رئيس التحرير

رمضان حول العالم رمضان فى مصر حاجة تانية وفى العراق عادات وتقاليد السنين وامريكا المسجد  يمثل نقطة التقاء مع الآخرين والافطار الجماعى شبه يومى

السبت 25-03-2023 14:00

كتب  : عبد الله هيثم 

طيلة أكثر من ألف عام يظل الفانوس رمز خاص بشهر رمضان في مصر

“شهر رمضان في مصر يختلف عن أي دولة أخري”.. تلك هي الإجابة المتوقعة لأي زائر لمصر في هذا الشهر الكريم، فجميع طقوسه تُعد ميراثًا شرعيًا لكل الحضارات التي شهدها وادي النيل، ما جعل لهذا الشهر نكهة خاصة تختلف عن جميع البلاد الإسلامية.

فوانيس وزينة رمضان، مدفع الإفطار، موائد الرحمن، المسحراتي، كنافة وقطايف، وصوت النقشبندي يُطربنا ساعة الإفطار، والكثير من الطقوس التي ظهرت أولاً في مصر، قبل أن تنتشر في جميع أنحاء العالم العربي، بل والإسلامي أيضًا، وان كانت في مصر ذو مذاق خاص يختلف عن أي بقعة في العالم.

تبدأ نسائم شهر رمضان بمجرد أن ينتصف شهر شعبان، ويمكن لأي زائر أن يلاحظ احتفالات المصريين واستعداداتهم لاستقبال هذا الشهر، فيقوم الصغار والكبار بتزيين الشوارع والمحال والمنازل، تعبيراً عن استعدادهم لرمضان، ويبدأ الباعة الموسميين في بناء مواقع تجارتهم، فتمتلئ الشوارع بباعة الحلوى الشرقية، مثل الكنافة والقطايف، والمخللات المختلفة الملونة التي لا تكتمل موائد الإفطار سوى بها، إلى جانب انتشار محال وأكشاك بيع المشروبات الرمضانية الشهيرة، مثل قمر الدين، التمر الهندي، العرقسوس، السوبيا، وغيرها من المشروبات التي يحبها المصريين.

في كل شارع، في كل حارة، في كل حي، في كل قرية، أغنياء وفقراء، عادة مصرية تحولت الي تراث شعبي، أعتاد عليها كل طبقات وطوائف الشعب المصري، ما ان يهل شهر رمضان حتي يسارع الجميع صغار وكبار لتجهيز زينة شوارعهم، تلك الزينات التي بدأت في بدايات حكم الدولة الفاطمية، حيث كانت تُستخدم في الاحتفالات الدينية الذي كان يُطلق عليها “ليالي الوقود”، وهي الليالي الإسلامية الدينية الأربعة، أول ونصف أشهر رجب وشعبان، فكانت تضاء المساجد بالقناديل والفوانيس وتتزايد الأطعمة والحلوى والبخور بكثرة.

“راعي شئون الشارع”.. اسم كان يطلق علي مسئول شوارع القاهرة في العهد الفاطمي، وهو ما يوازي اليوم وزير التنمية المحلية، قبل بدء شهر رمضان بأيام معدودات، كان يأمر كل أصحاب المحلات بتنظيف الشارع كل ليلة بعد صلاة المغرب، وبوضع القناديل والفوانيس أمام محلاتهم للإضاءة، بالإضافة إلي تزيين الشوارع، ويعود السبب وراء ذلك أن أهالي المحروسة اعتادوا الخروج من منازلهم بعد الإفطار للاستمتاع بالمنشدين داخل الخيم الرمضانية التي كانت تعدها المقاهي.

فانوس رمضان

ما أن تهل علينا نسائم الشهر الكريم، حتي تخلع شوارع تلك المدينة الصاخبة عباءتها النمطية، لترتدي ثوبًا جديدًا زينته تلك المصابيح الملونة، أُطلقنا عليها منذ قديم الأزل اسم الفانوس، فبمجرد أن ينتصف شهر شعبان يخرج صانعوها من بياتهم الشتوي، ثم ينطلقوا إلي ورشهم ليبدأوا في صناعة فوانيس رمضان، تلك الفوانيس التي استقبل بها المصريين المعز لدين الله الفاطمي في رمضان، وكان ذلك يوم الخامس من رمضان عام 358 هجرية.

وطيلة أكثر من ألف عام يظل الفانوس رمز خاص بشهر رمضان في مصر، فقد انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل، وحتي اليوم يقوم الأطفال والصغار بحمل فوانيسهم طيلة شهر رمضان، والخروج إلى الشوارع مرددين بعض من أغاني الفولكلور الرمضاني، كأغنية “حلو يا حلو”، أو أغنية “وحوي يا وحوي”، ويحرص الصغار والكبار قبل بدء رمضان ببضعة أيام علي اقتنائه لتعليقه في الشوارع وأمام المنازل.

المسحراتي

“اصحي يا نايم اصحي وحد الدايم.. وقول نويت بكره ان حييت.. الشهر صايم والفجر قايم.. اصحي يا نايم وحد الرزاق.. رمضان كريم”.. من منا لا يذكر تلك الكلمات، والتي أبدع في كتابتها الشاعر الكبير فؤاد حداد، وقام بتلحينها وغناءها الفنان الكبير سيد مكاوي، تلك الكلمات التي كانت عنوان لشهر رمضان الكريم، أضحت تراثًا إسلاميًا يرتبط بشهر الصيام.

وكلمة المسحراتي مشتقة من كلمة سحور، والمسحر هي وظيفة أو مهمة يقوم بها شخص لتنبيه المسلمين ببدء موعد السحور، وبدء الاستعداد للصيام، تبدأ تلك المهمة بانطلاق المسحر قبل صلاة الفجر بوقت كافي، يحمل في يده طبلة وعصا، ينقر عليها صائحًا بصوت مرتفع “اصحي يا نايم اصحي وحد الدايم”،

بدأت تلك الوظيفة مع بدء التاريخ الإسلامي، وكان بلال بن رباح، أول مؤذن في الإسلام، اعتاد أن يخرج قبل صلاة الفجر بصحبة ابن أم كلثوم، ويقومان بمهمة إيقاظ الناس، فكان الأول يطوف بالشوارع والطرقات مؤذنا طوال شهر رمضان، فيتناول الناس السحور، في حين ينادي الثاني، فيمتنع الناس عن تناول الطعام.

قصة المسحراتي في مصر بدأت منذ ما يقرب من 12 قرن مضي، وتحديدًا عام 853 ميلادية، انتقلت مهمة المسحر إلي مصر، وكان والي مصر العباسي، إسحاق بن عقبة، أول من طاف شوارع القاهرة، ليلًا في رمضان لإيقاظ أهلها لتناول طعام السحور، فقد كان يذهب سائرًا على قدميه من مدينة العسكر في الفسطاط، إلى جامع عمرو بن العاص، وينادي الناس بالسحور.

ومنذ ما يقرب من ألف عام، وتحديدًا في عصر الدولة الفاطمية، أمر الحاكم بأمر الله، الناس أن يناموا مبكرا بعد صلاة التراويح، وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا المسلمين للسحور، حتي تم تعيين رجلا للقيام بتلك المهة، أطلقوا عليم اسم “المسحراتى”، كان يدق الأبواب بعصًا يحملها قائلاً: “يا أهل الله قوموا تسحروا”.

كان “ابن نقطة”، المسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد بن قلاوون، وعلي يديه تطورت مهنة المسحراتي، فتم استخدام الطبلة، والتي كان يُدق عليها دقات منتظمة، وذلك بدلا من استخدام العصا، هذه الطبلة كانت تسمى “بازة”، صغيرة الحجم يدق عليها المسحراتى دقات منتظمة، ثم تطورت مظاهر المهنة، فأصبح المسحراتي يشدو بأشعار شعبية، وقصص من الملاحم، وزجل خاص بهذه المناسبة.

رمضان فى الولايات المتحدة الامريكية

المسجد  يمثل نقطة التقاء مع الآخرين والافطار الجماعى شبه يومى

مع دخول شهر رمضان ، يشعر المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية، من مختلف بقاع الارض بقضية الإيمان الخاصة. وعلى الرغم من البعد مسافات طويلة بين الشرق والغرب، وبين التوطين والعالم العربي والإسلامي ومع العادات والتقاليد في الغرب ، لكن المسلمين دائما هنا يحافظون  على العادات الشرقية ويضعونها  في قلوب أطفالهم، ويحافظون على دينهم  ولا ننسى ذلك.

مظاهر شهر رمضان في الولايات المتحدة مختلفة تماما عن العالم العربي والإسلامي، في حين أن أي استعدادات تجري هنا كما يحدث هناك. الخيام الرمضانية تكاد تكون غير موجودة في جميع الدول. ساعات العمل لا تتغير في أماكن العمل والمدارس لا تغلق أبوابها، وساعات الدراسة في المدارس والكليات لا يكون أقل والمطاعم لا تغلق أبوابها لتفتح قبل ساعة من موعد الإفطار، وليس هناك تغيير في البرامج التلفزيونية الفضائية في الولايات المتحدة. حتى في الأسواق الأمريكية الإستعداد لا يكاد يكون طفيفا، فإنه لا يذكر ولكن دائما الشعور الداخلي من شهر رمضان هو المهيمن على قلوب المسلمين مثل قضية الروحانية التي يشعر بها الفرد. التي تسيطر عليها. حتى في الأسواق الأمريكية الإستعداد لا يكاد يكون طفيفا، فإنه لا يذكر ولكن دائما الشعور الداخلي من شهر رمضان هو المهيمن على قلوب المسلمين كما لو الحالة الروحانية التي يشعر بها الفرد. التي تسيطر عليها على النفس للحصول على استعداد لدخول شهر الصوم دخول شهر الصوم

“. وقالت أمل صبحي المهاجر السوري التي جاءت من سوريا، “رمضان هنا يختلف تماما عن سوريا، والفرق واضح وكبير، ولكن هذا لا يمنع الصيام. الصيام يمكن أن يكون بسرعة في أي مكان في العالم. أمتع هنا هو وجود المساجد التي تسمح لنا لممارسة الشعائر الدينية بحرية وتلبية بعضها البعض

قد يفاجأ بعض الناس، أن أهم ما يميز رمضان في الولايات المتحدة الأمريكية هو جمع الأسرة حول مائدة الطعام إلى وجود الإفطار والسحور ثم مشاهدة المسلسلات الرمضانية معا. هذا الشعور مفقود من معظم الأسر هنا خلال هذا العام، نتيجة المخاوف المستمرة في عملهم في أوقات مختلفة للعمل لديهم. هناك أولئك الذين يعملون في الصباح، وهناك الذين يعملون في المساء. قد يكون هذا الاختلاف الحصول على جمع الأسرة بالكاد

كما إن طبيعة عملي دائما تجعلني في حالة الغياب عن المنزل، وأحيانا لا أستطيع تلبية طلب أولادي وأصدقائي لتناول الغداء أو العشاء معهم، ولكن بسبب شهر رمضان، لدينا فرصة رائعة للقاء معا حول مائدة  الإفطار. الجدول لتناول العشاء ثم اتبع البرامج التلفزيونية والحديث معا،

وتقول منى زنتوت موظف في مستشفى الرحمة “. وعادة ما يهتم المسلمين بممارسة الشعائر والطقوس الدينية في المسجد كل يوم خلال شهر رمضان. في وقت المغاربية يصلي المصلون بالمسجد، ويوميا يؤتون  لصلاة التراويح، وفى هذا الشهر الكريم  الرحمة تتزايد  بين الناس، وتتوطد اواصرا المحبة والصداقة  بين  الاسر  ويجعلون شهر  رمضان مأدبة، والمصلين وأسرهم وأطفالهم يأتون الى المسجد  لتناول وجبة الفطور. و يكون المسجد كنقطة التقاء للناس ل والصلاة، لذلك الأسر وأطفالهم تأتي لإفطار الصائم في المساجد. والمسجد  يمثل نقطة التقاء مع الآخرين، وطقوس وممارسة.

رحمة محمد، باكستانية ، تقول: “أنا وزوجي نهتم  لجلب أطفالنا إلى المسجد كل رمضان و يكون الإفطار مع أصدقائنا ونصلي المغرب ونداوم على ذلك منذ أربعة عشر عاما. حتى نتمكن من تعليم تعاليمنا الدينية وعادات شهر رمضان “.

السيدة نورين مهدي، وهي امرأة باكستانية تقول: “المسجد هو البيت الثاني لنا أنا لم أكن أتصور رمضان بدون أن يكون هناك. حيث أننا نهتم للمجيء الى هنا للصلاة وتناول الطعام والاختلاط مع أصدقائنا كل يوم. هذه هي الطريقة الوحيدة لأطفالنا للمحافظة على  الإيمان والممارسة.لان  الواقع هنا يختلف عن  بلادنا. وإذا لم نفعل ذلك، تثقيف أطفالنا سيكون من الصعب أكثر “.

بينما السيد سعد هو المسؤل عن قسم الرجال في المسجد ويقول: “زيادة جيدة في شهر رمضان حيث أن العديد من الأسر التي تعيش هنا حريصة على التضامن فيما بينها. كل عائلتين يجلب الأطعمة إلى المسجد من أجل أن يأكل الزوار والمصلين “.

ومن المعروف أيضا أن دخول شهر رمضان وطقوسه لم يعد من المستغرب أن المجتمع الأمريكي. خصوصا، بعض من تفاعل وسائل الإعلام الأمريكية مع دخول الشهر، نلاحظ الصحف الأمريكية الصادرة تقوم بالكتابة حول هذا الموضوع كل عام وحول طقوس المسلمين في هذا الشهر.و بث بعض المحطات التلفزيونية في الأخبار حول هذا الموضوع. كما  تبث بعض المحطات التلفزيونية جزء من داخل مسجد أثناء صلاة التراويح.

السيدة هيلين راميريز ونادلة تعمل في مطعم شيز كيك المصنع الشهير في أوكلاهوما سيتي، تقول:

“نحن نعلم هذه الأيام وخاصة المسلمين أيام رمضان ربما ليس لدينا استعداد لذلك، ولكن نحن نعرف لديهم الطعام عند غروب الشمس وذلك في الأب جاء يوم لنا عدد من المسلمين في وقت غروب الشمس، وسمحنا لهم بالجلوس أمام الآخرين، وأعطينا لهم طلباتهم في أسرع وقت ممكن، لأننا نعرف أنهم صائمون  “.

وأخيرا، فإن شهر رمضان هو شهر الكرم والصوم. ففى هذا الشهر نكون  قريبين  من الله والعبادات والواجبات الدينية في كل مكان في  العالم.  وشهر رمضان له نغمة خاصة وشعور خاص بين الناس فتمارس فيه العبادات .

….رمضان العراق …عادات وتقاليد السنين في رمضانيات العراقيين 

سوق الشورجة لاتزال المركز التجاري الأكبر في العاصمة العراقية بغداد.

أهالى لاهوار يستثمرون اوقات شهر لحل خلافاتهم التي تسببها الخصومات العشائرية بسبب الحيوانات والزراعة

الماجينة لازالت تمارس من قبل مجاميع الاطفال في ليالي شهر رمضان المبارك.

العائلة الموصلية تقوم بتوفير كميات كبيرة من خبز الرقاق (أقاق) بما يكفي ايام الشهر

ما ان ترمق عيون العراقيين هلال شهر رمضان المبارك فتبدأ طقوس العبادة وعادات الشهر وتقاليده في كل البيوت من شمال العراق وحتى جنوبه رغم مسحة الالم التي لاتزال تغطي اجزاءاً واسعة من نفوس ابناء الوطن.

يبدأ سباق التهيؤ لاستقبال شهر الرحمة والبركات عند العراقيين منذ وقت مبكر حيث تشهد الاسواق حركة كبيرة وزحاماً على غير المعتاد للتسوق وتأمين احتياجات العائلة من الاطعمة والتوابل والحاجيات الرئيسية للمائدة العراقية ، اما الخضروات والفواكه والحلويات فمن الممكن شراؤها يومياً قبل الافطار بساعات.

وتشكو شوارع العاصمة بغداد وبقية المدن من حركة العراقيين صباحاً الا من الموظفين الذي يسارعون في العودة الى بيوتهم عند الظهيرة مع ارتفاع درجات الحرارة ، وقبل سماع مدفع الافطار بوقت قليل يزدحم الاهالي عند ابواب المخابز وبائعي الخضار والحلويات لاكمال ماينقص المائدة.

وتجتهد المرأة العراقية في تجهيز مختلف الاطعمة والسلطات والمشروبات التي تتراوح بين عصير التمر هندي والبرتقال والقمر الدين بينما يفضل اخرون العصائر الجاهزة ، اما اللبن والتمر فهما من ابرز مكونات المائدة العراقية.

سوق الشورجة .. سوق المائدة الرمضانية

على خارطة بغداد الواسعة يأتي سوق الشورجة في مقدمة الاسواق التي تزدحم بالعراقيين الباحثين عن احتياجات المطبخ وكل مستلزمات العائلة وفي شهر رمضان يرتدي السوق حلة جديدة تختلف عن بقية ايام السنة.

يبدأ سوق الشورجة من جوار المدرسة المرجانية المعروفة بجامع مرجان على الجانب الأيسر لشارع الرشيد قبالة سوق البزازين وشارع السموأل ثم تأخذ السوق امتدادا عرضيا نحو شارعي الخلفاء والجمهورية وتطل نهايتها على شارع الكفاح وشارع غازي الذي اصبح في السنوات الأخيرة شورجة جديدة تجمع بين تجارة السجائر والبورصة.

ومن معالم منطقة الشورجة القديمة التي بقيت أسماؤها متداولة رغم تهدم بعضها، قهوة الحنطة وخان دجاج وحمام الشورجة وسوق الصغير وسوق البقالخانة وسوق التمارة وسوق الفاكهة وعلاوي الشورجة وسوق الغزل وجامع سوق الغزل وتحت التكية وسوق العطارين وأسماء اخرى كثيرة لتفرعات الشورجة.

ويبدأ العراقيون طقوس شهر رمضان المبارك بالتسوق في واحدة من أقدم وكبرى أسواق بغداد التي يمتد تاريخها للعصر العباسي وتحتل قلب بغداد التجاري، ففي هذه السوق تجد العائلة العراقية كل ما تريد من توابل ومكسرات وفواكه مجففة وأغذية وعطور وشموع وقرطاسية وصابون ولوازم البيت فضلا عن المواد الغذائية والألبسة الجاهزة والأجهزة المنزلية والبلاستيكية والكهربائية وغيرها.

وعلى الرغم من التدهور الأمني والحرائق الخطيرة الواسعة التي استهدفتها ، فإن سوق الشورجة لاتزال المركز التجاري الأكبر في العاصمة العراقية بغداد.

واعتادت العائلة العراقية استقبال شهر رمضان من خلال دكاكين السوق التي تضم أكثر من 19 سوقا تجارية متعددة ومتخصصة، منها سوق الصابون وسوق التوابل وسوق القرطاسية وسوق البورسلين وسوق الشموع وسوق الفواكه المجففة والمكسرات وسوق الصابون المصنوع يدويا من الزيتون والغار.

واختلف المؤرخون والباحثون في أصل تسمية الشورجة وتعددت آراؤهم، فبينما يؤكد الباحث البغدادي الراحل الشيخ جلال الحنفي أن كلمة الشورجة منحدرة من كلمة (شوركاه) أي محل الشورة أو (الماء المالح) إذ كانت محلة الشورجة قديما بئرا أو بركة ماء فحرّفت إلى الشورجة.

بينما يقول الباحث العراقي سالم الألوسي إن أصل كلمة الشورجة جاء من (الشبرج) وهو دهن السمسم إذ كانت في السوق معاصر خاصة للسمسم، والاسم ينسب إلى الشبرجة أو الشرجة التي حُرفت إلى الشورجة.

الماجينة .. من بقايا التراث العراقي

على مدار سنوات طويلة يبدأ اطفال الحارات والازقة الشعبية بالاتفاق على الخروج سوية بعد الافطار مباشرة لممارسة تقليد تراثي اعتاد عليه الاهالي في اغلب مناطق العراق.

حيث يقوم الطفل الاكبر عمراً بقيادة مجموعة من الاصدقاء تسمى(الجوقة)

وفي ايديهم علب صفيح واعواد خشبية ويقومون بطرق ابواب البيوت ويؤدون بشكل جماعي اغنية تراثية شهيرة مطلعها(ماجينة يا ماجينة حلي الجيس وانطينة .. تنطينه لو ننطيكم لبيت مكة نوديكم، ربي العالي يخليكم تنطونه كلما جينة) كما يقومون بالدعاء بحفظ صاحب البيت ويقصدون (الاب) بقولهم (الله يخلي راعي البيت امين، بجاه الله واسماعيل امين)، وهي دعوة بلون البراءة لاهالي البيوت بإكرامهم اما بمبلغ من المال او بعض الحلوى ومن ثم تنتقل الجوقة من بيت الى اخر.

ويتقاسم افراد الجوقة كل مايحصلون عليه بالتساوي واحياناً يقوم رئيس الجوقة بأخذ الحصة الاكبر.

اما عن اصل كلمة(ماجينة) فقد اختلفت الروايات في تحديدها ولكن ابرز الروايات تقول ان اصل كلمة (الماجينة) مشتقة من كلمة (باجي) التي اعتاد البعض من العراقيين على استخدامها للدلالة على الاحترام عندما ينادون بها الاخت الكبرى أو زوجة الاخ ولسهولة النطق واللفظ تحولت هذه الكلمة الى (ماجينا).

اما الرواية الاخرى فتقول ان كلمة (ماجينة) هي اسم يعود لامرأة يهودية ثرية كانت تتصدق على الفقراء في بغداد ، لذلك كان الاطفال يقصدون بيتها في ليالي رمضان المبارك عندما كانت اطياف المجتمع البغدادي تعيش معاً وتختلط البيوت بحيث لاتعرف ان هذا البيت للمسلمين ام للنصارى ام لليهود.

ورغم انحسار الكثير من العادات والتقاليد في العراق الا ان الماجينة لازالت تمارس من قبل مجاميع الاطفال في ليالي شهر رمضان المبارك.

الصوم في الاهوار العراقية (فينيسا الشرق)

أهوار العراق هي عبارة عن مسطحات مائية تقع في جنوب العراق عند ملتقى نهري دجلة والفرات حيث تغطي مساحة قدرها 20000 كم مربع وتنقسم الى ثلاثة مناطق رئيسية هي الأهوار التي تقع بين نهري دجلة والفرات وهور الحمار الذي يقع الى الجنوب من نهر الفرات بالأضافة الى هور الحويزة الذي يقع شرق نهر دجلة.

وفي الألفية الرابعة قبل الميلاد ظهرت في مناطق الأهوار أولى مجتمعات القراءة والكتابة في جنوب بلاد ما بين النهرين حيث يشار اليها على أنها مهد الحضارة ووضعت أولى المدن وبيروقراطية الدولة خلال فترة أوروك.

ويعيش في الأهوار 40 نوعاً من الطيور والعديد من أنواع الأسماك حيث تعد الاهوار موطناً لملايين الطيور وممراً لمختلف انواع الطيور المهاجرة بما فيها طيور البجع وطيور مالك الحزين خلال سفرها من سيبيريا إلى أفريقيا.

وتتميز الاهوار بوجود المضيف الذي يبنى من القصب بشكل قوس منحني ويرمز الى الحضارة والكرم وفيه يمارس الاهالي طقوسهم الخاصة بالشهر الكريم ويعد من الأماكن التي تحمل خصوصية لدى أبناء العشائر ، فالمضيف في أهوار البصرة وميسان وذي قار (محافظات تقع جنوب العراق) يعتبر من الأماكن المقدسة لدى أبناء تلك المنطقة حيث القهوة العربية وحديث الذكريات.

ويبدأ اليوم الرمضاني في اهوار العراق مع تسلل أول شعاع من الشمس وصوت الطيور وهدير الماء بين نباتات القصب والبردي وجمال القوارب وهي تشق طريقها في النهر ويستمر جمال اليوم الرمضاني حتى ساعات متأخرة من الليل الذي يفوح منه راحة القهوة العربية في مضيف زعيم القبيلة.

وتحل بركات هذا الشهر الفضيل على اهالي الاهوار الذين دائماً مايستثمرون اوقاته لحل خلافاتهم التي تسببها الخصومات العشائرية بسبب الحيوانات والزراعة والتي تصل احياناً الى التهديد بالقتل او تنفيذه فيما لو فشلت الاطراف في الوصول الى حل وغالباً مايكون زعيم القبيلة هو الطرف الذي يبادر الى الصلح والتقريب بين الاطراف المتخاصمة من خلال اقامة مأدبة افطار رمضانية.

والمضيف الذي يمتد تاريخه إلى الحضارة السومرية قبل خمسة آلاف سنة وحتى يومنا هذا لايقتصر فقط على حل النزاعات العشائرية، بل يتحول في شهر رمضان إلى جامع يتم فيه أداء الصلاة من قبل أفراد العشيرة الذين يأتون بواسطة زوارقهم الصغيرة وبعد اداء الصلاة يجتمعون على مائدة واحدة ، وبعد الافطار يحتسي افراد العشيرة القهوة التي تُعد داخل المضيف حيث يمتلئ برائحتها الزكية وتنفرد بعض المضايف بإقامة محاضرة الدينية او الانصات لحكايات كبار السن والقصص الفلكلورية والتراثية او ممارسة لعبة(المحيبس) التي تستمر لساعات.

الأكلات الرمضانية في الاهوار

تعد أهوار جنوب العراق من أقدم المناطق الطبيعية في العالم ولها دور بيئي كبير في إيواء الطيور المستوطنة والمهاجرة بأنواعها ويعد الطير والسمك أهم الوجبات الرئيسية في مائدة شهر رمضان عند أبناء الأهوار وذلك لأن الصيد مهنتهم الرئيسية.

ويتكون سحور اهالي الاهوار من الحليب والقيمر والزبد الذي يكثر في الأهوار بسبب تربية حيوان الجاموس بكثرة في هذه المناطق ، أما الإفطار فيتكون من الطيور أو السمك الذي يصطاده رجال العشيرة في رحلات عملهم اليومية في المياه ، وتتميز مائدة الافطار الرمضانية بوجود الخبز الذي تصنعه النساء في فرن(تنور) مصنوع من الطين ليعطي لقطعة الخبز مذاق مختلف جداً.

 شهر رمضان في الموصل .. مذاق ايام زمان

لم يعد لشهر رمضان ذاك المذاق الذي يميز هذه المدينة الجميلة بعد ان احتلت من قبل عصابات داعش وفرضوا عليها واقعاً حياتياً معتماً يتفق واهواء وعقلية هذه الزمرة المتخلفة ولكن لاتزال ذاكرة اهالي الموصل تحفظ الكثير من جمال تلك الايام التي يتذكروها رغم مرارة العيش تحت سطوة الارهاب والاجرام.

وتتميز هذه المدينة بطقوس جميلة وعادات رائعة اعتاد الموصليون على ممارستها كونها باتت من الموروث الموصلي العريق.

ويبدأ استقبال شهر رمضان من شهر رجب ، فقد أعتاد الكثير من أهل الموصل صيام يومي الاثنين والخميس من شهري رجب وشعبان ، فمنهم من يصوم تطوعاً ومنهم من يريد ايفاء مافاته من ايام الصوم في السنة الماضية.

وتتهيأ العائلة الموصلية لاستقبال شهر رمضان بتوفير المواد الغذائية الخاصة والتي تشمل الرز والدهن الحر والتمـر والسكر والشاي والقهوة ونومي البصرة والزبيب والتوابل والعطور وغيرها إضافة الى حاجة ربة البيت من البرغل والرشتة والحبية (الكشكا) والعدس والحمص والطحين وغيرها.

وقبل رؤية هلال شهر رمضان تبدأ العائلة الموصلية بتوفير كميات كبيرة من خبز الرقاق (أقاق) بما يكفي ايام الشهر ، إذ يصعب على ربة البيت توفير كميات من الخبز وهي صائمة ووضعه في (الدن) وهو وعاء كبير من الطين غير المفخور شكله نصف كروي بقطر وارتفاع حوالي متر ونصف .

وتقوم العائلة ذات الامكانية المادية الجيدة من عمل البقلاوة والشكرلمة والحجي بادة وكبس الطرشي والمخللات بنوعيها (الناعمة والطزوز) والفليفلا الناعمة والخشنة والباذنجان الناعم والطماطة الخضراء وحشي ذلك بالكزبرة والثوم ولفهم بالكرافس وكبس اللهانة والقرنبيط والزيتون الأسود والأخضر وثوم العجم والخيار وكبس الخل وكل ذلك حسب الموسم وحفظ هذه المكبوسات في السرداب.

مائــدة الأفطــار الموصلية

اشتهرت مدينة الموصل العراقية بأكلات باتت سمة تميز هذه المدينة وفي شهر رمضان تجتهد المرأة الموصلية بإعداد اطعمة متنوعة تزين المائدة وتاتي في مقدمتها شوربة العدس التي تكون هي بداية الافطار لكل العراقيين وليس الموصليين فحسب ، اما اكلات الموصل الشهيرة فهي الرز المعروف بجودته وهو رز عقرة وكبة الموصل او الدولمة التي تحتوي على

الباذنجان والفلفل والطماطة والبصل وتكون جميعها محشوة بالرز واوراق العنب الذي يتسم بطعمه الحامض.

اضافة الى اكلة اليبرغ التي تقدم في ايام الشتاء الباردة وتتكون من ملفوف السلق والبصل.

ومن أكلات شهر رمضان في الموصل ايضاً الكباب والمعلاق المشوي وعروق التنور والسمك المقلي وكبب وسـماق وحامض شلغم وكبب التمن (كبب غز) والشيخ محشي والتشريب وعروق الطاوة والقيسي وأنواع المرق والمقبلات مثل الزلاطة والمحلبية التي يرش فوقها الهيل.

ولاتخلو المائدة الرمضانية الموصلية من الطرشي والمخللات المكبوسة في البيت وعصير الزبيب الخالص والشنينة الباردة التي تكون من مزج الماء مع اللبن الرائب فتصبح شراباً جيداً والماء البارد.

لعبة المحيبس .. وليالي بغداد لطويلة

لعبة المحيبس هي اللعبة الرمضانية التي تحظى بشعبية واسعة في طرفي بغداد ويمارسها الشباب والاطفال في المقاهي والمحلات والازقة البغدادية  وتجمع كافة الاعمار والاطياف فالغني يجلس بجانب الفقير وكذلك العامل والطالب والحرفي في اجواء من المحبة والمودة والالفة.

وفكرة اللعبة هي وجود منافسة بين فريقين يجلسان متقابلين وجهاً لوجه وهناك حكم يقود المنافسة وقف قواعد خاصة يرعفها ويحترمها الجميع للحفاظ على جمالية وهيبة اللعبة.

ويختلف عدد لاعبي كل فريق حسب شروط البطولة التي تشرف عليها لجنة خاصة فقد يتجاوز عناصر الفريق الواحد 100 لاعب واحياناً يصل الى 200 لاعب ويقوم كابتن الفريق باخفاء المحبس عند احد اللاعبين بينما يقوم كابتن الفريق الخصم بالبحث عن المحبس وارجاعه لفريقه.

وساهمت هذه اللعبة الفلكلورية في توطيد العلاقات بين مناطق بغداد واهاليها اضافة الى الروح الرياضية التي يتحلى بها الفريق الخاسر الذي يقنع بخسارته ويتقبلها ويستعد للمباراة القادمة متناسياً كل ماجرى.

وهناك لاعبون محترفون وكبار قادوا فرق لها تاريخها الطويل ومنافساتها التي باتت تذكر في كل جلسات البغداديين كونها حفرت في الذاكرة الرمضانية بمواقف ولحظات عصيبة لايمكن لاحد ان يستوعبها الا اللاعب الذي يعيش تلك الدقائق بحلوها عندما يُرجع المحبس او يحافظ عليه وبمرها عندما يفقد المحبس او يصعب رجوعه.

ولعبة المحيبس هي لعبة الفراسة والذكاء وقراءة وجوه الخصوم وكل صغيرة وكبيرة لدى حامل المحبس الذي يتحمل مسؤولية كبيرة فيما لو فقد المحبس وسبب مشكلة كبيرة لرئيس فريقه ، وكما ان هناك شروط خاصة يجب ان تتوفر في رئيس الفريق من خبرة ودراية وصلابة وفطنة فان لاعبي فريقه يجب ان يتميزوا بالشجاعة والصبر وتحمل مسؤولية الحفاظ على المحبس لان رئيس الفريق ربما يعاني كثيرا من ارجاع المحبس من فريق يتكون من 100 لاعب او اكثر ، وفي وقت يحتاج منه ملاحقة الايدي والوجوه فقد يعود المحبس الى الخصم من جديد فيما لو اخفق احد لاعبيه من الحفاظ على المحبس من خلال علامات الخوف التي يجيد كابتن الفريق المقابل قراءتها بامتياز واحترافية.

ولاتزال الذاكرة الرمضانية تستذكر العديد من مشاهير اللعبة الذين قادوا فرقهم في مباريات ماراثونية استمرت حتى ساعات الصباح الاولى او اكثر ولعل جاسم الاسود هو ايقونة لعبة المحيبس حيث قاد فريق الكاظمية لسنوات طويلة وخطف الانتصارات من فرق كبيرة وخرج من اصعب المواقف فائزاً.

كما لمعت اسماء اخرى سبقت الاسود بسنوات مثل المرحوم رشيد الأجلك الذين قاد فريق الكرخ ورشيد مالك الذي مثل فريق الكاظمية ثم جاء عزيز دوش وفي الكرادة كان هناك سالم النقاش وفي باب الشيخ برز اسم عليوي أبو الثلج ثم شاكر طليعة، وفي فريق الفضل كان هناك لطيف ابو شوارب.

وتتخلل ساعات لعبة المحيبس اصوات فرقة المربع البغدادي التي تتميز بالاصوات الجميلة مع الكلمات الشعبية التي تتغنى بالجار والصديق والوطن وحب الناس.

وتحلو ليالي لعبة المحيبس بوجود نوع من الحلويات العراقية التي تسمى(الزلابية) حيث يقوم اعضاء الفريق الفائز والخاسر بأكل قطع الزلابية بعد انتهاء المباراة.

التعليقات مغلقة.