المخرجه سوزان عباس البارودي تكتب : سوزانيات … لا يرد ولا يستبدل
الأربعاء 06-08-2025 14:38

بقلم المخرجه سوزان عباس البارودي
سنوات كثيره لم اراه او اسمع صوته وكانه اتمحى من الذاكره بالاكراه
وجدته صباح يفاجائني بمكالمه طيبه
صباح الخير يا ست الكل طمنيني عليكي وعلى كابتن مروان
متابعك و يوميا بدخل الفيس عشان اشوف صفحتك
ما تغيرتيش خالص يا سوزان
وفي منتهى البرود رديت بغلاسه مين حضرتك
فضحك وقال لي طب ما تزقيش
وعرفته من ضحكته
وحزنت من نفسي كثيرا
انني لم اتعرف في البدايه على صوته فقد كبر كثيرا
ووضع الزمان اثاره علي صوته
و فرحت ايضا ان استاذي
و معلمي مازال يتذكرني
و زعلت من نفسي كثيرا اني مقصره معاه
مع اني لم اعتاد على هذا
واثناء ماحضرته بيتكلم ويتذكر المواقف الطيبه الجميله بيننا علي من 37 سنه ونبره صوته بدات بعض الشيء تتغير
وطالها بعضا من الامل من بتاع زمان فهكذا هي الذكريات تدفئ دمائنا في عروق طالها الانكسار
وسرحت وتذكرت ايضا جلساتنا ونحن شباب صغير كلنا تفاؤل وأمل ومنتفخين بالأحلام و التغير
نجلس ساعات وساعات علي القهوه في اسكندريه
تلك المقهي الذي تربي فيها عشرات من المثقفين والمبدعين والثوار والفنانين
اسكندريه الجميله الرائعه..
وتذكرته وهو جالس وسطنا كله شباب وحيويه ونشاط وإصرار وقوه وشجاعه وثقافه ووعي و جدعنه وشهامه واقدام
وكان كبيرا وكنا صغار
كان يعلمنا ويفهمنا ويعرفنا
وكانت احلى الجلسات هي بعد خروجه مباشره من المعتقل
كان احمد اقرب واحد منه
يلمنا في ليله
ما كانش فيه لا موبايل ولا نت ولا الكلام ده كله
الغني فينا كان عنده تليفون ارضي في البيت
واول ما يجي لنا خبر ان
الاستاذ خرج من المعتقل وميعادنا النهارده على القهوه
كنا بنتلم فورا
ودائما ما كان يخرج الاستاذ من المعتقل في الشتاء
اصل زمان كان قلبهم حنين شويه على المعتقلين في قضايا الراي
فيظهر ان وجودهم في الشتاء في السجون كان بيكلفهم بطاطين واكل زياده
فكانوا بيصعبوا عليهم ويخرجوهم في ديسمبر ويلموهم تاني في مايو
وكنا في عز البرد والدنيا بتمطر تلج نتلم على البحر على القهوه ونقفل شبابكها القزاز علينا و احنا متكتكين من الساقعه فرحانين من شكل المطر من ورا القزاز
كانت قلوبنا دافيه وجميله
كنا بنقعد نساله عن تجربته في السجن وقابل مين واتكلم مع مين ومين اللي اثر فيه
وما بين 100 سؤال وسؤال كانوا جوانا
كان بيجاوبنا بكل امانه و يتقبل الكل بكل جنوننا وعفويتنا واختلاف آرائنا
ومعتقداتنا وثقافتنا
كان بيعشق مصر ولما كان بيتكلم عنها كنت بحس انها حبيبته وهو العاشق الولهان
الصادق في الغرام
كنت اراه يستحق اعلى المناصب والمراكز لانه بجد بيحبها من غير هدف
بس يظهر ان
الحب كان من طرف واحد كعادتها مع كل احبابها …
كان مثال راقي للسياسي المحترم الوطني كله حياه وضمير وثقافه ووعي
وتذكرت انه هو من علمني ان لا اقيم للفلوس قيمه
وان اتكيف مع الظروف
اعرف اعيش هانم وسط الهوانم واعرف اعيش صعلوكه مع الصعاليق …
كل هذا واكثر تذكرته وسرحت به و الاستاذ على الخط الثاني من التليفون ويظهر ان صمتي طال عليه
فقال لي انت رحتي فين
تهتي مني تاني
قلت انا مع حضرتك يا استاذ وعمر ولادك ما تاهوا عنك
و سالني عن اخباري وماذا فعلت الحياه بي
وهل الزمان وضع اثاره علي كما فعل به
واخبرته اني الحمد لله
لست بخير وابتسمت ابتسامه المهزوم
واعتذرت كثيرا عن تقصيري معه سنوات وتحججت بان الدنيا تلاهي وطلبت منه السماح وسالته عن اخباره
حزنت من نفسي كيف نستني الدنيا من وهبني نصف قوته وشجاعته
واخبرني انه بخير عظيم وفي سلام دائم وراحه بال منذ ان امتنع عن الاحلام
وقتل امل ودفنها بيداه
وضحك وهو يقول انه
كبر وهرم و لم يعد يحتمل رطوبه السجن وقسوه السجان زي زمااان
وسالته ايه اللي فكرك بيا يا استاذ بعد السنين دي كلها
قالي.. مش هقول لك وحشتيني لانك ما سبتنيش عشان توحشيني بس اعتبريها مكالمه وداع
وطلب مني ان اسال عنه من وقت لاخر واتهمني بالجدعنه
وان قلبي من دهب
فضحكت قلت وقلت له ليته فعلا من ذهب لكنت صيحته وبعته بالوقه وبالجرام
وضحك وقال من ربيتها بيدي لا تبيع حتى نمله مش قلبها
وعد الحزن الى صوته مره اخرى و شكي لي من الوحده التي تقتله وأنها ابشع من السياسه و ضياع الاحلام
و فقدان الامل
وانه يعتبر بعده عن احبابه هو عقاب يستحقه
لانه كان غبي وما فهمش اللعبه من زمان..
و صرح لي عن ندمه الشديد في ضياع عمره بلا زواج ولا اولاد من اجل الدفاع عن اموات
ونصحني أن لا اعافر من أجل موتي فالموتى لا يستحقون الا قراءه الفاتحه فقط
و طلب مني أن لا دافع عن احد ولا عن شيء ولا حتى عن فكره
واهتم بصحتي وسعادتي وبس وطلب مني ان انسى كل شيء تعلمته منه وانا صغيره وطلب مني السماح
وطلب من الله ان يسامحه انه علمنا الصح في زمن غلط
واتهم نفسه أنه دمر حياتنا كلنا على حد تعبيره
وسالني هل ارى احد من شله القهوه زمان
قلت له ولا شفت حد
الدنيا فرمتنا فرم وفرقتنا مع اننا كنا ماسكين كويس قوي في بعضينا
واخبرته أن في اثنين ثلاثه معايا على الفيس اتلاقينا في العالم الافتراضي الي كله وهم في وهم
وانتهت المكالمه وشعرت انها قد تكون اخر عهد لي مع صوته ونصائحه
فاردت ان احتفظ برساله صوتيه منه لعله يسبقني على البر الثاني حيث السلام والامان والجمال
فيوحشني فافتح رسالته واسمع صوته لعله يبث في نفسي بعض الامان زي زمان
فقلت له هبعت لحضرتك رساله صوتيه على الوتس ويا ريت ترد عليا فيها وهسالك فيها سؤال
كان نفسي اساله لك 37سنه
وطلبت منه ان يرد عليا بمنتهى الصدق والامانه
فضحك ضحكه شفت فيها وشه بتاع زمان
وقال لي هجاوبك
يلا ابعتي يا اقوى النساء
ويا رب ما يكونش ما اتوقعه من سؤال
وبالفعل تركت له الرساله وسالته سؤال
وسمع بالفعل الرساله
وانتظرته يجيب
11ليله ولم ياتيني منه الجواب وسرقتني الدنيا كعادتها ولم انسب المكالمه التي كانت بيننا
وكل كم يوم افتح الوتساب الاقيه اون لاين و قد يكون على صفحتي بيسمع صوتي ونفس السؤال
وجاءتني مكالمه من مجهول وقال لي اهلا سوزن
وعرفته انه احمد فهو الوحيد الذي كان يناديني بسوزن وليس بسوزان
ولم ارحب به بعد كل هذا الغياب فقد كانت دقات قلبي
اسرع من دقات قلب فارس على فرسه في سباق
وتصببت عرقا وفاجاتني حاله من الهلع والخوف مما قد اسمعه
وقال لي الاستاذ سابلك عندي
هديه صوره ليكي رسمها لك بايديه ومعاها جواب وقال لي اسلمهملك بعد ما …..
قلت له اوعى تقول لي انه مات
انا كنت نازله اسكندريه يوم الحد عشان اشوفه و اخرجه من عزلته وافسحه في كل حته بيحبها في اسكندريه
قال لي احمد اتاخرتي عليه كتير كعادتك ..
ودخلت في نوبه بكاء وكأن العمر ضاع هباء
واتفقنا ان يرسل لي الحاجه
مع صديق لي كان في اسكندريه بالصدفه
ووصلت ليه الهديه وفتحت الجواب
ورقه مكتوب عليها
اجابه لسؤالك
ايوه كنتي بالنسبه لي الحب الاول والاخير
وما بيننا من فارق سن كبير منعني من ان اكون اناني معكي وتركتك لتعيشي سنك واعيش انا معكي في الاحلام
وتمنيت ان يعود للحياه ولو دقيقه واحده لاصفعه على وجهه قلما شديدا
واسجنه بتهمه الغباء
وفتحت اللوحه لقيت صورتي مرسومه وممضيه باسمه ومسمي اللوحه
( قدري )
وتمنيت ان اغير الاقدار
ولكني ادركت ان
القدر لا يرد ولا يستبدل
اترك تعليقاً