رئيس التحرير

مجمع ناصر الطبي… قلعةُ الطبّ والصمود في قلب خانيونس

الأربعاء 17-12-2025 15:38

✍️ بقلم:سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية  د. أحلام محمد أبو السعود

🏥 أولًا: الموقع والأهمية الاستراتيجية

يقع مجمع ناصر الطبي في قلب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، ليشكّل الركيزة الصحية الأكبر في المحافظات الجنوبية، وخط الدفاع الأول عن أرواح مئات الآلاف من المواطنين. ولا يُعدّ هذا المجمع مجرد مؤسسة طبية، بل شريان حياةٍ نابض، وذاكرة وطن، وعنوان صمودٍ في وجه الحصار والعدوان المتواصل.

🕊️ ثانيًا: التأسيس والنشأة

تأسس مجمع ناصر الطبي ليكون مستشفىً مركزيًا متقدمًا يخدم جنوب قطاع غزة، ومع تعاقب السنوات تحوّل إلى أكبر مجمع طبي في الجنوب، يضم عددًا كبيرًا من الأقسام التخصصية، ويستقبل الحالات الطارئة والمعقّدة، ويُعدّ مستشفى الإحالة الرئيسي بعد مجمع الشفاء الطبي.

وقد حمل المجمع اسمه تخليدًا لرمزٍ عربي خالد هو« جمال عبد الناصر»، ليكون الاسم والرسالة عنوانًا للعروبة والإنسانية، ودلالةً على أن الطب في فلسطين جزء لا يتجزأ من معركة البقاء والصمود.

🩺 ثالثًا: الأقسام والخدمات الطبية

يقدّم مجمع ناصر الطبي خدماتٍ صحية شاملة ومتعددة، رغم شحّ الإمكانيات وقسوة الظروف، ومن أبرز أقسامه:

🔹 قسم الطوارئ والإسعاف على مدار الساعة.
🔹 أقسام الجراحة العامة، وجراحة العظام، وجراحة المخ والأعصاب، وجراحة الأطفال.
🔹 أقسام الباطنة العامة والتخصصية، بما يشمل أمراض القلب والجهاز الهضمي والصدرية.
🔹 أقسام النساء والتوليد، وحضانات الأطفال وحديثي الولادة (NICU).
🔹 قسم غسيل الكلى، الذي يُعدّ شريان حياة لمئات المرضى.
🔹 أقسام الأشعة والتشخيص الطبي، والمختبرات الطبية المتخصصة.
🔹 قسم العلاج الطبيعي والتأهيل الطبي.

وتعمل هذه الأقسام مجتمعة في ظروف استثنائية، وتحت ضغطٍ يفوق القدرة الاستيعابية، لكنها تُدار بكفاءات طبية فلسطينية عالية الخبرة والإيمان برسالتها الإنسانية.

🧑‍⚕️ رابعًا: الكادر الطبي… ملحمة إنسانية يومية

يمثّل الطاقم الطبي والتمريضي والإداري في مجمع ناصر الطبي نموذجًا فريدًا للتفاني والإخلاص. أطباء وممرضون يعملون لساعات طويلة دون انقطاع، بعضهم فقد منزله، أو أحد أفراد أسرته، ومع ذلك لم يغادر موقعه.

في هذا المجمع، لا يُقاس الزمن بالساعات، بل بعدد الأرواح التي أُنقذت، وعدد الجراح التي ضُمّدت، وعدد الأطفال الذين عادوا إلى أحضان أمهاتهم.

🚑 خامسًا: مجمع ناصر في زمن العدوان

خلال فترات العدوان الإسرائيلي المتكررة على قطاع غزة، تحوّل مجمع ناصر الطبي إلى ملاذٍ أخير للجرحى والنازحين، ومستشفى طوارئ مفتوح على مدار اللحظة.

تعرّض المجمع ومحيطه للاستهداف المباشر وغير المباشر، ونفدت الأدوية والمستلزمات الطبية، واشتد الحصار، لكنّ المستشفى لم يُغلق أبوابه، ولم يتخلَّ عن واجبه المهني والأخلاقي، ليبقى شاهدًا حيًا على جرائم الاحتلال بحق المدنيين والمنظومة الصحية الفلسطينية.

🕯️ سادسًا: الدلالة الوطنية والإنسانية

لم يعد مجمع ناصر الطبي مجرد مرفقٍ صحي، بل أصبح رمزًا للصمود الطبي الفلسطيني، ومرآةً تعكس حجم المعاناة التي يعيشها شعبٌ يُحارب حتى في حقه بالعلاج.

هنا، تختلط رائحة الدواء برائحة الدم، وتُكتب قصص الشهادة جنبًا إلى جنب مع معجزات النجاة والحياة.

🟥 سابعًا: سبب التسمية والرمزية السياسية

سُمّي مجمع ناصر الطبي تيمّنًا باسم الزعيم العربي الخالد جمال عبد الناصر، رئيس جمهورية مصر العربية (1956–1970)، وأحد أبرز رموز القومية العربية، والداعم التاريخي للقضية الفلسطينية.

وجاءت هذه التسمية لتُجسّد مرحلة عربية آمنت بالتحرر والوحدة ورفض الاستعمار، وليبقى اسم ناصر حاضرًا في وجدان الشعب الفلسطيني، شاهدًا على عمق الانتماء العربي للقضية الفلسطينية.

🕊️ خاتمة
🤍🤍🤍🤍
مجمع ناصر الطبي ليس مبنىً من إسمنت وحديد،
بل قلعة إنسانية،
ونبض مدينة،
وشاهد حقٍّ لا يموت.

من خانيونس، يواصل هذا الصرح الطبي أداء رسالته النبيلة، رغم القصف والحصار،
لأن الحياة في فلسطين… قرار لا يُؤجَّل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *