د/صباح حمدي لمجلة مصر: الحساب الذهني يحرر قدرات الطفل ويصنع عباقرة المستقبل
الإثنين 15-12-2025 16:43
حوار محمد أكسم
بلاشك أننا فى هذا الزمان لم يعد التعليم مقتصراً على حفظ للمعلومات أو اجتياز للاختبارات فحسب، بل أصبح رحلة حقيقية لاكتشاف قدرات العقل وصقل المهارات الكامنة داخله.
الحساب الذهني، فهو أحد أهم أدوات تنمية العقل في العصر الحديث، ويعتمد على تدريب الدماغ على إجراء العمليات الحسابية بسرعة ودقة باستخدام التخيل الذهني، غالبًا عبر المعداد “السوروبان” كمرحلة أولى.
ولا تقتصر أهميته على تحسين مهارات الرياضيات فحسب، بل تمتد لتشمل تنمية التركيز، وتقوية الذاكرة، وتعزيز سرعة التفكير، وبناء الثقة بالنفس، وتنظيم الأفكار، وهي مهارات أساسية تؤثر بشكل مباشر في الأداء الدراسي والسلوك اليومي للطفل.
ومن بين الأسماء التي استطاعت أن تترك بصمة لافتة في هذا المجال، تبرز د/ صباح حمدي كواحدة من أبرز المدربات في تعليم الحساب الذهني، ليس فقط بما تمتلكه من علم وخبرة، بل بما تحمله من رؤية إنسانية عميقة وشغف حقيقي بتغيير حياة الأطفال.
صباح حمدي ليست مجرد مدربة، بل ميسرة للعقول، تمتلك ذكاء لافتا وخبرة متراكمة وأسلوباً سلساً يجعل من التعلم متعة ومن التحدي فرصة للنجاح,حيث استطاعت بشخصيتها الهادئة وحضورها الدافئ أن تكسب حب الأطفال وثقة أولياء الأمور، وتؤمن بأن كل طفل قادر على النجاح متى وجد من يثق به ويمنحه الأدوات الصحيحة وأن تكون مصدر دعم حقيقي لكل من يلجأ إليها طالباً منها يد العون أو المشورة.
فهي إنسانة خيرة، طموحة، تؤمن بالنجاح والتميز، وتسعى دائمًا لأن تزرع الثقة قبل المعرفة، والإيمان بالذات قبل الأرقام, جاعلةً من العقل مساحة مفتوحة للإمكانات، ومن التعليم تجربة إنسانية ملهمة قبل أن تكون منهجاً تدريبياً
د/صباح حمدى أهلا بكم فى موقع مجلة مصر
القارئ يتساءل: من هي صباح حمدي بعيدًا عن الألقاب المهنية؟
أنا شخص فضولي جداً، مؤمن بأن التعليم يجب أن يكون تحويلياً وليس مجرد نقل معلومات. أحب التحدي المتمثل في تحويل “أنا لا أستطيع” إلى “لقد فعلتها!”. أعتبر نفسي ميسّرة للعقول.
كيف بدأت رحلتكِ مع الحساب الذهني؟ وهل جاء هذا المجال عن شغف أم بالصدفة؟
لاحظت أن الأجيال الجديدة لديها سرعة وصول للمعلومة لكنها تفتقر إلى سرعة المعالجة. أدركت أن السوربان هو الأداة المثالية لتدريب الدماغ على هذه المعالجة السريعة، فأصبح شغفي هو سد هذه الفجوة.
ما الذي جذبكِ في الحساب الذهني تحديدًا وجعلكِ تختارينه رسالةً مهنية وليس مجرد تخصص تدريبي؟
قدرته على توليد الكفاءة الذاتية. الطفل لا يتعلم فقط أن يحسب، بل يتعلم أنه يستطيع أن يفعل شيئاً كان يبدو مستحيلاً. هذا التحول من عقلية “أنا ضعيف في الرياضيات” إلى “أنا أملك أداة ذهنية قوية” هو رسالتي.
المفهوم والقياس

كيف تشرحين مفهوم الحساب الذهني ببساطة للأهالي الذين يسمعون عنه للمرة الأولى؟
ببساطة، هو تدريب عسكري للعقل. نأخذ المعداد كجهاز محاكاة، ثم نطلب من الدماغ أن يُشغّل هذا الجهاز داخلياً. النتيجة ليست الحساب، بل تطوير شبكات عصبية قادرة على التخيل والاستدعاء السريع للبيانات.
من واقع خبرتكِ، ما أبرز التغيرات التي يلاحظها الأهل على أطفالهم بعد تعلم الحساب الذهني؟
أبرز ما يلاحظونه هو التنظيم الفكري يصبح الطفل منظماً في غرفته، في حقيبته، وفي خطوات حل واجباته. بالإضافة إلى تحسن لافت في الذاكرة قصيرة المدى.
هل يقتصر تأثير الحساب الذهني على الرياضيات فقط، أم يمتد ليشمل الجوانب النفسية والسلوكية للطفل؟
هو يمتد ليصبح “برنامج لرفع مستوى الذكاء الأكاديمي والاجتماعي”. عندما يتدرب الطفل على السرعة والدقة، يصبح أكثر قدرة على اتخاذ قرارات سريعة وصحيحة تحت الضغط، وهذه مهارة حياتية لا تقدر بثمن.
التطبيق والتحديات
ما الفئة العمرية الأنسب لبدء تعلم الحساب الذهني؟ وهل يمكن للكبار الاستفادة منه أيضًا؟
الأفضل هو قبل سن دخول مرحلة المفاهيم المجردة (قبل 8-9 سنوات) حتى يستطيع بناء قاعدة بصرية صلبة. أما الكبار، فيمكنهم الاستفادة منه كأداة لتنشيط الذاكرة والحفاظ على حيوية الدماغ.
كيف تتعاملين مع الأطفال الذين يعانون من ضعف التركيز أو فقدان الثقة في قدراتهم؟
نتعامل معهم كـ “حالة هندسة عكسية”. نستخدم التحديات القصيرة جداً والمُنجزة، ونركز على المدح الموجه (“لقد كان تركيزك ممتازاً في أول دقيقتين”) بدلاً من المدح العام، ليعرف الطفل بالضبط ما الذي نجح فيه ويكرره.
برأيكِ، ما دور المدرب في تشكيل شخصية الطفل مقارنة بدور المنهج نفسه؟
المدرب هو المصمم المعماري للشخصية. المنهج هو مواد البناء، لكن المدرب هو من يحدد شكل العلاقة بين الطفل وبين التحدي. يجب أن يكون المدرب مصدر إلهام للمرونة.الرؤية المستقبلية

كيف ترين وعي المجتمع العربي بأهمية تنمية مهارات العقل والذكاء لدى الأطفال؟
أرى أن الوعي يتنامى بشكل ممتاز بفضل الآباء والأمهات الواعين، لكننا بحاجة إلى دمج هذه المهارات بشكل إلزامي في المدارس. يجب أن يتحول الأمر من مبادرة فردية إلى سياسة تعليمية عامة.
هل تعتقدين أن الحساب الذهني يمكن أن يغير مستقبل التعليم التقليدي؟ وكيف؟
نعم، يمكن أن يجعله أكثر كفاءة وأقل إجهاداً. عندما يتقن الطفل الحساب الذهني، تقل الحاجة للتمارين الروتينية الطويلة، مما يتيح للمعلمين التركيز على التفكير عالي المستوى، مثل حل المشكلات والابتكار.
ما الفارق بين الطفل الذي يتعلم الحساب الذهني والطفل الذي يعتمد فقط على التعليم المدرسي؟
الفارق هو “مخزون الطاقة الذهنية”. طفل الحساب الذهني لا يستهلك طاقة كبيرة في العمليات الأساسية، مما يترك له مخزوناً أكبر لاستخدامه في التحليل العميق والتفكير الإبداعي وحل المسائل الصعبة.
النصيحة الذهبية للآباء
كيف توازنين بين الجانب التعليمي والجانب النفسي والإنساني في تعاملكِ مع المتدربين؟
أستخدم قاعدة “30% تعليم، 70% تشجيع”. الإنجاز الحقيقي لا يأتي إلا في بيئة آمنة نفسياً. يجب أن يشعر الطفل بأنه مرئي ومسموع، وأن القيمة ليست في النتيجة، بل في الانضباط والمحاولة الجادة.
ما النصيحة التي توجهينها لكل أم وأب يبحثان عن تنمية حقيقية لقدرات أطفالهم؟
لا تبحثوا عن نتائج فورية. استثمروا في الصبر. الحساب الذهني يحتاج إلى وقت ليصبح جزءاً من الدماغ. كونوا شركاء رحلة مع طفلكم، لا مُصدرين للأوامر. أظهروا تقديركم لمجهوده اليومي البسيط، فهذا هو الوقود الحقيقي لعقله.
وفي الختام، ما الرسالة التي تحبين توجيهها للأطفال لتشجيعهم على الإيمان بعقولهم وقدراتهم؟
يا عباقرة المستقبل! دماغكم مرن مثل المطاط، وكل تمرين يجعله أقوى. لا تخافوا من الأخطاء، فالخطأ هو دليل أنكم تحاولون. إذا كان لديكم معداد، فأنتم تملكون آلة الزمن التي ستنقلكم إلى مستقبل أكثر ذكاءً!
فى النهاية نشكر د/صباح حمدى على هذا الحوار المفيد الذى شرحت فيه باستفاضة أهمية الحساب الذهنى وضرورة تعليمة للأطفال شكرا جزيلا


اترك تعليقاً