الشاعر / اسامه شريف يكتب: ديواني الأول التجارب القديمة
الثلاثاء 26-08-2025 14:09

كل شاعر يحمل في داخله لحظة فارقة يظل يتذكرها طوال حياته؛ لحظة ميلاد أول ديوان يحمل اسمه ويخرج إلى النور. بالنسبة لي، كانت تلك اللحظة مع صدور ديواني الأول التجارب القديمة. لم يكن مجرد ديوان يضم قصائد متفرقة، بل كان بداية رسمية لرحلتي مع الكلمة، وبوابة العبور من الكتابة الخاصة إلى فضاء القراء.( وذلك بعد نضوجي الفكري والعاطفي والشعري بالقطع وبعد تجارب شعريه كثيره من لقاءات وندوات ومعارض…الخ) لذا فقد اخترت أن أبدأ مشواري مع نشر أشعاري على هيئة دواوين مطبوعه بتجميع تجاربي القديمة وصياغتها في قصائد تعكس خلاصة تجاربي كانسان متيم بالشعر. وبذلك كانت البدايات ، وربما لم اقم بتدوين كافة تجاربي ، لكن ما اخترته كانت صادقا، عفويا، ومعبرا عن ذاتي بصدق لم أستطع أن أزيفه. كان همي الأول أن أضع مشاعري كما هي، نقية وحقيقية، على الورق، مستخدما لغة العامية المصرية التي أجدها الأقرب إلى الناس والأكثر قدرة على التعبير عن تفاصيل الحياة اليومية. في التجارب القديمة حاولت أن أرسم مشاعري وأفكاري بلغة الشعر، فكانت القصائد خليطا بين الرومانسي والوطني والوجداني. بعضها كتب في صورة زجلية، وبعضها جاء محاكاة للموال الشعبي بروحه القريبة من الناس. كنت أسعى أن أعيد صياغة تجاربي وأن أختبر أدواتي، وأن أذكر نفسي مع كل قصيدة أكتبها كيف أصنع صوتي الخاص. ولهذا جاء عنوان الديوان معبرا تماما عن مضمونه، فهو بالفعل حصيلة (التجارب القديمة) التي شكلتني، ووضعت أول ملامح شخصيتي الشعرية. ومن بين قصائد الديوان التي أعتز بها كثيرا: (اشتقتلك/ لما غيبتي/ أغلى من عمري/ مدد/العمر في قربك لحظة/ موال/ أتعلمي/ التجارب القديمة/ناس للبيع/استباحك/كل سنة وانتي/ اتجاهاتك غريبة/ يا ضفيرتي/اشمعنى انت. وغيرها من القصائد التي كتبتها بوعي الانسان الحساس و بصدق القلب الذي يريد أن يقول كلمته مهما كانت بسيطة صادقه حقيقيه).( وتلك صياغتي الشعرية). إن صدور هذا الديوان لم يكن بالنسبة لي حدثا عابرا، بل كان نقطة تحول كبرى. شعرت يومها أنني أضع قلبي وروحي بين دفتي كتاب، وأقدم نفسي إلى القارئ لأول مرة. كانت رهبة وفرحة في آن واحد؛ رهبة لأنني أشارك الآخرين ما كتبت في لحظات شخصية جدا، وفرحة لأنني أخطو أولى خطواتي المطبوعه على طريق طويل حلمت به طويلا. واليوم، حين أنظر إلى التجارب القديمة بعد مرور الوقت، أراه شاهدا على حقبة هامة من حياتي، وضعتني على بداية الطريق. قد أكون قطعت شوطا بعده، وقد يكون أسلوبي قد تطور ونضجت لغتي أكثر بحكم ازدياد الخبرة والاحتكاك بجهابذة ( سواء عن طريق قراءة اعمال من رحلوا أو الاشرف بلقاء من هم بيننا ينيرون لنا سماء الشعر وكذلك بعد ازدياد تجاربي العاطفيه والانسانيه، لكن سيبقى هذا الديوان بالنسبة لي البداية التي لا تنسى، والبذرة التي خرج منها كل ما جاء بعدها. إنه ليس مجرد صفحات شعرية، بل هو سجل صادق لبعض تجاربي القديمه، وذاكرة حية لمشاعري حين كنت أبحث عن صوتي وسط زحام الحياة. التجارب القديمة سيظل بالنسبة لي أكثر من مجرد ديوان أول؛ سيظل شهادة ميلاد، وذكرى لا تمحى، ودليلا على أن كل بداية، مهما بدت متأخره، تحمل في داخلها وعدا بمستقبل يليق بحلم صاحبها
اترك تعليقاً