هيثم زينهم رئيس التحرير يكتب : ( الهداف ) … كدّابين الزفّة… حين يرقص الغبار على صوت الطبل
الثلاثاء 05-08-2025 16:48

بقلم : هيثــم زينــهـم رئيــس التــحــريــر
كدّابين الزفّة هم قتلة الشرف،خصوم المخلصين،وعملاء الفراغ!
كدّابين الزفّة هم لا يرقصون طربًا… بل يرقصون طمعًا.يمشون أمام الموكب كأنهم صانعوه، وينفخون في الطبول كأنّ الضجيج إنجاز.إذا اقتربت الحقيقة، اختفوا كأوراق الشجر في مهبّ الخريف،وإذا لاح التصفيق، لبسوا الحلل البيضاء كأنهم حمائم الثورة أو حرّاس الحلم.كدّاب الزفّة لا يصنع شيئًا… لكنه يجيد التظاهر بأنه “كل شيء”.
يعرف كيف يلتقط الصورة،كيف يسرق الكلمة،وكيف يهمس في أذن المنصة وهو يرتّب شاربه ويصطنع الحكمة.
هم آفة المجالس… وخفافيش المراحل…لا يخوضون معارك، لكنهم يتقنون كتابة ما بعد النصر.يكرهون الضوء لأنه يكشف خفتهم… ويعشقون الزفّة لأنها لا تسأل عن الحقيقة.تراهم حين يقترب الشرف… يركضون للكاميرا،
وحين يظهر صاحب الفضل… يلوون ألسنتهم كأنّهم الآباء المؤسسون.فيا صديقى، إذا رأيت الزفّة عظيمةً والمحتفى به قليلًا…فابحث عن الكدّابين في الصف الأول،وتأكد أن الحقيقة تنتظر وحيدة عند الباب الخلفي
“كدّابين الزفّة… حين يتقدّم الزيف ويُصفّق له الصدق!”في هذا الوطن — وفي كل وطنٍ تُدوّخ فيه الحقيقة بين الأرصفة هناك كائناتٌ لا تتكاثر إلا في الضوء الكاذب، ولا تزدهر إلا في مواسم الزفّة.
كدّابين الزفّة…
ليسوا كائنات عابرة، بل هم مؤسسة كاملة، لها خطابها، وطقوسها، و”ميدياها”، وربما أحيانًا وزارتها.هم أول من يصل وآخر من يرحل، لا حبًا في الحدث… بل حبًا في الصورة.تجدهم يتقدّمون الصفوف دون دعوة، يبتسمون للكاميرا كما لو كانوا “صانعي الحدث”، بينما لم يصنعوا في حياتهم إلا الأكاذيب على هيئة منجزات.يتكلمون كثيرًا… لا ليشرحوا بل ليضلّوا.يصفقون لأنفسهم… لا فخرًا بل لإقناعك بأنهم كانوا أبطال المشهد، مع أنهم لم يدفعوا ثمن تذكرة الدخول.كدّاب الزفّة لا يعيش على أرض الواقع،هو كائن من ورق، يتغذّى على الحكي المتضخّم،يحمل دفترًا مليئًا بـ”أنا” الكبيرة،وأرشيفًا مزيّفًا فيه “إنجازات وهمية” تبدأ دائمًا بـ: “كان الفضل لي”.
تجده في كل مؤتمر، في كل افتتاح، في كل لقطة،يرتدي عباءة الحكمة، ويتكلم عن المصلحة العامة كأنه قدّيس،
لكنّه في السر لا يسأل إلا عن مكان الكاميرا، وعن اسمه هل كُتب في اللافتة أم لا.والمؤلم، أن المجتمع أحيانًا يحبّ هؤلاء…لأنهم “مبهرون”، يتحدثون بثقة، يبيعون الوهم في غلاف أنيق،ويتقنون لعبة “المنظرة” كأنها وظيفة وطنية.لكن الخطر الحقيقي ليس فيهم،بل في لحظة السكون التي لا يسأل فيها الناس: من الذي فعل بل يكتفون بالسؤال؟ : من الذي ظهر؟
كدّابين الزفّة لا يهمهم المشروع… يهمهم التصفيق.لا يسعون للنتائج… يسعون فقط للانتساب لها.يكتبون أسماءهم تحت كل عمل جماعي،وإذا سألتهم: “ماذا فعلت؟”يُحدّثونك عن الصورة، عن المداخلة، عن البرواز!
هم قتلة الشرف،خصوم المخلصين،وعملاء الفراغ!ولذلك، كلما زادت الزفّة، قلّ الصدق.وكلما علا صوت الطبل، ابتعد صوت الإنجاز.فالحقيقة دائمًا تمشي حافية، بلا موسيقى، بلا زفّة، بلا كدابين.
jour_haz@yahoo.com
اترك تعليقاً