رئيس التحرير

رغدة كاظم تكتب .. تأثير السوشيال ميديا على العلاقات الإنسانية

الثلاثاء 30-09-2025 10:21

لم يعد خافيًا على أحد أنّ السوشيال ميديا أصبحت عنصرًا أساسيًا في حياة الإنسان ، فهي المنبر الذي يجمع بين الأخبار والترفيه والتواصل الاجتماعي في آن واحد. ومن خلال الهواتف الذكية، صارت هذه المنصات في متناول اليد على مدار الساعة، حتى تحولت من مجرد وسيلة ترفيهية إلى أسلوب حياة يؤثر بشكل مباشر على طبيعة العلاقات الإنسانية.

من أبرز الجوانب الإيجابية لهذه الوسائل أنها قرّبت العالم بشكل لم يكن متصورًا من قبل. فاليوم يستطيع المرء التواصل مع صديق طفولته الذي يعيش في قارة أخرى، أو متابعة أخبار عائلته في بلد بعيد وكأنه يعيش معهم. كما أسهمت في تكوين صداقات جديدة، وبناء شبكات مهنية وعملية تعزز فرص النجاح والتطور، فضلًا عن دورها الكبير في دعم الحملات الإنسانية ونشر الوعي بقضايا مجتمعية هامة.

ومع ذلك، فإن الوجه الآخر للسوشيال ميديا لا يخلو من السلبيات. فقد بات الاعتماد الزائد عليها يقلل من جودة التواصل الحقيقي بين الأفراد، حيث انحصر الكثير من التفاعلات في رسائل سريعة أو رموز تعبيرية لا تستطيع أن تنقل المشاعر بصدق. كما أن الإفراط في متابعتها قد يؤدي إلى الإدمان، وهو ما يسبب عزلة اجتماعية وشعورًا بالوحدة رغم كثرة “الأصدقاء الافتراضيين”. ويُضاف إلى ذلك ظاهرة المقارنات المستمرة، حيث يميل البعض إلى مقارنة حياتهم بما يرونه على حسابات الآخرين، الأمر الذي قد يسبب ضغوطًا نفسية وفقدانًا للرضا.

إن التوازن هو المفتاح في التعامل مع هذه المنصات. فالسوشيال ميديا ليست عدوًا بطبيعتها، لكنها تتحول إلى أداة سلبية حين تحلّ محل اللقاءات الإنسانية الدافئة، أو حين تُستخدم بشكل مبالغ فيه يسرق الوقت والمشاعر. ولعلّ أفضل نهج هو أن نوظف هذه الوسائل كجسر للتواصل والدعم، مع الحرص على إبقاء مساحة للعلاقات الواقعية التي تبقى أصدق وأعمق أثرًا في حياة الإنسان.

وفي النهاية، يمكن القول إنّ السوشيال ميديا مرآة لعصرنا الحديث؛ تحمل الخير والشر معًا، ويظل تأثيرها مرهونًا بمدى وعي الإنسان في استخدامها. فإذا أحسنّا إدارتها، كانت وسيلةً لتعزيز الروابط، أما إذا تركناها تتحكم فينا، فلن تجلب إلا البعد والجفاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *