الإعلامية دينا ياسين تكتب : الست الجميلة ملهاش صاحبة ست
الأربعاء 22-10-2025 14:47

بقلم: الإعلامية دينا ياسين
الست الجميلة ملهاش صاحبة ست، والجملة دي مش اتهام ولا مبالغة، دي وصف دقيق لحقيقة إجتماعية ونفسية عميقة. لأن الجمال، رغم إنه في ظاهره نعمة، إلا إنه في باطنه إختبار صعب للروح قبل الشكل. الجمال بيعرض صاحبته دايمًا لنظرات متناقضة: إعجاب وغيرة، إنبهار وحذر، إحتواء ورفض. والست الجميلة تفضل واقفة في المنتصف ، بين الحب اللي يخاف منها، والغيرة اللي تبتسم في وشها.
الست الجميلة لما تدخل مكان، بيتغير ميزان الطاقة من غير ما تنطق. مش لأنها بتتعمد، لكن لأن وجودها بيحرك شيء داخل الآخرين. كل ست تشوف فيها انعكاس لحلمها أو نقصها، وكل رجل يشوف فيها تجربة ممنوعة أو رغبة مؤجلة. وبدل ما تُعامل كإنسانة لها قلب، تُعامل كرمز أو كخطر محتمل.
هي ما طلبتش تكون ملفتة، لكن اتخلقت كده. فبتدفع ثمن نظرات الناس، وتتحاسب على شكلها قبل نواياها، وتتحاكم على حضورها قبل كلمتها. تبقى طيبة؟ يقولوا بتصطنع. تبقى رزينة؟ يقولوا مغرورة. تضحك؟ تبقى مستفزة. تسكت؟ تبقى متكبرة. دايمًا في حكم جاهز، ومفيش مساحة حقيقية لفهمها كإنسانة بتتعب وتفرح وتخاف زي أي حد.
الست الجميلة تعرف الوحدة بدري. مش لأنها مش اجتماعية، لكن لأن الصداقة بالنسبة لها معادلة دقيقة. صاحبتها ممكن تحبها في لحظة وتغار منها في اللحظة اللي بعدها. الكلام الحلو بيتحول لنغزات، والضحك لمقارنات، والود لحسابات. فتتعلم إنها تخفي تعبها، وتضحك وهي موجوعة، لأنها عارفة إن قليل اللي هيصدق إن الجميلة ممكن تتأذي.
المجتمع بيخاف من الجمال، يمكن لأنه مش قادر يتعامل مع تأثيره. فالجميلة دايمًا موضوعة في قفص من الأحكام المسبقة: “أكيد متصنعة”، “أكيد مغرورة”، “أكيد عندها نية”. وعلشان كده، بتعيش بحذر، تراقب كلماتها وتوازن خطواتها كأنها بتمشي على خيط رفيع فوق بحر من الظنون.
لكن الجميلة الواعية تفهم إن الجمال الحقيقي مش في الملامح، بل في الوعي اللي يحميها، والاتزان اللي يحكمها، والنضج اللي يخليها تعرف إن النعمة لو ما اتصانتش تتحول نقمة. تفهم إن قيمتها مش في العيون اللي تلاحقها، بل في السلام اللي جواها.
الست الجميلة ملهاش صاحبة ست، مش لأن فيها كِبر، لكن لأن كتير من اللي حواليها مش قادرين يشوفوها ببساطة. كل واحدة شايفة فيها حكايتها المؤجلة، وكل راجل شايف فيها المستحيل الجميل. فتعيش الجميلة بين الحذر والرغبة، بين الدفاع عن نفسها، والحنين إلي حب حقيقي من غير خوف ولا غيرة ولا صراعات .
ومع الوقت، تتعلم الجميلة إنها تكون سند نفسها. ما تستناش سند ، لأنها جربت كتير واتعلمت إن بعض الأكتاف خناجر ناعمة وكتف اليوم قد يكون خنجر الغد . ومع كل مرة وقعت فيها، طلعت أقوى، أكثر وعيًا، وأقرب لنفسها.
وفي النهاية، تفهم إن الجمال مش في الملامح اللي بتبهت مع الزمن، لكن في الثقة اللي تفضل ثابتة بعد كل العواصف، وفي الهالة الهادية اللي تحيط بيها وهي ماشية مرفوعة الرأس، عارفة قيمتها، ومقدرة نفسها ،فاحترمها الجميع.
والأهم ما تبرريش وجودك أو طيبتك لأن طاقتك نور، ومش كل الناس مؤهلة تتعامل مع النور .
فالست الجميلة فعلاً ملهاش صاحبة ست،
بس عندها صاحبة واحدة بتكفيها: نفسها… وكفى ✋
اترك تعليقاً