بدولة فلسطين دلالة أخلاقية وتاريخية كبيرة.
ويراه بعض المحللين بمثابة “انعطافة متأخرة” لكنها مؤثرة، قد تُعيد صياغة سردية الشرعية السياسية.

🇺🇳 هل نقترب من اعتراف أممي شامل؟

تشير التقديرات إلى أن ما لا يقل عن 15 دولة – بينها فرنسا، بريطانيا، ومالطا – ستُعلن رسميًا الاعتراف بفلسطين خلال سبتمبر 2025.
إذا تحقق ذلك، فقد يتجاوز عدد الدول المعترفة 150 دولة، مما سيزيد الضغط على الولايات المتحدة والدول الأوروبية المترددة.

❓ لحظة مفصلية أم مجرد رمزية؟

رغم أهمية هذا الزخم، يظل السؤال قائمًا:
هل سينعكس هذا الاعتراف فعليًا على الأرض، أم يبقى محصورًا في الدبلوماسية؟
ما هو واضح أن العالم – أو جزءًا كبيرًا منه – لم يعد يتقبل الاحتلال كأمر واقع.
ورغم أن سبتمبر 2025 قد لا يشهد إعلان الدولة فعليًا، إلا أنه يمثل خطوة كبرى في طريق طويل نحو التحرر والكرامة.

د. أحلام محمد أبو السعود
غزة – فلسطين 🇵🇸

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *