الدكتورة مني حنا تكتب : اترك لابنك حرية اختيار الكلية
الجمعة 01-08-2025 00:36

بقلم /دكتورة منى حنا عياد
وسط هذا الزخم، يغيب صوتٌ أساسي: صوت الطالب نفسه، كثير من الآباء والأمهات لا يكتفون بالنصيحة، بل يتدخلون في رسم الطريق بشكل مباشر، وأحيانًا قسري.
يتعامل بعض أولياء الأمور مع الأمر وكأنهم هم من سيلتحقون بالكلية، وهم من سيقضون السنوات القادمة بين قاعات المحاضرات والمذاكرة والمشاريع.
يتكرر مشهد فرض “كليات القمة” على الأبناء، ليس من منطلق الرغبة في الأفضل، بل أحيانًا هوسًا بالمكانة الاجتماعية أو استكمالًا لحلم لم يتحقق في الماضي، ولكن ماذا عن الطالب؟ ماذا عن ميوله، وموهبته، وشغفه؟ كيف نطلب من شاب في الثامنة عشرة أن يبدع، وهو لا يشعر بالانتماء لما يدرسه؟
لم يعد من المنطقي أن نحكم على كفاءة الطالب بمدى قدرته على دخول كلية الطب أو الهندسة، الزمن تغير، والفرص تتسع خارج تلك الأطر التقليدية.
العالم لم يعد يقيس النجاح بنفس أدوات الأمس، لقد رأينا كيف أصبح المبرمج، أو صانع المحتوى الجيد، أو الناجح في عمله بصفة عامة، لاعبًا رئيسيًا في مستقبل الاقتصاد.
على الأسر أن تطمئن، لا يشترط أن يتخرج الابن من كلية بعينها كي يكون ناجحًا وسعيدًا، الأهم أن يكون مستمتعًا بما يدرسه، وأن يشعر أن اختياره يعكس شخصيته وطموحاته، وهنا يأتي دور الأسرة الحقيقي: تقديم النصيحة، دعم الابن، والاستماع له بصدق، دون قمع أو ضغط.
رزق الأبناء ليس بيد الآباء، ولا يرتبط بمسمى الكلية، الرزق من عند الله، والمستقبل يُبنى على الحلم والإرادة، لا على الإكراه والخوف من المجهول.
أطلقوا لأبنائكم حرية الحلم، واتركوهم يختارون مساراتهم بأنفسهم، لا تحمّلوهم ما عجزتم عن تحقيقه، ابنك ليس نسخة منك، لديه عقل مختلف، وموهبة مختلفة، وزمان مختلف.
إن كنتم تحبون أبناءكم، فامنحوهم ثقتكم، وساندوهم في ما يختارون، لا ما تختارونه أنتم لهم.
اترك تعليقاً