رئيس التحرير

السفير الحبيب النوبي “علاقات السعودية وأمريكا أعمق من أن تتوقف عند صفقة واحدة “

الإثنين 17-11-2025 16:33

الحبيب النوبي«صفقة مقاتلات إف-35 الشبح حُسمت لصالح المملكة»

قال السفير الدكتور الحبيب النوبي , المستشار في الديوان الملكي السعودي, وأستاذ الشؤون الدولية والسياسات العامة بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة كوبنهاجن في الدنمارك ,والرئيس التنفيذي للنادي الدولي لسفراء السلام في نيويورك والمستشار الأسبق بمكتب الرئيس الأمريكي باراك أوباما « بعد سبع سنوات على آخر زيارة له إلى الولايات المتحدة، يصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، في زيارة رسمية يلتقي خلالها بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومن المتوقع أن يتصدر ملف انضمام المملكة العربية السعودية إلى «اتفاقيات أبراهام» جدول المحادثات الثنائية، وهو الموضوع الذي كشف ترامب بنفسه أنه سيُطرح بقوة، بعدما كانت الخطوات الأولى نحو التطبيع قد تجمّدت عقب الحرب الإسرائيلية المدمّرة في قطاع غزة.

ومن المنتظر أن يشكّل موضوع انضمام السعودية إلى اتفاقيات أبراهام المحور الأبرز في زيارة ولي العهد إلى واشنطن، التي تستمر ثلاثة أيام اعتبارًا من السابع عشر من نوفمبر الجاري، حيث يعقد خلالها لقاء مهمًا مع الرئيس ترامب. وقد صرّح الأخير بأن الاتفاقيات ستكون جزءًا أساسيًا من النقاشات، مؤكدًا أمله في أن تنضم السعودية إليها قريبًا.

غير أنّ السفير الحبيب النوبي يشير إلى أن التطبيع السعودي–الإسرائيلي في هذه المرحلة غير مرجّح، إذ يضع الأمير محمد بن سلمان أولوية واضحة تتمثل في الحصول على ضمانات أمنية أمريكية أكثر صرامة، خصوصًا بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت قطر، الحليف المقرب من واشنطن، في سبتمبر الماضي، والتي هزّت منظومة الأمن الخليجي بالكامل. وقد أعقبت تلك الضربات خطوات أمريكية غير مسبوقة، أبرزها توقيع ترامب أمرًا تنفيذيًا يتعهد فيه بالدفاع عن قطر ضد أي هجوم، وهي صفقة اراها في رأيي أن دول الخليج الأخرى تسعى للحصول على ضمانات مشابهة لها.

بالنسبة للرياض، يبدو أن الزيارة تحمل أهدافًا رئيسية ثلاثة : تعزيز التعاون الأمني، وتوثيق الشراكة الدفاعية، وتسهيل آليات العمل المشترك. وبرغم العلاقات الوثيقة التي نشأت بين ولي العهد وترامب، خاصة بعد الاستقبال الاستثنائي الذي حظي به الرئيس الأمريكي خلال زيارته للسعودية في مايو الماضي، والتي شهدت تعهدات باستثمارات بلغت 600 مليار دولار، فإن هناك اختلافًا في وجهات النظر بين الطرفين. فبينما يواصل ترامب حثّ السعودية على الانضمام لاتفاقيات أبراهام، تبدي الرياض تحفظًا على اتخاذ هذه الخطوة في ظل الحرب بين إسرائيل وحماس، مؤكدة أن إقامة دولة فلسطينية تبقى شرطًا أساسيًا لأي تطبيع.

وقد قال ولي العهد مرارًا: «الدولة الفلسطينية شرط أساسي للتكامل الإقليمي، وقد كررنا ذلك مرارًا، لكن يبدو أن هذا الموقف لم يُفهم بالكامل». وفي الوقت ذاته، تسعى السعودية إلى الحصول على مقاتلات الجيل الخامس من طراز إف-35، والتي تُعد إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمتلكها في الشرق الأوسط. وقد أعلن ترامب أنه يدرس الطلب السعودي، ليفتح الباب أمام تساؤلات حول ما قد تفضي إليه الزيارة.

ولتحليل المشهد ، أشار عالم الاجتماع السياسي المعروف والدبلوماسي البارز السفير الدكتور الحبيب النوبي إلى أن ما يجري ليس «ضغوطًا» بل «مفاوضات» شاملة بين واشنطن والرياض حول مختلف الملفات، بما فيها ملف التطبيع. وأكد أن المفاوضات تصطدم حتى الآن بموقف سعودي ثابت يربط التطبيع بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو موقف قال إن الرئيس الأمريكي بات يدرك حساسيته وتداعياته نظرًا للدور المحوري الذي تمثله المملكة عربيًا وإسلاميًا.

وأضاف الحبيب النوبي أن إسرائيل اعتادت ممارسة الضغط كلما قام مسؤول سعودي بزيارة واشنطن، محاولة التأثير على مجريات النقاش عبر تذكير الولايات المتحدة بـ«مصالحها المشتركة» مع تل أبيب. إلا أن الحبيب النوبي شدد على أن ترامب أظهر تفهمًا للدور السعودي، وأن اختياره الرياض كوجهة أولى في ولايته الثانية يؤكد إدراكه لأهمية المملكة الاستراتيجية، وأنه لم يقف عند الضغوط الإسرائيلية، وهو ما يعكس تطورًا مهمًا في طبيعة المفاوضات السعودية–الأمريكية.

وفيما يتعلق بإمكانية تخلي الرياض عن شرط إقامة دولة فلسطينية مقابل الحصول على الطائرات الأمريكية المتقدمة، أكد السفير الحبيب النوبي أن السعودية تعتبر الدولة الفلسطينية «مطلبًا قوميًا ووطنيًا» لم تتنازل عنه منذ بدء الأزمة الفلسطينية حتى اليوم. وأضاف أن الرياض باتت تتفاوض مع واشنطن من موقع أقوى، نتيجة تعدّد خياراتها الدفاعية وتقارب قدرات منافسين تقنيين للولايات المتحدة، وهو ما يمنح المملكة مساحة أوسع لخوض المفاوضات دون تقديم تنازلات سياسية.

وأشار الحبيب النوبي إلى أن الصفقات الدفاعية المحتملة بين السعودية وواشنطن لن ترتبط بمسألة التطبيع، بل ستحكمها مصالح مشتركة، مؤكدًا أن الرأي العام السعودي يتمسك بحل الدولتين، وأنه يدعم أي تقارب سعودي–إسرائيلي إذا ما استند إلى مصلحة وطنية واضحة ولم يتعارض مع الثوابت.

وبخصوص خيارات الرياض إذا رفضت واشنطن تلبية طلبها بشأن طائرات إف-35، أوضح الدكتور الحبيب النوبي أن المملكة ليست رهينة لهذه الصفقة، رغم أهميتها. ورجّح أن يكون الاتفاق بشأنها قد أنجز بالفعل على مستوى المفاوضين، وأن ولي العهد يزور واشنطن لوضع اللمسات الأخيرة. وأضاف: «علاقات السعودية وأمريكا أعمق من أن تتوقف عند صفقة واحدة، والسعودية تملك خيارات متعددة، وقد قال ترامب سابقًا: في اللحظة التي نفرض فيها عقوبات على السعودية ستتوجه فورًا إلى الصين أو روسيا، وهذا قرار سيادي واضح تدركه واشنطن جيدًا».

وبشأن الجدل داخل الكونغرس حول منح السعودية ضمانات أمنية أو بيعها مقاتلات إف-35، أوضح الحبيب النوبي أن هناك توجّهًا جمهوريًا للحفاظ على التحالفات مع دول الخليج وتعزيز العلاقات معها، خاصة في ظل التنافس الأمريكي–الصيني. وأشار إلى أن ترامب استجاب في السابق لكثير من مطالب السعودية والدول العربية، ومن المتوقع أن يتعامل إيجابيًا مع الطلب السعودي بشأن المقاتلات المتقدمة، معتبراً أن واشنطن باتت ترى في التقارب مع الرياض ضرورة استراتيجية لا تقل أهمية عن التحالفات التقليدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *