رئيس التحرير

الشاعرة الفلسطينية د. أحلام أبو السعود تكتب :العفو الدولية: صرخة إنسانية في وجه التجويع الممنهج في غزة

الثلاثاء 19-08-2025 16:21

✍️ بقلم: د. أحلام أبو السعود
سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية

~~~~~~~~~~~~
تصريحات منظمة العفو الدولية الأخيرة، التي دعت إلى تمكين الأونروا والوكالات الأممية من الوصول الآمن إلى غزة، ووقف نقل الأسلحة إلى إسرائيل، وفرض عقوبات عليها، تحمل أبعاداً سياسية وقانونية وأخلاقية بالغة الأهمية. فهي ليست مجرد توصيات عابرة، بل بمثابة إدانة صريحة للاحتلال الإسرائيلي الذي يواصل تنفيذ سياسة ممنهجة تقوم على التجويع كسلاح حرب، في مخالفة فاضحة للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف.

🟠 التأثير على نتنياهو وحكومته
تأتي هذه التصريحات في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزلة سياسية متزايدة وضغوطاً داخلية غير مسبوقة. فإدانة منظمة دولية بحجم “العفو الدولية” لا تضع إسرائيل أمام مساءلة أخلاقية فقط، بل تهدد أيضاً علاقاتها مع بعض الدول الغربية التي تجد نفسها مضطرة للتجاوب مع هذه النداءات.

على الصعيد الداخلي: قد يستخدم نتنياهو هذا الضغط الخارجي لتشديد خطابه الأمني وادعاء “المظلومية الدولية”، مما يعزز التفاف اليمين المتطرف حوله.

على الصعيد الخارجي: فإن اتساع المطالبات بفرض عقوبات ووقف توريد الأسلحة يضع تل أبيب في موقف حرج أمام حلفائها الغربيين، خصوصاً إذا بدأت برلمانات أوروبية أو لجان دولية بالتحرك الفعلي لفرض قيود على التعاون العسكري.

🟡 التأثير على الجانب الفلسطيني
بالنسبة للفلسطينيين، فإن هذه التصريحات تمثل دليلاً إضافياً على عدالة قضيتهم وصوابية سرديتهم أمام العالم. فاعتراف منظمة حقوقية بارزة باستخدام الاحتلال للتجويع الممنهج، يفتح الباب أمام مسار قضائي دولي قد يصل إلى محكمة الجنايات الدولية باعتبار ذلك جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. كما يعزز موقف القيادة الفلسطينية والفصائل في خطابها الدبلوماسي، ويمكّن من استثمار هذا الزخم لمطالبة المجتمع الدولي بآلية دولية لحماية الفلسطينيين.

🟢 معضلة الأونروا بعد حظرها بقرار الكنيست
قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر عمل وكالة الأونروا داخل الأراضي المحتلة يمثل امتداداً لمخطط يستهدف شطب حق اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء عمل المؤسسة التي تشكل شاهداً تاريخياً على النكبة. ومع دعوة العفو الدولية لتمكين الأونروا من الوصول إلى غزة، يتضح التناقض الحاد بين القانون الدولي وقرارات الاحتلال.

فالمنع الإسرائيلي يعني ترك أكثر من مليوني فلسطيني في غزة دون الحد الأدنى من المساعدات، وهو ما يعزز سياسة التجويع الممنهج. غير أن هذه التصريحات تضع الأمم المتحدة أمام اختبار جاد: هل ستتراجع أمام قرار الكنيست، أم ستصر على شرعية الأونروا بوصفها هيئة أممية لا تخضع لإملاءات الاحتلال؟

🔵 رأي الباحثة د. أحلام محمد أبو السعود
ترى الباحثة في الشؤون الفلسطينية أن تصريحات العفو الدولية تمثل انتصاراً معنوياً للشعب الفلسطيني، لكنها وحدها لا تكفي ما لم تتبعها خطوات عملية من المجتمع الدولي.

> “إن حكومة نتنياهو تستخدم سياسة التجويع كسلاح لكسر إرادة الشعب الفلسطيني، غير أن صمود غزة يكشف فشل هذه الاستراتيجية. المجتمع الدولي أمام امتحان حقيقي: فإما أن يثبت التزامه بالقانون الدولي عبر فرض عقوبات فعلية على إسرائيل، وإما أن يسقط في اختبار الإنسانية. أما الأونروا، فهي أكثر من مجرد وكالة إغاثة؛ إنها شاهد تاريخي على جريمة النكبة، وحظرها لن يلغي ذاكرة الشعب الفلسطيني ولا حقه في العودة”.

وتؤكد د. أحلام أن هذه التطورات تستوجب تكاتف الجهد العربي والفلسطيني لإعادة الاعتبار للأونروا، وإطلاق حملة دبلوماسية وقانونية لإجبار الاحتلال على رفع الحصار والسماح بدخول المساعدات، معتبرة أن أي تهاون في هذا الملف يرقى إلى مشاركة في جريمة الإبادة الجماعية.

🟣 خلاصة المقال
تصريحات العفو الدولية تزيد من عزلة إسرائيل وتفضح جرائمها أمام العالم، وتمنح الفلسطينيين ورقة قوية في معركتهم السياسية والقانونية. لكن الفعل الحقيقي يبقى بيد المجتمع الدولي، الذي عليه أن يترجم الإدانة إلى قرارات ملزمة وعقوبات رادعة، حتى لا تبقى دماء الأطفال في غزة مجرد أرقام في تقارير إنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *