رغدة كاظم تكتب.. الروتين نعمة أم نقمة؟
الأحد 05-10-2025 10:43

الروتين كلمة كثيرًا ما نسمعها في أحاديثنا اليومية، وغالبًا ما ترتبط في أذهاننا بالملل والتكرار وفقدان الشغف. غير أن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير، فليس الروتين شرًا مطلقًا كما يظن البعض، بل هو سيف ذو حدين؛ يمكن أن يكون مصدر راحة وتنظيم، كما يمكن أن يتحول إلى قيد خانق يسلب الإنسان متعته في الحياة.
من جهة، يمنح الروتين حياتنا نوعًا من التوازن والاستقرار. فالعقل البشري يجد راحته حين يعرف ما سيحدث لاحقًا، وحين يسير اليوم بخطوات مألوفة لا تحمل مفاجآت مزعجة. لهذا السبب، يُعدّ الروتين وسيلة فعّالة لإدارة الوقت، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الفوضى في حياتنا اليومية. إنّه يشبه الإيقاع المنتظم في الموسيقى، الذي يمنح اللحن تماسكه وجماله.
لكن، حين يتحول هذا الإيقاع المنتظم إلى نغمة واحدة تُعزف بلا توقف، يبدأ الملل بالتسلّل إلى النفس. تتشابه الأيام، ويتحوّل الإنسان إلى آلة تُكرّر الحركات نفسها بلا إحساس. هنا يفقد الروتين معناه الجميل، ويتحوّل إلى جدار يفصلنا عن الإحساس بالحياة الحقيقية.
الحل لا يكون في الهروب من الروتين أو كسره تمامًا، بل في إعادة التوازن إليه. يمكننا أن نُدخل إلى أيامنا بعض التفاصيل الصغيرة التي تُعيد الروح، مثل الخروج إلى مكان جديد، أو ممارسة هواية نحبها، أو حتى تخصيص وقت بسيط للهدوء والتأمل. تلك اللمسات البسيطة تُنعش القلب وتكسر دائرة التكرار دون أن تخلّ بنظام الحياة.
الروتين في حد ذاته ليس العدو، بل هو وعاء للحياة، ونحن من نختار بماذا نملؤه. قد يكون مليئًا بالملل والتكرار، أو مليئًا باللحظات الصغيرة التي تمنحنا السعادة. المهم أن نتذكّر دائمًا أنّ الحياة لا تُقاس بعدد الأيام، بل بما نحياه داخلها.
فاجعل ليومك بصمة خاصة، حتى وإن كان يشبه الأمس، لأن الفرق الحقيقي ليس في الأيام، بل فيك أنت، وفي الطريقة التي تختار بها أن تعيشها.
اترك تعليقاً