الزمن الجميل … الفنان محمد جابر ( نور الشريف ) شحاتة أبو كف السينما المصرية وقصة صدمته بعد معرفة اسمه الحقيقى وانضمامه لناشئين الزمالك
الثلاثاء 13-06-2023 23:06
هوليود الشرق مصر والسينما المصرية فيها برع عدد من النجوم فى السينما المصرية، في العديد من الأعمال الفنية واستطاعوا حفر اسمائهم في تاريخ السينما، ورغم وفاتهم إلاأن أدوارهم مازالت محفورة في أذهان جمهورهم إلى الآن ومنهم الفنان محمد جابر محمد عبد الله المعروف باسم نور الشريف(1) (28 أبريل 1946 – 11 أغسطس 2015)، هو ممثل، ومنتج، ومخرج مصري يُعتبر واحدًا من أبرز المُمثلين في تاريخ السينما المصرية الحديثة، وأهم من جسد الشخصيَّة المصريَّة بِكُل أشكالها الاجتماعيَّة على شاشة السينما. قدَّم خلال مشواره الفني الطويل العديد من الأعمال الهامة في تاريخ السينما، والتلفزيون، والمسرح، وحصل على العديد من الجوائز حتَّى لقِّب بـ«صائد الجوائز». كما لهُ سبعة أفلام في قائمة أفضل مئة فيلم مصري حسب استفتاء شارك فيه العديد من النُقاد المصريين سنة 1996.
وُلد في حي السيِّدة زينب بِمدينة القاهرة، وتُوفي والده بعد مولده بأقل من سنة واحدة، وتزوجت والدته وسافرت مع زوجها إلى السعودية، وتولَّى أعْمامِه تَرْبِيته هو وشَقِيقتُه الوحيدة «عواطف». التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه سنة 1967 بتقدير امتياز، وكان ترتيبه الأوَّل على دفعته. تزوج من الفنانة بوسي سنة 1972، وانفصلا سنة 2006، ثم عادا مرة أخرى سنة 2015 أثناء مرضه، ولهُ ابنتان هما سارة، ومي. تُوفي نور الشريف في يوم الثلاثاء الموافق 11 أغسطس 2015، بعد صراع طويل مع مرض سرطان الرئة، عن عُمر يناهز 69 سنة.
نشأته
وُلد نور الشريف بمنطقة حي الخليفة، التابعة لحي السيِّدة زينب، أحد الأحياء الشعبية القديمة لمدينة القاهرة، في يوم 28 أبريل (نيسان) 1946، المُوافق 26 جُمادى الأولى 1365هـ. أسماه والده «محمد» في الأوراق الرسميَّة، وأطلق عليه جده لوالده اسم «نور» كاسم دلع، وكان هذا شائعًا في الأحياء الشعبيَّة، أن يكون للطفل اسمان، أحدهما للدلع، والآخر للأوراق الرسميَّة. تُوفِّي والده في سنٍّ صغيرٍ السادسة والعشرين، بعد أقل من سنة واحد من ولادته، وبعد الوفاة، غادرت والدته منزل والده، وذهبت إلى منزل أهلها برغبتها، وتركت نور وشقيقته والوحيدة «عواطف»، وبعد عدة سنوات، تزوَّجت وسافرت مع زوجها الجديد إلى السعوديَّة.
طفولته
عاش نور وشقيقته في منزل العائلة بحارة الصايغ، مع عمَّا «إسماعيل» و«أمين» وعمته وأولادهم، الذين تولُّوا رعايتهم بعد وفاة الأب وغياب الأم. كان نور يعتقد أن عمَّه إسماعيل هو والده، وأن نور هو اسمه الحقيقي، حتَّى سن السادسة بأوَّل يوم له في المدرسة الابتدائيَّة، وفي الفصل، عرف من المعلِّم وهو ينادي على أسمه التلاميذ، أن اسمه الحقيقي هو محمد، وأن عمه إسماعيل ليس والده، فشعر بصدمة كبيرة زلزلة كيانه، وجلس في ذهول وحيرة حتَّى انتهى اليوم الدراسي، وعاد إلى المنزل وانكبَّ على عمتَّه بعددٍ كبيرٍ من الأسئلة عن حقيقته، فأخذته بين أحضانها وأخبرته بالحقيقة. وقام بتغيير اسمه فيما بعد، للاسم الذي اختارته لهُ شقيقته هو «نور الشريف»، بسبب حبها للفنان عمر الشريف. معرفة نور للحقيقة جعلته يشعر بالغربة والوحدة، وأنَّه ليس من حقِّه أن يطلب شيء، بل ينتظر الهبات التي تمنح له في صمت، ولذلك لم يعد يحب الأعياد والمناسبات، ويفضِّل أن يقضيها في البيت، وبرغم من محاولة عمَّه وعمَّته أن يخرجوه من تلك الحالة النفسيَّة، ولكنَّها كانت متغلغلة في أعماقه، وإدراكه بأنَّ حنان الأم والأب لا يعوَّض. أمضى نور طُفولته المليئة بالحُزن في الحارة، وتحديدًا في لعب كرة القدم، فوجد فيها السكينة من آلام اليُتم والحرمان، وكان متميزًا جدًا بها، فكوَّن مع أصدقائه فريقًا باسم «الأسد المرعب». وكان طموحه في هذا الوقت، هو الانضمام إلى أحد الأندية الكبيرة في كرة القدم، وعند وصوله للمرحلة الإعدادية، انضم لناشئين نادي الزمالك كلاعب وسط. وفي نفس هذه الفترة، تعرض نور لأوَّل قصَّة حب له في حياته، مع فتاة سمراء معه في نفس المنطقة، وبسبب شجار حدث بينه وبين شخص آخر بسببها، ربطه عمَّه إسماعيل في ورشة النجارة الخاصَّة به لساعات، وكما أورد نور في مذكِّراته، أن هذا الموقف سبب له عقدة نفسيَّة من البنات. وبعد أن انتهى من الثانوية التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وأصبح منَّ الصعب أن يجمع بين الكرة والفن، وشعرَ بأنَّ الكرة ليست طريقه، وأنَّها كانت مرحلة عابرة في حياته تعلَّق بحكم الفراغ، والهروب من شعوره باليتم. وتخرج من المعهد سنة 1967 بتقدير امتياز، وكان الأوَّل على دفعته.
حياته الشخصية
التقى نور الشريف بِزوجته بوسي لأوَّل مرَّة في بُروفات مسلسل «القاهرة والناس»، فَتقدم لخطبتها، ولكن لم يقبل والدها لأنَّهُ لم يكن غنيًا، ورفضت زوجته بوسي هذا القرار، وهددت بِأنَّها ستنتحر وصممت على الزواج من نور الشريف، حتَّى أجبرتهم على المُوافقة. وتزوجا سنة 1972، واستمرَّ زواجهما لمدة 34 سنة، وأنجبا ابنتان هما : سارة، ومي. ولكن انفصلا في سنة 2006، وبقيت العلاقة وطيدةً بينهما كأصدقاء، بسب خلاف لم يعلنا عنهُ نهائيًا، وظلَّ الفُراق بينهما لمدة 8 سنوات. ثم عادا مرَّة أُخرى سنة 2015، تزامنًا مع خطوبة ابنتهما سارة، واصابته بمرض سرطان الرئة لتقف بجانبه، ولازمته في رحلته العلاجية.
تجربته للتمثيل
مسرح عربات الكارو
بدأ نور الشريف تجربة التمثيل في سنِّ صغير، عندما انضمَّ إلى فرقة التمثيل التي أنشأها خاله «شعيب»، الذي كان يقدَّم مسرحيَّات قصيرة، من إخراجه وتأليفه لأطفال الحارة على «عربات الكارو»، التي اتَّخذوا منها مسرحًا في الليل، بالوقت الذي يتركها أصحابها، وكان جُمهورهم من أطفال الحارة والأهالي، الذين يُطلون عليهم من النوافذ. ومن تلك النقطة، جاء اهتمامه بالتمثيل، فكان يدَّخر مصروفه لدخول السينما، وكان يذهب إليها ثلاث مرَّاتٍ على الأقل في الأسبوع، فانتقل بين سينما «وهبي» بالحلمية، و«إيزيس» بالسيِّدة زينب. وبدأ يُقلِّد تشارلي تشابلن في حركاته ومشيته التقليديَّة، والممثِّل الكوميدي عبد المنعم إبراهيم في أحد مشاهده بفيلم الوسادة الخالية. وكان مثله الأعلى في هذا الوقت المُمثِّلين الأجانب أمثال: غاري كوبر في أفلام رعاة البقر، وفيكتور ماتير في الأفلام التاريخيَّة، وأيضًا كيرك دوغلاس، وبرت لانكستر. ومع الوقت بدأ اهتمامه بالكرة يقل، ويزداد حبُّه للفن.
مسرح المدرسة الإعدادية
أوَّل تجربة جادَّة لنور في التمثيل، كانت انضمامه لفرقة التمثيل بمدرسة «بنبا قادن الإعدادية»، عندما شارك معهم في تقديم عروض الأنشطة المسرحيَّة المدرسيَّة. وكان المشرف على العروض المخرج حمدي فريد مدرِّس التربية البدنيَّة، والذي كان ملتحقًا بالمعهد العالي للفنون المسرحيَّة وقتها، وهو من أوائل المخرجين الذين قدَّموا زوجت نور الشريف بوسي وهي طفلة. وقدَّم معهم مسرحيَّة باسم «مصرع كلبير»، وأدَّى دور «برونان» مستشار كليبر الخاص، وبرغم من خوفه وتوتره لوقوفه على خشبة المسرح لأوَّل مرَّة، فقد أدَّى دوره بإجادة وإتقان، وكانت المسرحيَّة مقرَّرة على المسرح المدرسي وقتها، وهي عن حادث مقتل أحد قادة الحملة الفرنسية على مصر، وكان المشرف على النشاط المسرحي في منطقة السيِّدة زينب الممثِّل عدلي كاسب، وكان حاضرًا للعرض. وفي إحدى بروفات المسرحيَّة، ذهبَ نور إلى حمدي ليساله عن شروط الالتحاق بالمعهد، ورد حمدي بسخرية واستخفاف، لصعوبة هذه التجربة وما تحتاجه من أموال ووقت، ولكن هذا الحوار دفع نور أكثر إلى حب التمثيل.
بعد حصول نور على الشهادة الإعداديَّة، ذهبَ هو وصديقه «محمود الجهري» إلى مكتب مدير الإنتاج السينمائي تاكفور أنطونيان، وكان في ذلك الوقت واحدًا من أهم المنتجين السينمائيين، واستطاعوا مقابلته، وعرضوا عليه أن يقدمهم في أحد الأدوار، وقال لهم تاكفور كما أورد نور في مذكِّراته: «طيب مروا عليَّا كل فترة كده أشوفكم يمكن يكون لكم شغل يناسبكم». وبعد تلك المحاولة الفاشلة بفترة قصيرة، قرأ نور في إحدى الصحف أعلانًا للمنتج رمسيس نجيب، يطلب وجوهًا جديدة لفيلم «و إسلاماه»، فذهبَ نور وصديقه وقابل نجيب، وكالعادة لم تنجح هذه المُحاولة أيضًا. ولكن هذه المحاولات الفاشلة دفعت نور أكثر للتعلُّق بالسينما. وبدأ نور وصديقه يتوجهان إلى دار الكتب، والمكتبات العامَّة، والشعبيَّة، لاستعارة أكبر عدد ممكن من الكتب المتعلِّقة بالسينما والمسرح، توجُّهًا منهم لدراسة علوم السينما والمسرح بشكل علمي وأكاديمي، وإذا أعجب بقصَّة أو نصًا مسرحيًا، يكتب لها ملخصًا في كرَّاسة، وظل يتبع هذا الأسلوب طوال مسيرته الفنيَّة.
مسرح التلفزيون
انتقل نور مع أعمامه إلى منزل جديد في حي السيِّدة زينب، وأصرَّ على الالتحاق بالمدرسة «الإبراهيميَّة الثانويَّة»، وكانت مدرسة لأبناء الأثرياء في حي جاردن سيتي، وكان يسير كلَّ يوم ذهابًا وإيابًا من حي السيِّدة إلي حي جاردن سيتي، حتَّي ذابت احذيته. وفي السنة الأولى، حصل على المركز الأوَّل في مسابقة لفك وتركيب الأسلحة، على مستوي المدارس الثانويَّة، واستلم الجائزة من كمال الدين حسين، وزير التربية والتعليم في ذلك الوقت. لم يستطع نور دخول فريق التمثيل بالمدرسة، بسبب هيمنة الطلبة الأثرياء عليه، حتَّي جاء إلى المدرسة ذات يوم «أحمد طنطاوي»، الذي أصبح مخرجًا فيها بعد، ووجد نور أنَّها فرصة للاشتراك معهم في أحد الأدوار، لكن عرض طنطاوي عليه دور عسكري يقول جملتين فقط، فرفض الدور. واستمرَّت فترة المدرسة الثانويَّة ولم يقتنع به زملائه بفريق التمثيل، ولم يشارك معهم في أي مسرحيَّة. وذات يوم، سمع نور من أحد أصدقائه، أنَّهم يريدون بعض الشباب من فريق التمثيل بالمدرسة، ليظهروا مع المجاميع في مسرحيَّة «الشوارع الخلفية» للمُؤلِّف عبد الرحمن الشرقاوي، فذهبَ إلى إدارة مسرح التلفزيون، واختاره سعد أردش مخرج المسرحيَّة من بين زملائه، ليقول جملتين هما: «يا عبد الرافع.. إن كان ده مكان الاجتماع فده بيتك يا أخي.. شوف لك طريقة في العيال دول»، وبرغم من دوره الصغير، شعر بسعادة غامرة لوقوفه على خشبة المسرح وسط ممثِّلين كبار أمثال: حمدي غيث، ونعيمة وصفي، ومحسنة توفيق، ورشوان توفيق، وأنور رستم، وتعلَّم منهم كيف يؤدُّون، وكيف يوثرون على المتفرِّج، ولماذا يتفاعل المتفرِّجون مع ممثِّل معيِّن أكثر من غيره. ثم التحق بفرقة للهواء باسم «فرقة الطليقة»، أنشأها عبد العزيز مكيوي وفوزي فهمي، وقدم معهم مسرحيَّة باسم «الأم الشجاعة وأولادها» للكاتب الألماني برتولت بريشت، وزادت خبَّرته أكثر من هذه التجربة.
بعد أن أنهى الثانويَّة العامة عام 1962 بمجموع 76%، رشَّحه مكتب التنسيق لدخول كلِّيَّة التجارة، ولكنَّه أراد الالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحيَّة، ورفض أعمامه هذه الفكرة، وكذب عليهم لتهدئتهم، وقال أنَّه سيدخل قسم الديكور وليس التمثيل، ليصبح مهندس ديكور. وبدأ يستعد لامتحان القبول بالمعهد، فأخذ يدرِّبه عبد العزيز مكيوي على أحد مشاهد مسرحيَّة «اللحظات الحرجة»، للكاتب يوسف إدريس، ومحيي إسماعيل على مشهد آخر من مسرحيَّة «هاملت»، وقبل في المعهد، وكان من أكثر الطلَّاب التزامًا وحضورًا.
حياته قبل الاحتراف
في المعهد
في أوَّل أيَّام نور بالمهعد، عرف أعمامه عن طريق أحد الأقارب، أنَّه التحق بقسم التمثيل وليس الديكور، فمنعوا عنه المصروف حتَّى ينتقل إلى قسم الديكور، ولكنَّه أصرَّ على رغبته، وساعده صديقه محمود الجوهري، بأن يعطيه ربع راتبه كلَّ شهر. وبعد شهرين من بداية السنة الأوَّل بالمعهد، توجَّه نور وزملائه إلى مبنى الإذاعة والتلفزيون، لأداء اختبار الممثِّلين الجدد الذين سيظهرون على شاشة التلفزيون، وكانت اللجنة مكوَّنة من مخرجين كبار مثل: وحافظ أمين، ونور الدمرداش رئيس اللجنة، وجاء دوره وأدَّى مشهدًا من مسرحيَّة هاملت، وهو المشهد الذي دخل به إلى المعهد، وأثناء الاختبار أوقفه نور الدمرداش وقال له كما أورد نور في مذكِّراته: «يا ابني أنت متأكد إنك طالب في المعهد؟»، فأجاب نور بصوت واهن: «أيوه»، فردَّ عليه منهيًا الحديث والاختبار: «طيب متشكرين»، وشعر نور بصدمة كبيرة جدًا، وتوالت الصدمات عندما نحج جميع زملائه سواء، وجاء بعد ذلك حافظ أمين له، وعرض عليه أن يعيد الاختبار، ولكنَّه رفض وقال له: «لا، لن أمتحن ولن أدخل مبنى التلفزيون إلا كنجم». بعد هذا الموقف، شعر نور بالإهانة واليأس، واتَّجه إلى التركيز في المعهد، وشجَّعه على ذلك نبيل الألفي، أستاذه بالمعهد، والأب الروحي بالنسبة له، كما أورد نور في مذكِّراته. واضطرَّ إلى العمل ككومبارس في المسرحيَّات، بمقابل خمسون قرشًا عن البروفة، وجنيهًا عن العارض، لكي يخفِّف العبء على صديقه الجوهري، ولأنَّها الفرصة الوحيد أمامه الآن، وكانت مسرحية «الزلزال» للمفكِّر الدكتور مصطفى محمود، أوَّل مسرحيَّة يظهر بها ككومبرس، وأخرجها جلال الشرقاوي. وقبل نهاية السنة الدراسيَّة الأولى، اختار نور دور «أجاممنون»، من مسرحيَّة «إيفيجينيا في أوليس» ليؤدِّيه في اختبار نهاية السنة، وكانت أوَّل مرَّة يؤدِّي طالب هذا الدور، لصعوبته، وظهرت النتيجة وكان الأوَّل على دفعته، وكرَّر نفس الشيء في الثلاث سنوات المتبقِّية.
وفي الإجازة الصيفيَّة للسنة الثانية، رشَّحه أستاذه نبيل الألفي لدور البطولة، في مسرحيَّة «روميو وجوليت»، للمخرج كمال عيد، الذي اختار سناء ماهر لدور «جوليت»، ووقَّع نور عقدًا بمائة وخمسون جنيهًا، أخذ منهم خمسون جنيهًا كعربون، وأخبرته شقيقته أن اسمه ليس اسمًا فنِّيًا، فقترحت عليه اسم «نور الشريف»، لحبِّها بالممثِّل عمر الشريف، فأعجبه الاسم وأصبح اسمه طوال حياته. وبدأت بروفات المسرحيَّة بمسرح «الجيب»، واستمرَّت لثلاثة أشهر، واشترك معهم في المسرحيَّة عبد الرحيم الزرقاني، ونعيمة وصفي، وعزيزة حلمي، وكانت أوَّل مرَّة تجري معه لقاءت صحفيَّة. وذهبَ إلى مبنى التلفزيون ليعرض مشهدًا من المسرحيَّة أمام الكاميرات، وفي المبنى رأى «بوسي» لأوَّل مرَّة، وكانت تؤدِّي دورًا رئيسيًا في الحلقات المسلسلة «بندق ولوز»، وكانت تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا، وأعجب نور بها، وبسبب الميزانة توقَّفت البروفات فترة، ثم ألغيت المسرحيَّة نهايًا، فكانت صدمة كبيرة لنور وسناء بطلة المسرحيَّة، فعاد إلى التركيز في المعهد، واستمرَّ في العمل ككومبرس. ثم رشَّحه أستاذه نبيل الألفي، لدور في مسرحيَّة «شمشون ودليلة»، واستدعته المخرجة إنعام محمد علي، واسندت إليه دورًا صغيرًا في أحد مسلسلاتها، بعد أن رأته في أحد المسرحيَّات، وشارك في مسلسل «الامتحان» للمخرج محمد فاضل، وقال من أربعة إلى اثني عشر جملة، ثم أسند إليه نور الدمرداش، دورًا بسيطًا في مسلسل «لا تطفئ الشمس» عام 1965.
وفي السنة الرابعة والأخيرة، قدَّم نور في أحد مشاهد تخرُّجه، مشهدًا بالحركة البطيئة، واعترض عليه استاذه جلال الشرقاوي، ثم استخدمه بعد ذلك في مسرحيَّة مدرسة المشاغبين، وبحسب ما أورده نور في مذكِّراته، فهو أوَّل من استخدم هذه الحركة في المسرح، وقدَّمها في مسرحيَّة «المهندس وإمبراطور آشور». وأسند إليه سعد أردش، الإشراف على المسرح العسكري مع ثلاثة من زملائه، بمبلغ أحد عشر جنيهًا كلَّ شهر، إيمانًا منه بهم رغم أنَّه لم يدرس لهم. وتخرَّج نور من المعهد بتقدير «امتياز»، سنة 1967 بتزامن مع حرب 1967 «النكسة»، ثم عيَّن معيدًا بالمعهد.
مسيرته الفنيَّة
البداية الفنيَّة
تزامن ظهور نور الشريف مع تراجع الاهتمام بالمسرح والسينما في مصر، بعد حرب 1967 «النكسة»، واهتمام الدولة بإزالة آثار الاحتلال، والتركيز على الأعمال الكوميديَّة والوطنيَّة، لتقليل حالة اليأس والغضب المنتشر في الشارع المصري. بعد تخرَّج نور بفترة قصيرة، دعاه المخرج محمد فاضل إلى مبنى التلفزيون، فكان يبحث عن ممثِّلين لمسلسله الجديد، وبعد عدَّة لقائات بينهم، أبلغه أنَّه اختاره لدور «عادل عوض» في مسلسل «القاهرة والناس»، وأعطاه سيناريو الحلقات الخمس الأولى، وأعجب نور بالحلقات لأنَّها تناقش آمال ومشكلات وحالة المجتمع بعد النكسة، من خلال أسرة متوسطة الحال، ولأنَّها فرصة تتيح له التمثيل مع عدد كبير من الممثِّلين الكبار، وبدأ التصوير. وبعد عرض الحلقات الأولى في أكتوبر 1967، تلقَّى نور نقدًا بنَّاءً من المشاهدين ومن «مصطفى كامل» كاتب السيناريو، عن أدائه في الحلقات، وهذا دفع نور إلى التركيز أكثر في الحلقات القادمة، وأدرك أن التمثيل السينمائي يختلف عن التمثيل المسرحي الذي تعلَّمه، وأن الأسلوب السينمائي يتطلَّب قدرًا في البساطة، ويكون طبيعيًا خاليًا من التكليف، ومع الوقت بدأ يلفت انتباء المشاهدين، ويصبح معروفًا وتشير إليه الناس في الشوارع.
الجوائز
حصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير منها «جائزة أحسن ممثل» عن دوره في فيلم ليله ساخنة.
فاز نور الشريف بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي أقامته جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية في دورته الثانية في سبتمبر 1977.
وفاز بجائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم بتوقيت القاهرة بمهرجان وهران للفيلم العربي.
وحصل علي جائزة التمثيل الذهبية من مهرجان نيودلهي عن فيلم سواق الأتوبيس.
وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار النقاد له فيلم سواق الأتوبيس أفضل ثامن فيلم في السينما المصرية
وقد تم اختيار 7 أفلام للفنان نور الشريف في قائمة أفضل مئة فيلم في ذاكرة السينما المصرية حسب استفتاء النقاد عام 1996 وهي: زوجتي والكلب 1971، أبناء الصمت 1974، الكرنك 1975، أهل القمة 1981، حدوتة مصرية 1982، العار 1982، سواق الأتوبيس 1982.
وفاته
توفي في يوم الثلاثاء في 11 أغسطس 2015 في القاهرة بعد صراع طويل مع سرطان الرئة عن عمر يناهز 69 سنة. وتم تشييع جثمانه يوم الأربعاء 12 أغسطس 2015 من مسجد الشرطة بالسادس من أكتوبر.