“ملا مصطفى بارزاني”.. كتاب شيركو حبيب يرصد مسيرته النضالية وعلاقته بمصر وجمال عبد الناصر
الأربعاء 22-10-2025 14:27

صدر حديثا عن دار أم الدنيا للدراسات والنشر والتوزيع بالقاهرة، كتاب “ملا مصطفى بارزاني.. رمز أمة وعنوان نهضتها”، للكاتب الصحفي شيركو حبيب، ليكون متاحا لجمهور معرض القاهرة الدولي للكتاب خلال يناير المقبل.
يرصد الكتاب في 136 صفحة من القطع المتوسط، سيرة ومسيرة الزعيم الكوردي مصطفى بارزاني، ونشأته ومعاركه وثورات الكورد تحت قيادته، كما يركز على جوانب هامة من شخصيته التي كانت مثار إعجاب قادة وزعماء المنطقة والعالم، خاصة الزعيم العربي المصري جمال عبد الناصر الذي استقبله بالقاهرة في 5 أكتوبر عام 1958 ووصفه بأنه “زعيم اجتمع فيه القديم والحديث، وهو متفان من أجل شعبه”.
كما رفض جمال عبد الناصر قيام القوات المصرية بأي هجوم في العراق ضد الكورد، وآمن بحقهم في قوميتهم و دولتهم القائمة على اللغة والعرق النقي الكبير، وخصص نحو 4 ساعات يومية لبث الإذاعة الكوردية على موجات صوت العرب من القاهرة خلال 12 سنة متعاقبة، ما أسهم في نشأة علاقات مصرية كوردية معاصرة متينة، بحسب المؤلف.
ويشتمل الكتاب؛ على مقابلات صحفية متعددة أجراها كبار الكتاب الصحفيين المصريين مع ملا مصطفى بارزاني، وصور نادرة له، وجميعهم وجدوا فيه قائدا لثورة شعب داعية إلى التآخي والتسامح والديمقراطية، كما سجلت الصحف العالمية والمصرية مطالبته الاتحاد السوفيتي بالعودة إلى مصر لينضم ورفاقه إلى مقاومة العدوان الثلاثي عام 1956، كما زار مدينة بورسعيد.
ولد ملا مصطفى محمد عبد السلام عبد الله بارزاني في 14 مارس/ آذار 1903 في منطقة بارزان لعائلة دينية وطنية مناضلة، وشارك شقيقه الأكبر أحمد البارزاني في قيادة الحركة الثورية الكوردية للمطالبة بالحقوق القومية للكورد، أدخل سجن الدولة العثمانية مع والدته وهو طفل صغير، أعدم شقيقه الأكبر الخالد شيخ عبد السلام بارزاني بسبب مواقفه الوطنية والمطالبة بالعدالة والمساواة.
في عامي 1931 و 1932 قاد مع شقيقيه الشيخ أحمد والشيخ محمد صديق ثورة بارزان، وفي عام 1935 تم نفيه إلى مدينة السليمانية مع شقيقه أحمد البارزاني، وفي عام 1942 هرب بارزاني من منطقة نفيه ليبدأ حركته الثورية الثانية وفي إيران وبدعم من الاتحاد السوفيتي أقام الكورد في عام 1945 أول جمهورية كوردية في منطقة «مهاباد» في إيران، وخدم بارزاني كرئيس الأركان الجيش في جمهورية مهاباد»، والتي لم تدم طويلاً، فبعد 11 شهرًا من نشوئها تم وأدها من قبل الحكومة الإيرانية وذلك بعد انسحاب القوات السوفيتية من شمالي إيران تحت ضغط القوى الكبرى التي تمركزت قواتها جنوبي إيران، وكانت القوات السوفيتية قد دخلت الأراضي الإيرانية إبان الحرب العالمية الثانية.
بعد انهيار الدولة الكوردية الوليدة في «مهاباد»، توجه البارزاني إلى الاتحاد السوفييتي مع 500 من مسلحيه سيرًا على الأقدام مجتازين حدودا جبلية وعرة في إيران وتركيا حيث واجهوا عقبات كثيرة في طريقهم وصولاً إلى الحدود الأذربيجانية السوفييتية وبقوا هناك عشرة سنوات.
في عام 1958 ومع إعلان الجمهورية العراقية دعا الزعيم العراقي عبد الكريم قاسم البارزاني للعودة إلى العراق وبدأت مناقشات حول إعطاء الكورد بعض مطالبهم القومية، ولكن مطالب البارزاني والشعب الكوردي لم تتطابق مع ما كان في نية الرئيس عبد الكريم قاسم إعطائه للكورد، فأدى ذلك إلى تجدد الصراع مرة أخرى حيث قام عبد الكريم قاسم بحملة عسكرية ضد الشعب الكوردي عام 1961.
وبعد تولي الرئيس العراقي عبد السلام عارف الحكم اتفق مع عدد من القادة الكورد سياسيين وعسكريين ومن ضمنهم البارزاني على حل شامل للقضية الكوردية حيث أعلن اتفاق نيسان / أبريل عام 1964م، والذي تضمن منح الكورد الحقوق الثقافية والإسهام في الحكم وبعض الحقوق الأخرى، إلا أن التيار القومي العربي تمكن من التسلل إلى السلطة ونسف كل ما اتفق عليه فاستمرت الدولة بإجراءاتها القمعية للشعب الكوردي، فتجدد النزاع المسلحبين الطرفين، وظلت القضية الكوردية تؤرق حكومة بغداد.
بعد 9 سنوات من الحرب بين الكورد بقيادة البارزاني اضطرت الحكومة العراقية إلى الاتفاق مع البارزاني في اتفاقية الحكم الذاتي للكورد عام 1970 والتي لم تدم طويلاً بسبب انقلاب قيادة حزب البعث على اتفاقية الحكم الذاتي عام 1974 وتوقيعهم لاتفاقية مع شاه إيران تنازل بموجبها العراق عن شط العرب وعن المطالبة بالأحواز مقابل توقف إيران عن تقديم الدعم العسكري واللوجستي للثوار الكورد، وفي أعقاب هذه الاتفاقية، اتفاقية الجزائر التي أبرمت بين إيران والعراق بمبادرة أمريكية جزائرية كان عرابها وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بوتفليقة. غادر بعدها البارزاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية إثر مرض عضال، حيث توفي فيها عام 1979م، في مستشفى جورج واشنطن.
يقول المؤلف شيركو حبيب: ليس من السهل الحديث عن القادة العظماء، الذين كرسوا جل حياتهم من أجل خدمة وطنهم وشعبهم وبناء مجتمع ديمقراطي مدني، فالشعوب تفتخر بقادتها، الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، والشعب الكوردي كسائر الشعوب الأخرى يفتخر بقائد وهبه الله له وهو ملا مصطفى بارزاني.
ويضيف حبيب : طبق البارزانيون نظام الإصلاح الزراعي وملكية الأراضي وحماية البيئة و حقوق المرأة، والإصلاحات التشريعية التي تضمن العدالة والمساواة، هذه كلها أرساها البارزانيون، ما جعل العديد من العشائر تنضم لهم. ونشأ ملا مصطفى بارزاني في هذه البيئة وكرس حياته لأجل المبادئ السامية التي تؤكد على الأخوة والتسامح والعيش المشترك، وبناء دولة ديمقراطية مدنية، لذلك نراه عند تأسيسه للحزب الديمقراطي الكوردستاني قد رفع شعار «الديمقراطية للعراق»، لإيمانه
بأن دولة ديمقراطية هي الضامن لحقوق جميع مكوناتها، فدافع بارزاني عن حقوق جميع مكونات العراق والشعوب الأخرى.
وعاش بارزاني مناصرا للقضية الفلسطينية ولا يزال حزبه على نفس النهج مؤيدا حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته وعاصمتها القدس الشريف.
نشرت صحيفة الأخبار المصرية على لسان ملا مصطفى بارزاني في 29 أكتوبر 1966: «لم أبك في حياتي ولم تعرف عيناي الدموع، ولكن عندما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وجاءت أخباره إلى موسكو وكنت وقتها لاجنا هناك فجأة دون إرادتي انهمرت الدموع من عيني ولم أستطع منعها، وكانت هي المرة الأولى والوحيدة حتى الآن، وذهبت إلى المسؤولين في موسكو وطلبت منهم أن يفعلوا أي شيء لمنع استمرار العدوان وطلبت أن يرسلوني إلى مصر لأساهم في الدفاع عن بلد شقيق تعرض للعدوان، فنحن أخوة والقومية الكوردية هي شقيقة القومية العربية على مدار التاريخ».
شيركو حبيب، كاتب وصحفي كوردي عراقي من أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق، من عائلة وطنية كوردية مشهود لها بالنضال والتضحية في سبيل الحقوق القومية للشعب الكوردي. حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية والقانون العلوم السياسية)، ودبلوم علم النفس، ودبلوم أساسيات الصحافة البريطانية، وهو عضو نقابة صحفي إقليم كوردستان منذ تأسيسها عام ١٩٩٨م، ومسؤول العلاقات الخارجية بها بين عامي ٢٠٠٠ – ٢٠١١،. ومسؤول مكتب نقابة صحفي كوردستان في أوروبا بين عامي ٢٠٠٤-٢٠٠٠، وصاحب ورئيس تحرير جريدة “كوردستان اليوم” و مجلة ” ژینۆ” الصادرتين في لندن وأربيل باللغتين العربية والكوردية، كذلك هو مؤسس وعضو لجنة دعم الديموقراطية العراقية في بريطانيا، له أحد عشر كتابًا عن القضية الكوردية في الأرشيفات الوثائقية العالمية.
اترك تعليقاً