رئيس التحرير

التقرير السياسي والتحليلي … تطورات القرار العسكري الإسرائيلي وتوازن القوى الإقليمي

السبت 11-10-2025 16:13

✍️ إعداد: د. أحلام محمد أبو السعود
سفيرة الإعلام العربي – باحثة في الشؤون الفلسطينية
༺༺༺༺༻༻༻༻
⚔️ التحولات في القرار العسكري الإسرائيلي

تشهد الساحة السياسية والأمنية في إسرائيل تحولات غير مسبوقة تقود إلى إعادة رسم المشهد الداخلي والإقليمي جذريًا.
ما يُعرف بـ “الوصاية العسكرية” على القرار السياسي بات واقعًا جديدًا، إذ ينتقل مركز القرار الاستراتيجي من أروقة الحكومة إلى قيادة الجيش.
يظهر ذلك بوضوح في إدارة الأزمة الأخيرة في غزة وتداعياتها، حيث تلعب القاهرة دورًا محوريًا، ليس فقط كوسيط، بل كقوة ضامنة تتعامل مباشرة مع القيادة العسكرية الإسرائيلية، متجاوزة دور الحكومة التقليدي.

🧭 التحالفات الإقليمية وإعادة رسم المشهد الأمني

تتزامن هذه التحولات مع تفكك داخلي في القيادة السياسية الإسرائيلية وصعود النخبة الأمنية كقوة جديدة تسعى لإعادة تعريف مفهوم الأمن القومي.
ويتم ذلك عبر تنسيق وثيق مع واشنطن والقاهرة، حيث تعمل الولايات المتحدة ومصر على تثبيت توازن إقليمي جديد يقوم على دعم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية كفاعل رئيسي في المنطقة.

🕊️ مجريات الأمور والتهدئة: بين الواقع والمخططات

إعلان وقف إطلاق النار لم يكن مجرد قرار سياسي، بل خطوة استراتيجية عسكرية تولّاها الجيش الإسرائيلي بشكل مستقل عن الحكومة.
وجاء الاتفاق تحت ضغط إقليمي ودولي كبير، خصوصًا من القاهرة وواشنطن اللتين نسقتا مباشرة مع قيادة الأركان الإسرائيلية ووضعتا شروطًا صارمة لتنفيذ التهدئة.

يركّز الجيش الإسرائيلي على ما يلي:

تعزيز الرقابة الأمنية على الحدود مع غزة، بالتنسيق الميداني مع الجيش المصري.

الاحتفاظ بحق الرد العسكري تحت ذرائع “التهديدات الأمنية” مع مرونة في قواعد الاشتباك.

إدارة ملف الأسرى والمفقودين عبر قنوات استخباراتية مستقلة عن الحكومة، مع دور محوري لمصر.

في المقابل، تحاول الفصائل الفلسطينية إعادة ترتيب صفوفها، والمحافظة على قدرات ردعها مع الالتزام بالتهدئة، مستفيدة من الدور المصري الضابط للأوضاع الميدانية.

📉 مصير نتنياهو: بين العزلة والرحيل المحتمل

رغم محاولاته الظهور بمظهر القائد الأمني، يعيش بنيامين نتنياهو عزلة متزايدة داخل المشهد السياسي، في ظل تنامي نفوذ الجيش على حساب سلطته.
الصراعات داخل حزب الليكود، وتزايد الانتقادات ضده، تشير إلى أن مرحلة ما بعد نتنياهو باتت قريبة.
تتحدث الأوساط السياسية عن استقالة محتملة خلال أشهر قليلة، تمهيدًا لانتخابات مبكرة قد تفرز حكومة مدنية محدودة الصلاحيات، بينما تبقى السلطة الفعلية في يد المؤسسة العسكرية، في نموذج سياسي هجين بين المدني والعسكري.

🏗️ التغير في بنية دولة الاحتلال الإسرائيلية

تشهد إسرائيل تحولًا جوهريًا في طبيعة الحكم، حيث تفقد السلطة السياسية نفوذها لصالح الجيش الذي أصبح مركز القرار الأول.
يرتكز هذا التحول على:

تفكك المشروع اليميني المتطرف الذي قاده نتنياهو.

صعود النخبة الأمنية كحاكم فعلي يعيد تعريف السياسات الداخلية والخارجية.

اعتماد واشنطن على المؤسسة العسكرية كركيزة استقرار إقليمي بدلًا من القيادات السياسية.

🇵🇸 تأثيرات التحولات على الساحة الفلسطينية والإقليمية

على الصعيد الفلسطيني، تفتح هذه المتغيرات فرصة لإعادة ترتيب الأولويات وبناء رؤية وطنية موحدة توازن بين التهدئة والمقاومة.
تزداد أهمية الدور المصري الذي لم يعد مجرد وسيط، بل ضامن حقيقي للاتفاقات الميدانية.
أما الولايات المتحدة، فتسعى لإدارة الأزمة عبر الاعتماد على المؤسسات العسكرية الفاعلة، ما يعكس تحولًا استراتيجيًا هادئًا في سياساتها الإقليمية.

🧩 الخاتمة: نحو معادلة أمنية جديدة

أظهر الصراع الأخير نهاية هيمنة القيادة السياسية التقليدية في إسرائيل، وبداية عهد القيادة العسكرية التي تمسك بزمام القرار.
في المقابل، برزت مصر كقوة ضامنة إقليمية، والولايات المتحدة كمهندس لتوازن جديد يعتمد على الجيوش والمؤسسات الأمنية أكثر من السياسيين.

تبدو المنطقة مقبلة على نظام توازنات جديد يُدار من غرف العمليات الاستخباراتية أكثر من البرلمانات،
بين إسرائيل التي تعيد تشكيل نموذج حكمها، وفلسطين التي تعيد ترتيب أوراقها، ومصر التي تترسخ كضامن إقليمي حاسم.

د. أحلام محمد أبو السعود
غزة العزة /فلسطين 🇵🇸

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *