رئيس التحرير

الشاعرة الفلسطينية د. أحلام محمد أبو السعود تكتب : فلسطين… سبعة وسبعون عامًا من الصمود: الأرض عرضٌ والدم مهرها

الخميس 02-10-2025 18:09

بقلم د. أحلام محمد أبو السعود سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية
لم يعرف العالم شعبًا ارتبط بأرضه كما عرف الفلسطينيين. فمنذ نكبة 1948 وحتى اليوم، يثبت هذا الشعب أنه ليس مجرد ساكنٍ على أرضٍ، بل هو روحها الحيّة، وجذرها الضارب في التاريخ.

حتى صحيفة هآرتس الإسرائيلية اعترفت مؤخرًا بهذه الحقيقة في افتتاحية نادرة، قائلة إن «الفلسطينيين أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم»، مؤكدة أن صواريخ المقاومة أسقطت أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»، وأن الفلسطينيين «أصحاب الأرض حقًا، يدافعون عنها بأرواحهم وأبنائهم ومالهم»، في وقتٍ هرع فيه آلاف اليهود إلى المطارات للهجرة مع بداية الحرب. اعتراف يخرج من قلب إسرائيل نفسها، لا يترك مجالًا للتشكيك في معدن هذا الشعب.

من بيتٍ يُهدم، يُقام خيمة على الركام. من شهيدٍ يُغتال، تنهض أمٌّ فلسطينية تزغرد، تُودّع ابنها ثم تعود لتقول: «البيت بيتي، والأرض أرضي، لن أتركها ولو متّ واقفة». نساءٌ فقدن الأبناء والأزواج والآباء، ومع ذلك يرفضن النزوح، يحملن مفاتيح البيوت القديمة، ويورّثن أبناءهن حكاية التمسك بالجذور.

في غزة المحاصرة، التي تُزرع فيها الحياة وسط الركام؛ في القدس، حيث يتدفق الآلاف إلى الأقصى رغم الحواجز والإذلال؛ وفي الضفة ومخيماتها، حيث يتحوّل كل حجر إلى مدرسة للصمود — يكتب الفلسطينيون روايتهم بدمهم لا بالحبر.

أما الروايات المغرضة التي تتهم الفلسطينيين بالعمالة، فهي لا تصمد أمام حقيقة 77 عامًا من النضال والتضحيات: عشرات الآلاف من الشهداء والأسرى، ملايين المتمسكين بحق العودة، وأجيال لم تُغوها وعود الاحتلال ولا محاولاته لطمس الهوية. فأي «عميل» هو من يقدّم روحه وفلذة كبده فداءً للأرض؟

اليوم، ومع انكشاف الوهم، تكتب هآرتس ما لم تجرؤ إسرائيل على قوله من قبل: «حلم إسرائيل الكبرى انتهى». أما الفلسطيني، فهو ما زال واقفًا، راسخًا، متمسكًا بأرضه، صابرًا على الألم، واثقًا أن الغد له مهما طال الليل.

د. أحلام محمد أبو السعود
سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *