رغدة كاظم تكتب .. قوة العادات الصغيرة
الأحد 28-09-2025 15:37

في حياة كل إنسان تفاصيل يومية صغيرة قد تبدو بلا قيمة، غير أنّها في الحقيقة تحمل قوة هائلة قادرة على تغيير المستقبل وصناعة الفارق، فالعادات البسيطة التي نكررها كل يوم تشبه البذور الصغيرة التي إذا واظبنا على رعايتها تنمو ببطء حتى تتحول إلى أشجار راسخة. كثيرون يظنون أن النجاح يحتاج إلى قفزات كبيرة أو إنجازات خارقة، لكن الحقيقة أن سر التميز يكمن في المثابرة على خطوات صغيرة متكررة.
فمن يقرأ عشر دقائق يومياً سيجد نفسه بعد عام قد أنهى عشرات الكتب، ومن يمارس رياضة بسيطة كل صباح سيبني جسداً أقوى وصحة أفضل مع مرور الوقت، ومن يخصص وقتاً قصيراً للكتابة أو التعلم يكتشف بعد سنوات أنه صنع لنفسه علماً وخبرة يصعب الحصول عليها بغير ذلك. تلك التراكمات الصغيرة تمنح الإنسان إحساساً بالإنجاز وتزرع داخله الثقة في قدرته على الاستمرار، كما تدرب عقله على الانضباط وتجعله أكثر التزاماً في مواجهة تحديات الحياة.
العادات الصغيرة ليست مجرد أعمال متكررة، بل هي أسلوب حياة، فهي تعكس صورة الإنسان الحقيقية وتحدد مساره أكثر مما تحدده اللحظات الكبرى، فالنجاحات العظيمة ليست إلا نتيجة طبيعية لالتزام طويل المدى بتفاصيل يومية قد لا يلاحظها الآخرون. إنّ الاستمرارية في هذه العادات تُحدث تحولاً عميقاً في الشخصية وتجعل الفرد أكثر صبراً واتزاناً، كما تمنحه القدرة على رؤية التغيير في نفسه قبل أن يراه في عيون الناس.
ومن هنا فإن سر القوة يكمن في البساطة، فكل عادة صغيرة إذا التزم بها الإنسان تحولت إلى جزء من شخصيته وأثرت في عقله وجسده وروحه، ومع مرور الوقت تصبح هذه العادات بمثابة الجسر الذي يعبر به نحو أحلامه، لتثبت له أن الطريق إلى القمم يبدأ دائماً بخطوة واحدة متواضعة يكررها كل يوم.
اترك تعليقاً