رئيس التحرير

الشاعرة الفلسطينية د. أحلام ابو السعود تكتب : حرب الإبادة الجماعية على غزة ومفاوضات التهدئة: قراءة سياسية في مشهد الدم والعدالة الغائبة

الإثنين 06-10-2025 17:45

༺༺༺༻༻༻

بقلم : سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية

✍️ د. أحلام محمد أبو السعود

༺༺༺༻༻༻

🔥 مقدمة

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يشهد العالم واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين.

فالقصف المستمر، واستهداف المدنيين، وتدمير البنية التحتية، والحصار الخانق، شكّلت مجتمعةً جريمة إبادة جماعية وجرائم حرب مكتملة الأركان.

وقد أكدت كلٌّ من المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية عبر قراراتها وإجراءاتها الأخيرة أن ما يجري في غزة يتجاوز توصيف “النزاع المسلح” ليصل إلى مستوى الجرائم الدولية الكبرى التي تستوجب المساءلة الفورية.

💣 أولاً: المشهد الميداني والسياسي

رغم الحديث عن خطة ترامب ومباحثات القاهرة، فإن الميدان يروي قصةً أخرى:

الغارات الإسرائيلية لم تتوقف، واستهدفت الأحياء السكنية والمستشفيات ومراكز الإيواء.

المدنيون الأبرياء، وخصوصاً النساء والأطفال، يشكلون النسبة الكبرى من الضحايا.

الطواقم الطبية والدفاع المدني تعمل في ظروفٍ كارثية وسط دمار شامل ونقص في الوقود والإمدادات.

شاحنات المساعدات الإنسانية ما تزال تواجه عراقيل تمنع دخولها الكامل إلى مدينة غزة، مما يعمّق المأساة.

النتيجة: لا يمكن لأي تفاوض سياسي أن يُثمر فوق أنقاض مدينة تُباد وسكان يُقتلون يومياً.

⚖️ ثانياً: الاعتراف الدولي بالإبادة والجرائم

أصدرت محكمة العدل الدولية قراراتٍ تُحمّل إسرائيل مسؤولية أعمالٍ ترقى إلى الإبادة الجماعية، وألزمتها باتخاذ تدابير فورية لحماية المدنيين.

كما فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقات رسمية في جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية، مؤكدةً أن الأدلة تشير إلى نمط منظّم من الاستهداف المتعمد للمدنيين.

إلى جانب ذلك، وثّقت منظمات حقوقية دولية، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، الانتهاكات الواسعة التي أودت بحياة عشرات الآلاف، معظمهم من النساء والأطفال، مؤكدة أن ما يحدث في غزة هو مشروع تطهير وإبادة جماعية موصوفة.

🕊️ ثالثاً: مفاوضات التهدئة… بين السياسة والدم

تُعقد اجتماعات في مصر بمشاركة وفود فلسطينية وإسرائيلية ودولية في محاولة للوصول إلى “وقف إطلاق نار”،

إلا أن هذه المفاوضات تجري في ظل استمرار القصف وغياب الثقة.

ورغم أن بعض الأطراف الدولية تصف المحادثات بأنها “ناجحة”، إلا أن الواقع الميداني يُكذّبها،

فـالاحتلال الإسرائيلي ما زال يرفض وقف إطلاق النار الكامل، ويُبقي قواته في جاهزية تامة لاستئناف القتال،

مما يجعل أي اتفاقٍ هشًّا ومؤقتاً، ويحوّل التهدئة إلى استراحة قصيرة في حربٍ طويلة ضد الإنسانية.

🌍 رابعاً: الموقف الإقليمي والدولي

مصر تسعى جاهدة لتثبيت هدنة إنسانية ولو مؤقتة، لكنها تواجه تعقيدات أمنية ميدانية.

المجتمع الدولي ما زال عاجزاً عن فرض إجراءات رادعة، مكتفياً بالبيانات اللفظية.

ازدواجية المعايير الغربية تكشف عجز النظام الدولي، الذي يغضّ الطرف عن إبادة واضحة المعالم في غزة،

بينما يتحرك سريعاً في نزاعاتٍ أخرى أقلّ دموية.

🌺 خامساً: السيناريوهات والتوصيات

1. ✳️ وقف فوري وشامل للعدوان تحت رقابة الأمم المتحدة وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.

2. ✳️ فتح ممرات إنسانية آمنة بإشراف دولي، والسماح الكامل بدخول المساعدات إلى غزة.

3. ✳️ دعم المسار القانوني الدولي عبر تفعيل ملفات الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية الدولية.

4. ✳️ تحرك عربي موحد لتدويل القضية الفلسطينية وفرض عقوبات على إسرائيل.

5. ✳️ مواصلة التوثيق الإعلامي والحقوقي لكشف الحقيقة أمام العالم، فالصمت شراكة في الجريمة.

❤️ خاتمة

ما يجري في غزة ليس حرباً بل إبادة جماعية ممنهجة تستهدف الإنسان والأرض والهوية.

إن المفاوضات الحالية، ما لم تنطلق من هذا الاعتراف، لن تُفضي إلى سلامٍ حقيقي أو تهدئةٍ دائمة.

فالعدالة هي الطريق إلى الأمن، ولا عدالة دون محاسبة المجرمين ورفع الحصار وإعادة الحق إلى أهله.

 

✍️ د. أحلام محمد أبو السعود

سفيرة الإعلام العربي

باحثة في الشؤون الفلسطينية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *