رئيس التحرير

الإعلامية دينا ياسين تكتب : مازالنا أطفالًا ولم نكبر بعد

الإثنين 13-10-2025 15:28

بقلم الإعلامية دينا ياسين
تمر السنوات سريعًا، وتتغير أعمارنا على الورق، وتزداد أرقام شهادات ميلادنا عامًا بعد عام. تكبر أجسادنا، وتتبدل ملامحنا، ونرتدي أثوابًا مختلفة تناسب مراحل حياتنا. لكن الحقيقة الأعمق التي نتجاهلها أحيانًا أن أرواحنا لم تكبر بعد. ما زلنا نحمل بداخلنا ذاك الطفل الصغير الذي يخاف ويضعف، يضحك بلا سبب، ويبكي أحيانًا لأبسط الأسباب وأهون المواقف .

كذبة المظاهر
كاذبة هي أجسادنا التي توحي بالقوة بينما بداخلنا هشاشة طفل يحتاج الحضن.
كاذبة تواريخ ميلادنا التي تجعلنا نبدو كبارًا بينما أرواحنا لم تبلغ سن الرشد العاطفي بعد.
كاذبة ملامحنا التي تخفي وجوه الصغار في أعماقنا.
كاذبة أثواب أحلامنا التي قد تبدو ناضجة، لكنها في الأصل امتداد لأحلام بريئة رسمناها ونحن أطفال.

المظاهر تخدع، أما الداخل فهو الحقيقة التي لا يراها أحد سوانا.

هشاشتنا الداخلية

مهما ادعينا القوة، نظل بحاجة إلى:
كتف نستند عليه عند التعب.
يد تُمسك بأيدينا عندما نتعثر.
قلب يطمئننا أننا لسنا وحدنا في هذا العالم.

نحن نتقن لعب أدوار النضج أمام الآخرين، لكن حين نختلي بأنفسنا، يظهر ذلك الطفل الذي يفتش عن الأمان والاحتواء.

البحث عن الماضي

بداخلنا حنين لا ينتهي لطفولة مضت:
نبحث عن ألعابنا التي فقدناها.
نشتاق لضَحكاتنا العفوية التي لم تثقلها هموم.
نلهث وراء ذكريات بيت الطفولة الذي كان يحمي براءتنا ويحتضن صوت ضحكاتنا .

نرفض زماننا هذا الذي لعب بنا، لأننا فقدنا فيه البساطة، واستبدلناها بتعقيدات الحياة ومسؤولياتها.

لماذا لم نكبر؟
لأن النفس الإنسانية معقدة: تكبر بالجسد لكن تظل محتاجة للعاطفة والحنان.
لأن الجرح يوقظ الطفل فينا دائمًا، فالدمعة التي تنزل اليوم هي نفس دمعة الأمس.
لأن الأمان شعور فطري لا يغادرنا مهما تقدمت بنا السنين .

النضج ليس في العمر ، بل في الوعي والتجارب. أما أعماقنا، فستظل تحمل ذلك الطفل الحالم البريء حتى آخر لحظة في حياتنا. وكلما حاولنا إنكار ذلك، زادت غربتنا عن أنفسنا ورفضنا للواقع .

ختاماً

نحن لم نكبر بعد، ولن نكبر يومًا بالمعنى الكامل. أجسادنا تكبر ، تواريخنا تتقدم، لكن قلوبنا تظل تشتاق للأمان، وتبحث عن كتف دافئ، وعن زمن كنا فيه نضحك بصدق ونبكي بلا خوف. نحن أطفال مهما غير الزمن ملامحنا، ومهما أثقلتنا الحياة بمسؤولياتها وضغوطها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *