الكاتبة الفلسطينة د. أحلام محمد أبو السعود تكتب : 🕌 اغتيال المساجد في غزة
الخميس 11-09-2025 12:55

✍️ بقلم: سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
د. أحلام محمد أبو السعود
🔴 في مساءٍ أسود من تاريخ شعبنا ، لم يكتفِ الاحتلال الغاصب بسفك الدماء وتدمير البيوت، بل امتدّت يده الآثمة إلى بيوت الله، منابر العلم والقرآن، ليغتال نور المساجد في غزة. كان آخرها قصف مسجد ابن تيمية في مخيم دير البلح، وهو أقدم مساجد المدينة بعمرٍ يقارب المائة عام، ومنبرٌ خرّج أجيالاً من حفّاظ كتاب الله وطلاب العلم الشرعي.
🟢 ولم يكتفِ العدو بذلك، حيث قام بعد ساعات بقصف مئذنة مسجد يافا في حي بشارة وسط دير البلح، تلك المئذنة التي كانت تقف شامخة تروي حكاية القرآن والذكر والدروس النورانية، حيث تعلّم الأطفال القراءة النورانية، وحفظ القرآن بالسند، وتُعقد الدروس الدينية وحلقات الذكر، وتُتداول القراءات العشر. لقد دمّر الاحتلال القبة التي بقيت شاهدة على جريمة قصف المسجد سابقا وتدميره بالكامل ، فأبى إلا أن يمحو آخر ما تبقى من رموزه الروحية.
🔵 ولم تقتصر الجريمة على مسجدٍ أو مئذنةٍ واحدة، بل تحوّلت دير البلح إلى لوحةٍ من الأطلال:
مسجد يافا
مسجد السلام
مسجد الشهداء
مسجد البخاري
مسجد النور
مسجد أنصار
مسجد مستشفى الاقصى
مسجد التلباني
مسجد المتحابين
مسجد الحكر
قبة مسجد البلد
قبة مسجد أبو سليم
وغيرها كثير من مسجد دير البلح… حتى باتت معظم مساجد قطاع غزة بين ركامٍ وصمتٍ مهيب.
🟡 التقارير الحقوقية الأخيرة تكشف حجم الفاجعة: أكثر من 200 مسجد دُمّر كلياً منذ بداية العدوان، وأكثر من 150 مسجداً تضررت بشكل جزئي، وفق وزارة الأوقاف الفلسطينية وتقارير ميدانية موثوقة. إننا أمام محاولة متعمدة لمسح هوية غزة الدينية والثقافية من الخريطة، وإعدام إرثٍ حضاريٍّ شكّل ذاكرة الأمة.
🔴 المساجد في غزة ليست حجارة فحسب، بل هي مدارس للحياة: فيها الحافظ يتلو، والطفل يتعلم، والأم تُصلّي وتبث رجاءها، والشاب يطلب العلم والهدى. تدميرها يعني قتل الروح، ووأد الهوية، وطمس المعالم التي كانت تزرع في الأجيال يقيناً وعزيمة.
🟢 ورغم الدمار، تبقى المآذن شاهدة، بعضها واقف على الأطلال كأصابع مرفوعة إلى السماء تقول: “هنا كان بيت الله… هنا كانت الأمة تقرأ وتذكر وتصلّي.” تلك الشواهد ستروي للأجيال القادمة حكاية الغول الصهيوني، وتفضح صمته العالم الذي ترك بيوت الله تنزف بلا حارس ولا غيرة.
🔵 إن ما يجري ليس حرباً عسكرية فحسب، بل حرب إبادة ثقافية وروحية. يستهدف الاحتلال جوهر هويتنا الإسلامية والفلسطينية، ويعلن حربه على المصحف والمئذنة والركعة الخاشعة.
🟡 ندائي إلى ضمير المسلمين والعالم:
أيُعقل أن تُقصف المساجد ويُسكت عن ذلك؟
أين الغيرة على القرآن الكريم؟
أين المؤسسات الدولية التي تدّعي حماية التراث الديني والإنساني؟
كيف يُترك شعب بأكمله بلا مآذن ولا منابر؟
📢 خطاب مباشر إلى الأمة الإسلامية
🔴 يا أمة الإسلام!
أما آن للغضب أن يستيقظ؟! أما آن للمآذن المهدّمة أن تجد فيكم نصيراً؟! مساجد غزة تُقصف أمام أعينكم، والمصحف يُمزّق تحت أنقاضها، والركعة الخاشعة تُستباح بنيران العدو.
🟢 يا مسلمي العالم!
لسنا نطلب صدقةً ولا شفقةً، بل نطلب موقفاً يليق بكرامة القرآن، وغيرةً على بيوت الله التي دنّسها المعتدي.
🔵 يا قادة الأمة!
إمّا أن تُسجَّل أسماؤكم في صحائف العار صامتين خانعين، وإمّا أن تكتبوا موقفاً من نور يذكره التاريخ فتُرفع به رايات العزّة.
🟡 غزة تناديكم:
إذا هُدمت مساجدها فالله باقي، وإذا دُمّرت مآذنها فالنداء باقٍ في القلوب. لكنّ العار سيبقى على من سمع الأذان يستغيث ولم يُجِب.
✊ إن قصف المساجد في غزة ليس مجرد اعتداء عابر، بل وصمة عار على جبين الإنسانية، وجريمة إبادة حضارية لن تُمحى من الذاكرة. وغزة، برغم الجراح، ستبقى تصلي بين الركام، وستظل مآذنها — ولو مدمرة — ترفع الأذان في قلوبنا.
اترك تعليقاً